لا تزال أصداء تأجيل زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن لإشعار آخر تثير التساؤل، خصوصا ان مصر تؤكد أنها لن تخصص قطعة أرض ليعيش فيها سكان غزة، والقاهرة غاضبة من تصريحات إسرائيل وأميركا وأرسلت رسالة واضحة لواشنطن.
ولفتت مصادر “المنشر” الى ان مصر طالبت واشنطن بتوضيحات عن تصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترمب بشأن فرض عقوبات، ومصر لديها خطتان لإعادة إعمار غزة من دون إخراج سكانها.
وبرزت مؤشرات إلى إرجاء زيارة السيسي إلى واشنطن، في ضوء الإفادات «المتشائمة» التي يرسلها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الموجود في العاصمة الأميركية.
وبحسب مصادر مصرية، ترتبط تلك الإفادات بغياب رؤى واضحة لدى واشنطن في الوقت الحالي في ما يخص قطاع غزة، وعدم التوصل إلى أي إجابات حاسمة، وهو ما زاد من التعقيدات السيناريوات المطروحة للعلاقات المصرية – الأميركية.
وكانت المخابرات المصرية شكّلت لجنة مشتركة مع عدة جهات لبحث طرق التعامل مع أي قيود أميركية، على أن تقدّم تقريراً إلى السيسي خلال أيام.
ويقول مسؤول مصري إن ما جرت مناقشته، في اليومين الماضيين، تناول «السيناريوات البديلة في حال تصاعد الضغوط الأميركية والتي قد تشمل وقف المساعدات، إذا ما استمر الرفض المصري المعلن للمخططات الأميركية».
ويوضح المسؤول أن «هذه التصورات لا تندرج في إطار مصري فقط، ولكن في إطار أوسع مدعوم من الجامعة العربية التي سيكون منوطاً بها لعب دور أكبر في الأسابيع المقبلة».
وإلى جانب ما تقدّم، تتحرك القاهرة بتنسيق أمني واستخباراتي مع السعودية بشكل أساسي، وهو تحرّك يستهدف تقديم مقترح مصري للتعامل مع الوضع في قطاع غزة.
بالإضافة إلى تبنّي «جامعة الدول العربية» مقترحاً مشابهاً للمقترح المصري، خلال قمة القاهرة في الـ27 من الشهر الجاري، على ألّا يتم تقديم الطرح المصري إلا بعد التوافق مع المقاومة والسلطة الفلسطينيتين.
وتقترح القاهرة منح وقت أطول لتسوية الخلاف الفلسطيني – الفلسطيني، عبر التوافق على فترة انتقالية تمهّد لإجراء انتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
على أن تكون الأوضاع في الأخير على ما هي، «ريثما يتم إجراء الانتخابات تحت إشراف السلطة وبمشاركة من المقاومة بصورة لا تستفز الإدارتين الأميركية والإسرائيلية».
وعلى رغم عدم التوافق على الفترة الانتقالية التي قد تمتد لعامين أو أكثر، ترى مصر أن المضي قدماً في هذه الخطة سيكون الأفضل، في ظل تعثّر المصالحة الفلسطينية حتى الآن».
وبحسب مسؤول سعودي تحدّث إلى «الأخبار»، فإن الأولوية في الوقت الحالي ليست لزيارة البيت الأبيض من قبل المسؤولين العرب أو ترتيب موعد لزيارة ترامب إلى السعودية – والتي قد تشمل لقاءات مع قادة عرب أيضاً -، ولكن لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة ومنع انهيار التهدئة.
ويشدد المسؤول على أن اللقاءات مع الجانب الأميركي حول غزة «لا يمكن أن تتم من دون بلورة موقف واضح ليكون أساساً للنقاش».
مؤكداً أن الدعم السعودي لعملية إعادة الإعمار «لا يمكن الحديث عنه من دون توافر أسس للتهدئة المستدامة، وهو ما سيجري الحديث عنه بشكل واضح لمنع تكرار أخطاء الماضي».
ويضيف أن إعادة الإعمار المخطّطة لا يمكن دعمها سعودياً «من دون وجود الفلسطينيين داخل أراضيهم والتوافق على التهدئة المستدامة».
أستاذ علاقات دولية؛ تأجيل زيارة السيسي لأجل غير مسمى لواشنطن رسالة واضحة بأن القاهرة لن ترضخ للضغوطات الأميركي.
ملامح التصور المصري في إعادة إعمار غزة تعتمد على خطة ضاغطة تدفع باتجاه إعادة الإعمار في مدة لا تتجاوز الـ3 سنوات من دون تهجير الفلسطينيين.دبلوماسي مصري: على المجتمع الدولي دعم الرؤية المصرية فيما يتعلق بغزة، لأن تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم تعد بمثابة إخلال بالنظام الدولي.
إلى أين ستذهب العلاقات المصرية الأميركية؟ سؤال بات يؤرق الكثير من المصريين في هذه الأثناء، خصوصا مع تصاعد وتيرة الخلافات بين القاهرة وواشنطن والتي تعد الأشد فتوراً خلال العقود الثلاثة الماضية، على خلفية القضية التي أصبحت حديث العالم أجمع (تهجير الفلسطينيين) من قطاع غزة، والتي لطالما رغب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تمريرها رغم الموقف المصري المتصلب في رفضها.
