وزارة الدفاع الأمريكية تمدد خطط سحب القوات من سوريا
تواصل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) العمل على وضع خطط لسحب جميع القوات الأمريكية من سوريا، في إطار سياسة إدارة الرئيس دونالد ترامب الخاصة بالانسحاب التدريجي من بعض مناطق الشرق الأوسط.
هذا الإعلان يأتي في وقت حساس تتزايد فيه التحركات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وخاصة في العراق وسوريا، في أعقاب الهجمات والضربات الانتقامية ضد أهداف مرتبطة بإيران في كلا البلدين. ويُحتمل أن يكون هذا القرار ذا تداعيات واسعة على أمن المنطقة واستقرارها، لاسيما فيما يتعلق بمستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومكافحة تنظيم “داعش”.
القوات الأمريكية في سوريا
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في ديسمبر 2024 عن نشر حوالي 2000 جندي أمريكي في سوريا، وهو ما يزيد عن ضعف العدد الذي كان قد أُعلن عنه سابقًا (900 جندي). وتتمثل المهمة الرئيسية للقوات الأمريكية في سوريا في إضعاف تنظيم “داعش” ودعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في حربهم ضد التنظيم الإرهابي، وضمان عدم إعادة بناء ملاذات آمنة له في المنطقة.
ورغم أن القوات الأمريكية قد نفذت عدة عمليات نوعية ضد أهداف إرهابية في سوريا، فإن الحديث عن سحب القوات الأمريكية من المنطقة قد أثار تساؤلات حول التداعيات الأمنية والسياسية لهذا القرار.
التصريحات الأمريكية حول سحب القوات
وفقًا لتقارير نقلتها شبكة “NBC News”، أعرب الرئيس ترامب والمسؤولون المقربون منه مؤخرًا عن رغبتهم في سحب القوات الأمريكية من سوريا. وتعمل وزارة الدفاع الأمريكية حاليًا على وضع خطط لسحب هذه القوات خلال 30 إلى 90 يومًا، رغم أن ترامب قد أشار في تصريحات سابقة إلى أنه “لا يعرف من قال ذلك”، لكنه أكد أن “سوريا في حالة فوضى” وأن الولايات المتحدة لن تتدخل بشكل دائم في شؤونها.
وكان الرئيس ترامب قد صرح في وقت سابق أنه لا يرى ضرورة لمشاركة الولايات المتحدة في الصراع السوري، معتبراً أن “سوريا لديها ما يكفي من الفوضى”. هذا التصريح يأتي بعد تكثيف الضغوط العسكرية على إيران وحلفائها في المنطقة.
التداعيات العسكرية والإنسانية لانسحاب القوات الأمريكية
1. تأثير الانسحاب على الأمن الإقليمي
الانسحاب الأمريكي من سوريا قد يترتب عليه عدة آثار سلبية على الأمن الإقليمي، أبرزها:
- تقوية تنظيم “داعش”: تُعد قوات “قسد” التي تقودها الفصائل الكردية المدعومة من الولايات المتحدة القوة الرئيسية في محاربة “داعش” في المنطقة. ومع الانسحاب الأمريكي، قد تجد هذه القوات صعوبة في إدارة القتال ضد التنظيم دون دعم عسكري واستخباراتي أمريكي.
- السجون والمخيمات: تحتفظ قوات “قسد” بالعديد من السجون والمخيمات التي تحتجز فيها مقاتلي “داعش”. من دون الدعم الأمريكي، قد يتمكن هؤلاء المعتقلون من الهروب وإعادة تشكيل تنظيم “داعش”، مما يهدد استقرار المنطقة بشكل عام.
- التراجع في الدعم لقوات سوريا الديمقراطية: قد يسبب الانسحاب الأمريكي في تراجع الدعم لقوات سوريا الديمقراطية، التي تُعتبر حليفًا أساسيًا للولايات المتحدة في الحرب ضد “داعش”. ويُحتمل أن يؤدي هذا إلى انخفاض القدرة القتالية لـ “قسد” وتخليها عن المناطق المحتلة لصالح الفصائل الأخرى أو تنظيم “داعش”.
- إيران: قد يؤثر الانسحاب الأمريكي سلبًا بزيادة التهديدات الإيرانية في المنطقة. كما يمكن أن يشجع الانسحاب على تعزيز نفوذ إيران في المنطقة، وهو ما يثير القلق في اسرائيل.
- تركيا: الانسحاب الأمريكي يعني زيادة نفوذ تركيا في سوريا، مما يعقد أي جهود دولية لتحقيق الاستقرار.
وفي عام 2019، حاول ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، وهو ما لاقى اعتراضًا من وزير الدفاع آنذاك، جيمس ماتيس، الذي استقال احتجاجًا على القرار. وإذا تم تنفيذ الانسحاب، قد يواجه الجيش الأمريكي تحديات في تنسيق هذا الانسحاب مع الحلفاء المحليين والدوليين.
القرار قد يثير جدلاً داخليًا في واشنطن، خاصة في أوساط السياسيين العسكريين الذين يرون أن الانسحاب قد يؤدي إلى تراجع النفوذ الأمريكي في منطقة استراتيجية.