إثيوبيا وإسرائيل توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات المياه والطاقة
وقعت إثيوبيا وإسرائيل في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مذكرة تفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون المشترك في مجالات موارد المياه وتنمية الطاقة، وهو ما يراه المراقبون رد حكومة آبي أحمد على تحركات مصر في الصومال مع استمرار الخلافات على سد النهضة.
تم توقيع الاتفاقية بين وزير المياه والطاقة الإثيوبي المهندس هابتامو إيتيفا ووزير الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلي إيلي كوهين، وذلك خلال حفل رسمي حضره كبار المسؤولين من البلدين.
محتوى الاتفاقية وتفاصيل التعاون
تستهدف مذكرة التفاهم تطوير التعاون بين إثيوبيا وإسرائيل في مجالات رئيسية تشمل استكشاف واستخراج المياه الجوفية، تقنيات معالجة مياه الصرف الصحي، وتنمية مشاريع الطاقة المتجددة. الوزير الإثيوبي هابتامو إيتيفا أكد خلال حفل التوقيع أن هذه الاتفاقية تمثل فرصة مثالية لتعزيز التعاون بين البلدين في مشاريع حيوية، حيث تساهم في تلبية احتياجات إثيوبيا المتزايدة في مجالات المياه والطاقة.
وقال إيتيفا إن “مشاريع توليد الطاقة الشمسية في المناطق الريفية الإثيوبية تمثل أولوية هامة، وأن تعاوننا مع إسرائيل في هذا المجال سيعزز قدرة إثيوبيا على تحقيق تنمية مستدامة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة”.
فرص للمؤسسات الإسرائيلية
من جهته، أشار وزير الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلي، إيلي كوهين، إلى أن الاتفاقية تتيح للمؤسسات الإسرائيلية فرصة هامة للمشاركة في بناء القدرات وتبادل المعرفة مع إثيوبيا. وأكد كوهين أن هذا التعاون سيسهم بشكل كبير في تعزيز القدرات المحلية في قطاعي المياه والطاقة في إثيوبيا، مما يؤدي إلى تحقيق نتائج ملموسة على الأرض في مجالي الاستدامة البيئية والتنمية الاقتصادية.
وأضاف كوهين أن “إسرائيل تمتلك خبرات متقدمة في مجالات تقنيات المياه والطاقة، ونتطلع إلى العمل بشكل وثيق مع الحكومة الإثيوبية لتحقيق نتائج إيجابية في هذه المجالات الحيوية”.
دور الطاقة المتجددة في التعاون
وتعتبر الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، من أبرز مجالات التعاون بين البلدين في إطار هذه الاتفاقية. تشير التقارير إلى أن إثيوبيا، التي تتمتع بإمكانيات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية، يمكنها الاستفادة من الخبرات الإسرائيلية في هذا المجال لتطوير مشاريع طاقة نظيفة مستدامة، سواء في المناطق الريفية أو الحضرية.
كما تتضمن الاتفاقية التعاون في بناء منشآت معالجة المياه، وهي خطوة هامة لتعزيز قدرة إثيوبيا على مواجهة تحديات المياه في ظل النمو السكاني السريع والتغيرات المناخية. تعد تقنيات معالجة مياه الصرف الصحي جزءا أساسيا من هذا التعاون، حيث تهدف إلى تحسين جودة المياه وتوفير حلول فعالة للمشاكل البيئية المتعلقة بالمياه في إثيوبيا.
آفاق التعاون المستقبلي
رد إثيوبي على التحركات المصرية في الصومال: تعد هذه الاتفاقية مع إسرائيل بمثابة رد فعل من حكومة آبي أحمد على التحركات المتزايدة لمصر في الصومال، والتي تعتبرها أديس أبابا جزءا من محاولة لتقليص النفوذ الإثيوبي في منطقة القرن الأفريقي. حيث تعمل مصر على تعزيز علاقاتها مع الصومال من خلال تقديم الدعم المالي والتقني، في محاولة للضغط على إثيوبيا فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة الذي يثير خلافات طويلة الأمد بين الدولتين.
ويرى المراقبون أن هذه الاتفاقية تمثل جزءا من استراتيجية إثيوبيا للتوسع في علاقاتها مع دول أخرى، وتحديدا مع إسرائيل، التي لها خبرة واسعة في مجالات المياه والطاقة، وهو ما من شأنه أن يعزز موقف إثيوبيا في مواجهة الضغوط الخارجية. كما يشير البعض إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى تقوية الموقف الإثيوبي في المفاوضات المقبلة حول سد النهضة، وسط تصاعد القلق المصري من استكمال بناء السد.
إسرائيل شريك استراتيجي في مجالات الطاقة والمياه
يعتبر التعاون مع إسرائيل في مجالات المياه والطاقة أحد العناصر الأساسية في سياسة إثيوبيا التي تسعى إلى تحقيق تنمية مستدامة في هذه القطاعات. فقد أثبتت إسرائيل ريادتها في مجال التقنيات الحديثة المتعلقة بإدارة المياه، خصوصا في معالجة المياه الجوفية وتحلية المياه، وهو ما يعكف العديد من الدول على الاستفادة منه في مواجهة أزمات المياه.
كما تسعى إسرائيل من خلال هذه الاتفاقية إلى توسيع نفوذها في منطقة القرن الأفريقي، التي تشهد اهتماما متزايدا من القوى العالمية، خاصة مع تزايد أهمية المنطقة في سياق التحديات البيئية والتغير المناخي.
خلافات سد النهضة تظل تهدد الاستقرار الإقليمي
تأتي هذه الاتفاقية في وقت حساس للغاية، حيث لا يزال الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي يتصدر المشهد السياسي الإقليمي. فقد شهدت العلاقة بين إثيوبيا ومصر توترات شديدة منذ بدء بناء السد عام 2011، فيما تواصل مصر تحذيراتها من أن السد قد يؤثر بشكل كبير على حصتها من مياه نهر النيل.
وفي ظل هذه التوترات، تواصل إثيوبيا بناء السد الذي تعتقد أنه سيعزز قدرتها على توليد الكهرباء وتلبية احتياجاتها من الطاقة، بينما تصر مصر على ضرورة ضمان تدفق المياه بشكل مستدام، وهو ما يعيق التوصل إلى اتفاق دائم بشأن إدارة السد.
مستقبل التعاون بين إثيوبيا وإسرائيل
بينما يعتبر البعض أن التعاون الإثيوبي-الإسرائيلي في مجالات المياه والطاقة سيكون له تأثير إيجابي على تنمية إثيوبيا، فإن توقيع هذه المذكرة قد يزيد من تعقيد العلاقات مع دول أخرى في المنطقة، وخاصة مصر والسودان. ومن المتوقع أن يتابع المراقبون في الأيام المقبلة ردود فعل القاهرة على هذه الاتفاقية، والتي قد تفتح جبهات جديدة من التوترات الدبلوماسية في المنطقة.