وعلى ما يبدو أن تلك الخلافات التي أفرزتها في المقام الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة مؤخراً لم تعد متوارية، وتجلى ذلك في أمور عدة بدأت برفض مصر القاطع لخطة ترامب في نقل الفلسطينيين إلى سيناء، ومروراً بتهديد ترامب نفسه بقطع المساعدات التي ترسلها بلاده للقاهرة، ووصولاً إلى تأجيل زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الولايات المتحدة الأميركية والتي كان مقرراً لها الأسبوع المقبل إلى أجلٍ غير مسمي.
تلك التطورات المتلاحقة بالعلاقات المصرية الأميركية فرضت نفسها وبقوة على الداخل المصري، فما بين التهديد بقطع المساعدات الأميركية للقاهرة، وتأجيل زيارة السيسي لواشنطن لأجل غير مسمى.
برزت العديد من التساؤلات في الأوساط المصرية المختلفة حول مدى تأثير كل هذه الأحداث المتسارعة على استمرار العلاقات بين القاهرة وواشنطن خلال المرحلة المقبلة؟ وكيف ستتشكل ملامحها في ظل الصدام الحاصل بين البلدين في هذه الأثناء؟
ترامب يرغب في فرض واقع على مصروإزاء الإجابة عن التساؤلات التي تدور في أذهان المصريين في تلك الفترة فيما يتعلق بالتطورات الحاصلة في العلاقات المصرية الأميركية.
يقول أستاذ العلاقات الدولية الدكتور حامد فارس إن:المشهد بشكل عام مرتبك ومعقد، ويحتاج إلى الكثير من الحرص والحكمة في التعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة التي ترغب في فرض واقع جديد على المنطقة وبالأخص على الدولة المصرية.
القاهرة كانت حريصة على إيجاد أفق سياسي ودبلوماسي يفضي إلى تنفيذ مبدأ حل الدولتين مع الإدارة الأميركية، على اعتبار أن ذلك هو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.ووفقاً لفارس فإن تأجيل زيارة الرئيس السيسي إلى البيت الأبيض ولقائه بالرئيس الأميركي ترامب.
تأتي بواقع أنه لا يمكن مطلقاً أن يتم بحث ملف التهجير في أي جدول أعمال سيكون مقترحا في هذه الزيارة، وبالتالي فإن القاهرة تؤكد على ثوابتها في دعم القضية الفلسطينية وبرفض التهجير القاطع، وأنها ستقوم بإعادة إعمار قطاع غزة، ولكن بشرط وحيد وهو بقاء الفلسطينيين على أراضيهم وعدم تهجيرهم.
تأجيل زيارة السيسيتأجيل زيارة السيسي لواشنطن لأجل غير مسمى عدّها أستاذ العلاقات الدولية، بأنها تأتي في سياق رسالة واضحة مفادها أن القاهرة لن ترضخ للضغوطات الأميركي غير الشرعية، والتي ترغب من خلالها الولايات المتحدة بتصفية القضية الفلسطينية، في ظل إصرار ترامب على تنفيذ مقترحه الذي يتعارض مع القرارات الدولية وقرارات مجلس الأمن ومع انضمام إسرائيل إلى الأمم المتحدة .
خصوصا وأنها انضمت بموجب 3 شروط من أبرزها:اعتراف إسرائيل بدولة فلسطينية وهو ما لم يحدث حتى هذه اللحظة، وبالتالي فإن القاهرة لن تسمح بأي حال من الأحوال بتصفية القضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطيني أو حتى على حساب دول الجوار.
وأشار فارس إلى وجود ارتياح كبير في الداخل المصري، سواء في الأوساط السياسية المختلفة أو حتى في الشارع من تأجيل زيارة السيسي إلى واشنطن، وهو ما يؤكد وبشكل واضح وقاطع على الدعم الشعبي الكبير الذي يقدمه الشعب المصري لقيادته السياسية، وذلك فيما تتخذه من قرارات بعدم نجاح الولايات المتحدة الأميركية بدعم إسرائيل في تنفيذ مخططاته الرامية إلى القضاء على القضية الفلسطينية.
ومن جهته، أوضح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي، أن بلاده في هذه الفترة تقوم بوضع خطط واضحة لعرضها على المجتمع الدولي، والذي عليه أن يدعم الرؤية المصرية في عدم تصفية القضية الفلسطينية، باعتبار أن تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم تعد بمثابة إخلال بالنظام الدولي، الذي من الممكن أن يؤدي إلى اضطرابات كبيرة سواء في المشهد الإقليمي أو حتى على المستوى العالمي.
ويرى بيومي أن رفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين، يظل هو الاختيار الأفضل والأقل كلفة من الاتجاهات كافة سواء السياسية أو الأمنية، ومن ثم ستظل مصر تقاوم هذا المخطط بكافة الوسائل لأن مخاطره ستكون له تداعيات كبيرة على الدولة المصرية برمتها، مشدداً على أن التهجير يعد اعتداءً على سيادة دولة وحدودها.
