أحكام ثقيلة بحق شخصيات سياسية وإعلامية في تونس
أصدرت المحكمة التونسية اليوم الأربعاء، أحكاما ثقيلة بحق عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية بتهم تتعلق بالاعتداء على أمن الدولة، في مقدمتها الحكم بسجن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي 22 عاما، ورئيس الحكومة الأسبق هشام المشيشي لمدة 35 عاما. هذه الأحكام التي طالت أيضا صهر الغنوشي، رفيق بوشلاكة، ونجله معاذ، بالإضافة إلى عدد من القيادات الأمنية، تأتي في سياق قضية “أنستالينغو” التي تسببت في جدل واسع في البلاد.
تفاصيل القضية
تعود هذه القضية إلى أكتوبر 2021، عندما أوقفت السلطات التونسية موظفين في شركة “أنستالينغو” المختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي. ووجهت إليهم اتهامات متعددة تشمل “التآمر ضد أمن الدولة الداخلي، ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة قيس سعيد، الجوسسة، وغسيل الأموال”، بالإضافة إلى تهم أخرى تتعلق بإثارة الهرج والقتل والسلب.
كما تم اتهام البعض منهم بتوظيف التسهيلات المهنية في مشاريع تسعى لتغيير هيئة الدولة أو تأجيج النزاعات الداخلية.
الأحكام الصادرة
إلى جانب الغنوشي والمشيشي، قضت المحكمة بالسجن لفترات طويلة بحق العديد من المتهمين في القضية. وكان من بين المدانين صهر الغنوشي رفيق بوشلاكة (34 عاما)، وابنه معاذ الغنوشي (35 عاما)، بالإضافة إلى القيادات الأمنية السابقة مثل المدير السابق للمخابرات لزهر لونقو الذي حكم عليه بـ 15 عاما، والناطق الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي الذي حكم عليه بـ 13 عاما. كما شملت الأحكام صحفيين ومدونين.
رد حركة النهضة
في بيان رسمي صادر عن حركة النهضة، وصفت الحركة هذه الأحكام بأنها “محاكمة سياسية ظالمة”، مؤكدة أن ما جرى ليس سوى خطوة أخرى من قبل السلطة التونسية في تشديد قبضتها على المعارضة السياسية وتقييد الحريات.
وأضافت الحركة أن الإجراءات شابتها العديد من المخالفات القانونية مثل منع المحامين من الترافع عن بعض المتهمين، وعدم وجود أدلة مادية أو معنوية تدين العديد من المدعى عليهم.
موقف الغنوشي
راشد الغنوشي، الذي يعد أحد أبرز الشخصيات السياسية في تونس ورئيسا سابقا للبرلمان، أعلن أنه سيقاطع جميع إجراءات المحاكمة مؤكدا أنها لا علاقة لها بالقضاء المستقل أو المحايد. الغنوشي وصف المحاكمة بأنها جزء من مسلسل سياسي يهدف إلى تصفية الحسابات مع معارضيه، مؤكدا أن القضايا التي يتم التهم بها لا ترتكز على أي أدلة قانونية.
الاحتجاجات والتداعيات السياسية
القرار القضائي لاقى ردود فعل غاضبة من العديد من القوى السياسية والنشطاء. فقد وصف رئيس حركة “النهضة” وأعضاء بارزون آخرون في المعارضة السياسية هذه الأحكام بأنها تعبير عن السياسة الانتقامية التي ينتهجها النظام في تونس، والتي تزيد من تأزيم الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد. وطالبت بعض الشخصيات السياسية بالتراجع عن هذه الأحكام، مشيرة إلى أن تونس بحاجة للحوار والمصالحة الوطنية أكثر من أي وقت مضى.
الاستمرار في الصراع السياسي
يتصاعد الصراع السياسي في تونس في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، حيث يعاني الشعب التونسي من فقدان أساسيات الحياة اليومية بسبب السياسات الحكومية. ويعتبر قرار المحكمة في قضية “أنستالينغو” بمثابة تصعيد جديد في الأزمة السياسية، ويثير تساؤلات حول استقلالية القضاء في تونس وحياده. واعتبرت الحركة أن هذه الأحكام تعيد البلاد إلى حقبة طواها الشعب التونسي بفضل ثورته، مشيرة إلى أن الشعب التونسي ما زال يتوق إلى الحرية والكرامة.