عقب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم بحضور العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، تداول رواد التواصل الاجتماعي مشهد مؤثر من المسلسل الأمريكي Hell On Wheels.
المسلسل الامريكي الذي يعد وثيقة اعتراف مخزية يجسد كيف يعيد التاريخ الاستبدادي لأمريكا نفسه بمحاولات السيطرة على الشعوب، مؤكدا أن هذه المرة… الفلسطينيون لن يُنقلوا إلى محميات، ولن يُجبروا على ترك أرضهم!
لقد نسي ترامب أن الفلسطيني هو عامل تغيير وثورة أينما حل، ونسي أيضا السمات الشخصية للفلسطيني ونفسيته وآماله وطموحاته وقدرته على التكيّف مع كل الظروف، فهذا الفلسطيني الذي تحمّل 15 شهرا من القصف بالقنابل والقذائف أمريكية الصنع، الذي تحمّل التدمير لكل جوانب الحياة، وكل أنواع الإبادة، وخبِر كل أنواع التهجير والنزوح واللجوء التي بلغت أحيانا أكثر من 25 مرة مُتنقلا من منطقة إلى أخرى ضمن مساحة 365 كم مربعا هي الأكثر كثافة في العالم، والموت يحيط به من كل جانب، تارة يحمل خيمة وتارة يحمل جسدا مكفنا ابنه أو ابنته.
ويعرف الهنود الحمر، بانهم شعوب وقبائل استقرت في أميركا لآلاف السنين، قبل أن يسحقهم مستوطنون ومهاجرون أوروبيون اغتصبوا أرضهم وأقاموا عليها ما يسمى حاليا الولايات المتحدة الأميركية، وغيّروا في الوقت ذاته التركيبة السكانية والهوية الثقافية لأميركا الجنوبية.
على الرغم من المفاجأة التي شكلتها هذه تصريحات ترامب ، فإن هكذا خطوات ليست غريبة أبدا عن ترامب الذي سبق أن اعترف بضم الجولان السورية إلى “إسرائيل”، والاعتراف بالقدس عاصمة لها، ونقل السفارة إليها.
إن إصرار ترامب على هذا التهجير القسري وبهذه الظروف، يؤكد مما لا يدعو للشك مشروع ترامب الاستثماري الاقتصادي لصالحه ولصالح دولة الكيان، وتأكيدا للوثيقة التي كشفت عنها الاستخبارات الإسرائيلية المتعلقة بخطط التهجير للفلسطينيين من غزة.
ووثائق بريتش غاز التي تحدثت عن الكميات المهولة للغاز ذي النوعية النادرة الموجودة في بحر غزة مارين قبالة مخيم النصيرات، التي تقدر بمليارات الدولارات، وكذلك الوثائق التي كشف عنها معهد إنسبكت الأمريكي “Inspect”، والتي تحدثت عن خطط التهجير القسري.
اما بخصوص الإبادة في غزة وتهديد ترامب بأنه سيفتح باب الجحيم، اتهمت مقررة أممية، في وقت سابق، الولايات المتحدة الأمريكية بتمويل “الإبادة الجماعية” بحق سكان غزة، والتي كان آخرها استخدام الاحتلال الإسرائيلي قنابل ذكية أمريكية تسببت بمجزرة في مدينة غزة.
وقالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز: إن “التمويل الأمريكي للإبادة الجماعية الإسرائيلية يتزايد مع استخدام الأخيرة قنابل أكثر فتكاً، تسببت بتقطيع جثث مذبحة مدرسة التابعين بمدينة غزة”.
ونقلت وكالة “الأناضول” عن ألبانيز قولها: إن “التعرف على جثث مذبحة مدرسة التابعين بغزة يتم الآن من خلال الوزن (كل كيس يزن 70 كغ يساوي شخصاً بالغاً واحداً)”، على حد تعبيرها.
ومع مطلع القرن الـ16 بدأت العديد من الدول الأوروبية -وبالذات إسبانيا والبرتغال وبريطانيا وفرنسا وهولندا- استغلال الموارد الطبيعية في أميركا واستعباد سكانها وتهجيرهم من المناطق المهمة.
وعلى امتداد سنوات، تقاسمت الدول الأوروبية النفوذ والموارد في هذه الأرض. وفي فترات لاحقة اشتد التنافس بين فرنسا وبريطانيا وعملت كل منهما على شراء ولاء السكان الأصليين.
وإلى جانب فرنسا وبريطانيا، أقامت السويد والدانمارك وهولندا مستعمرات على هذه الأرض وعلمت على استنزاف ثرواتها الهائلة ومضايقة سكانها الأصليين وتهجيرهم.
وأما أميركا الجنوبية فكانت من نصيب البرتغال وإسبانيا، وعملت الدولتان على تأسيس مراكز تجارية واستغلال الموارد واستخراج الكنوز وفرض الضرائب على السكان الأصليين، وكان لهاتين الدولتين حضور أيضا في أميركا الشمالية.
واستمرت ثورات السكان الأصليين حتى 29 ديسمبر/كانون الثاني عام 1890، حيث ارتكب الجيش الأميركي مذبحة “الركبة الجريحة” في منطقة “ساوت داكوتا”.
فقد قتل الجيش الأميركي مئات من المدنيين العزل وبينهم النساء والأطفال، وشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف السكان الأصليين، مما أدى إلى سحق مقاومتهم وتمكين الأميركيين الجدد من فرض سلطتهم على كل ما يسمى حاليا الولايات المتحدة الأميركية.
ومن الواضح تماما، أن الجحيم الذي وعد به الرئيس الأمريكي رونالد ترامب الشرق الأوسط قد بدأ فعلا في غزة؛ مانحا النعيم لمجرمي الكيان الصهيوني، ليكشف بذلك ليس عن انحياز أمريكي كامل “لإسرائيل” فحسب، بل عن شراكة مع الفاشية النازية الجديدة المتمثلة بنتنياهو وحكومة المتدينين اليمنيين.
هذا الجحيم ظهر من خلال تصريحات ترامب والقاضية بالسيطرة على قطاع غزة، وتهجير سكانه قسريا إلى مصر والأردن اللذين رفضا هذا الطرح، ضاربا عرض الحائط بالقانون الدولي الإنساني وإعلان حقوق الإنسان، وتجاوزا لكل قيم ومبادئ الأمم المتحدة؛ مما يعد تطهيرا عرقيا وجريمة حرب ضد الفلسطينيين بقوله: “الفلسطينيون ليس لهم سبيل سوى مغادرة غزة”، وهذا ما يعكس العقلية الاستعمارية الاحتلالية الإجلائية العدوانية.
ويشكل من جهة أخرى، اعتداء صارخا على سيادة الدولتين مصر والأردن عندما هدد بقوله: “أريد أن أرى مصر والأردن تستقبلان فلسطينيين من غزة”، وكان قد أكد تهديده هذا قائلا: “سيفعلان ذلك”، وهذا ما يشير أيضا إلى اللغة الاستعلائية والغطرسة والعنجهية الأمريكية المتجاوزة لكل الأعراف والمواثيق التي تحترم سيادة الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها.