تفجيرات منبج وزيارة أحمد الشرع إلى أنقرة: مشروع تركيا في سوريا
بين تفجيرات منبج وزيارة الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يتكشف مشروع تركيا في سوريا عبر التأسيس لإقليم تركماني في المناطق المحاذية للحدود السورية، في ظل تخوفات الاتراك من المشروع الكردي في شمال شرق سوريا، وإصرار حكومة أردوغان على منع أي إقليم كردي في سوريا بينما تسعى لتأسيس إقليم تركماني.
التركمان في سوريا
التركمان جزء من الشعوب التركية، وتسعى عبر تركمان سوريا وعمليات التغيير الديمغرافي شمال سوريا والمناطق المحاذية للحدود التركية إلى تعظيم تواجد التركمان في هذه المناطق واستقطاب تركمان من خارج سوريا لتوطينهم في شمال سوريا.
تفجيرات منبج وزيارة أحمد الشرع إلى أنقرة
في أعقاب تفجيرات منبج الأخيرة، والتي استهدفت مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يزور الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. هذه الزيارة تأتي في إطار محاولات تركيا تعزيز نفوذها في سوريا عبر دعم المجموعات التركمانية، والتي تعتبر جزءاً من الشعوب التركية. وتشير التقارير إلى أن أنقرة تسعى لإنشاء إقليم تركماني في المناطق الشمالية السورية، خاصة في ظل مخاوفها من توسع النفوذ الكردي.
التركمان في سوريا
التركمان هم جزء من الشعوب التركية، ويقدر عددهم بنحو 3 ملايين نسمة من إجمالي سكان سوريا. نصفهم يتحدث اللغة التركية، بينما النصف الآخر يتحدث العربية. ويعيش التركمان في سوريا منذ العهد السلجوقي والعثماني، ويتواجدون في مناطق متعددة مثل حلب واللاذقية والرقة وحمص وحماة وطرطوس وإدلب ودمشق. تشير الإحصاءات إلى وجود 145 قرية تركمانية في محافظة حلب، و70 قرية في اللاذقية، و57 قرية في حمص، و30 قرية في حماة، بالإضافة إلى تواجدهم في مناطق أخرى.
التشكيلات المسلحة التركمانية
شاركت نحو 13 كتيبة تركمانية في الصراع السوري، وتشكل هذه التشكيلات رأس حربة تركيا في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية في مناطق مثل منبج. ومن أبرز هذه التشكيلات لواء السلطان محمد الفاتح، ولواء السلطان سليمان، ولواء السلاجقة، ولواء السلطان مراد، وكتيبة أنوار الحق. بعض هذه الألوية تعمل تحت قيادة الجيش السوري الحر، بينما يتبع البعض الآخر لتجمعات إسلامية.
التغيير الديمغرافي ودور تركيا
تعمل تركيا على تغيير الواقع الديمغرافي في شمال سوريا عبر تهجير العرب والأكراد وتوطين التركمان، بما في ذلك تركمان من خارج سوريا. وتشير التقارير إلى أن أنقرة تسعى لتوطين ما يصل إلى 5000 مقاتل تركماني في المنطقة، مع تدريبهم وتسليحهم من قبل الجيش التركي والمخابرات. هذه الخطوات تأتي في إطار سعي تركيا لإنشاء إقليم تركماني يعتمد على التركمان كقوة محلية تدعم النفوذ التركي.
انتهاكات حقوق الإنسان
منذ سيطرتها على مناطق مثل عفرين ورأس العين، ارتكبت الفصائل المدعومة من تركيا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإخفاء القسري، وحتى العنف الجنسي. وأفادت تقارير بأن نساء كرديات تعرضن للاغتصاب، كما تم احتجاز أطفال مع أمهاتهم في ظروف قاسية. هذه الانتهاكات تتم تحت إشراف القوات التركية، التي تتغاضى عنها بل وتشارك فيها بشكل مباشر.
إقليم تركماني في سوريا: المخطط التركي
بعد سقوط نظام بشار الأسد، بدأت الاستخبارات التركية بتنفيذ مخططاتها لإقامة إقليم تركماني في شمال سوريا. هذا المشروع يهدف إلى بسط سيطرة المجموعات التركمانية المتطرفة، وتبرير الوجود التركي تحت ذريعة حماية التركمان. على الرغم من أن التركمان يشكلون أقل من 1% من سكان شمال سوريا، إلا أن تركيا تسعى لتعزيز وجودهم عبر تهجير السكان الأصليين وتوطين تركمان من خارج سوريا.
التوسع العسكري التركي
شهدت المناطق الشمالية السورية، خاصة ريف اللاذقية، توسعا عسكريا تركيا كبيرا. بدأت أرتال الجيش التركي بالتوغل في مناطق جديدة، بما في ذلك القرى التركمانية والعلوية في جبل التركمان وجبل النسر وناحية كسب وبلدة ربيعة. هذا التوسع يعكس استراتيجية تركيا لترسيخ وجودها العسكري في سوريا، تحت ذريعة حماية الأقليات، بينما الهدف الحقيقي هو تعزيز النفوذ التركي.
تغيير الهوية
تقوم السلطات التركية برفع العلم التركي فوق المدارس والمساجد في القرى التركمانية، جنبا إلى جنب مع العلم التركماني الأزرق. هذا الأمر يعكس سياسة استيطانية تهدف إلى فرض هوية تركية على السكان المحليين، في محاولة لتحويل هذه المناطق إلى مناطق خاضعة تماما للنفوذ التركي. كما تم تنظيم احتفالات رسمية بمشاركة القوات التركية، ما يعكس رغبة أنقرة في ترسيخ وجودها الثقافي والعسكري.
مستقبل التركمان
تسعى تركيا عبر دعم المجموعات التركمانية وتغيير الواقع الديمغرافي في شمال سوريا إلى إنشاء إقليم تركماني يعزز نفوذها في المنطقة. هذا المشروع يأتي في إطار مخاوف أنقرة من المشروع الكردي، ورغبتها في منع أي كيان كردي مستقل. ومع ذلك، فإن هذه الخطوات تهدد سيادة الدولة السورية، وتعمق الأزمة عبر زيادة التدخلات العسكرية الأجنبية. في الوقت نفسه، تشهد المناطق الخاضعة للسيطرة التركية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ما يزيد من تعقيد المشهد السوري.