تلويح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتعليق مساعدات بلاده إلى مصر والتي تقدر بنحو 1,3 مليار دولار دعماً اقتصادياً وعسكرياً حال لم تقبل بتهجير الفلسطينيين إليها، وصفها الدبلوماسي المصري بالهراء الذي لا قيمة له، مشيراً إلى:هذه المساعدات ليست فضلاً من الإدارة الأميركية لمصر، بل هي جزء من اتفاق السلام المعروف باتفاقية كامب ديفيد الموقع بين مصر وإسرائيل.
إلغاء بند المساعدات أو الإخلال به يعطي الحق لمصر في مراجعة الاتفاق برمته.المساعدات الأميركية والأوروبية يمثلان 2% فقط من الناتج القومي المصري.
وكشف بيومي أن حجم الأموال الموجهة من مصر إلى أميركا وأوروبا أكثر بشكل ملحوظ من المساعدات الأوروبية والأميركية، مؤكداً أن كل دولار تقدمه أميركا لمصر من مساعدات تشتري مصر في مقابله صادرات أميركية بـ77 دولارا.
ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية الدكتور حامد فارس أن هذه الفترة تمثل مفترق طرق في تاريخ العلاقات المصرية الأميركية.
وأن الحديث عن استمرار التوتر حيال هذه العلاقات هو متوقف على كيفية تعاطي الإدارة الأميركية الحالية مع الرؤية المصرية في رفض تصفية القضية الفلسطينية، خصوصا أن:الولايات المتحدة الأميركية ومن خلال الطرح الذي يقدمه رئيسها دونالد ترامب، وكأنه يملي شروطا على الجميع ويجب عليهم الانصياع إلى الرغبات الأميركية.دون أن يكون هناك أي نوع من التفاهم السياسي والدبلوماسي أو حتى الرؤية الشاملة التي تنظر إليها الدول العربية والإسلامية والعالم أجمع من رفض تهجير الفلسطينيين وموت قضيتهم العادلة.
هناك رغبات متزايدة من قبل إسرائيل لاستغلال هذه الأحداث لمحاولة فرض واقع جديد سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة.
وأوضح فارس أن العلاقات المصرية الأميركية من المفترض أنها تاريخية وإستراتيجية وقوية ولكن الآن السياسية التي تنتهجها الإدارة الأميركية الجديدة من الممكن أن تؤدي إلى ضعف هذه العلاقات بل وتزداد سوء خلال الفترة القادمة إذا استمرت باتباع نهج سياسة الضغط القصوى على القاهرة لتهجير الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية في ظل تأكيد مصر مراراً وتكراراً أنها لن تسمح بتهديد أمنها القومي والقفز على السيادة المصرية وأن أي مساس بالحدود المصرية يمثل انتهاكا صارخا وجسيما للقوانين الدولية ولن تقبل به القاهرة بأي حال من الأحوال.
وفي الوقت الذي ما زال يواصل فيه ترامب الضغط من أجل تنفيذ مخطته للسيطرة على غزة ونقل سكانها إلى مصر والأردن، تعهدت مصر بطرح تصور كامل لإعادة إعمار غزة يضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم.
وذلك عبر بيان رسمي أصدرته الخارجية المصرية أمس الثلاثاء.أكدت فيه أن مصر تجدد التزامها طرح تصور متكامل لإعادة إعمار القطاع، وبصورة واضحة وحاسمة تضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، وبما يتسق مع الحقوق الشرعية والقانونية لهذا الشعب.
وحول هذا التصور الذي لم تكشف الخارجية المصرية عن ملامحه بعد، أوضح فارس أن:القاهرة لديها خطة ضاغطة تدفع باتجاه إعادة إعمار قطاع غزة في أقرب فرصة ممكنة دون تهجير الفلسطينيين، وتملك القدرة الكبيرة ومن خلال شركاتها المهمة في مجال العقارات، على إعادة بناء قطاع غزة وإعادة إعماره في مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات مع بقاء السكان في أراضيهم وعدم خروجهم منها.
فيما أكد الدبلوماسي المصري جمال بيومي أن الرؤية المصرية فيما يتعلق بإعادة إعمار غزة تتناقض تماماً مع التصريحات الأميركية، التي أكدت أن القطاع يحتاج ما لا يقل عن 15 عاماً من أجل إعادة الإعمار، لافتاً أن أميركا تسعى من وراء تصريحاتها تلك إيصال رسائل سلبية، وخلق تأثيرات نفسية على السكان لترك أراضيهم واستحالة العيش باستمرار سياسة الأرض المحروقة وعدم تقديم الخدمات للشعب الفلسطيني.
وتشهد العلاقات المصرية الأميركية في هذه الفترة توترات شديدة، بسبب ملف تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة الذي يدعمه وبقوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وترفضه الدولة المصرية بشكل قاطع نظراً لتداعياته الخطيرة على أمنها القومي.