“عليكم التنحي لمصلحة الفلسطينيين”.. تلك كانت رسالة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط التي وجهها إلى حماس بشأن تطورات الأوضاع في غزة، فيما طرح المراقبون علي أبو الغيط سؤالا محرجا حول ما إذا كان يضمن الا ترتكب إسرائيل بعدها المجازر؟
ولنبدأ بسؤال حرج عن دور جامعة الدول العربية في حماية غزة من عدوان جيش الاحتلال، وما الذي قدمته؟ وما الغاية من وجودها في ظل استمرار الحرب على القطاع، وعلى الشعب الفلسطيني الذي تجاوز عدد الشهداء فيه 50 ألفًا؟
أسئلة عسيرة تصعب الإجابة عنها من طرف أعضاء هذه الجامعة، التي تحولت إلى جسد بلا روح، في حين أن كل المؤشرات تؤكد أن لا دور لهذه الجامعة، ولا مكانة ولا قوة لها على المستوى الدولي في اتخاذ قرار فعال، لوقف التهجير القسري للشعب الفلسطيني وإبادته أمام أنظار عالم متوحش لا يؤمن إلا بالقوة.
العدوان الذي تواصل بشكل همجي على غزة طوال 14 شهرا، واستمر في حصد أرواح الأبرياء، وتواصل ارتفاع عدد الشهداء من الأطفال والنساء، ومعه استمرت عملية الحصار والتجويع، والدول الأعضاء في الجامعة تكتفي بإصدار بلاغات وبيانات فارغة، لا تسمن ولا تغني من جوع.
ما يدل على أن هذه المنظمة في أرذل عمرها، وتعيش موتًا سريريًا، وبعيدة عن هموم محيطها العربي والجيوسياسي، ولم تقدم أي إضافة في الحروب التي شهدتها دول الشرق الأوسط وأفريقيا.
أبو الغيط استيقظ متأخرا ورفض أي خطط لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، محذرا من أن ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقود الشرق الأوسط إلى “خلاف شديد”، وستسبب “أزمة دولية”.
جاء ذلك خلال حوار، الأربعاء، ضمن فعاليات القمة العالمية للحكومات 2025 في دبي، وفق إعلام مصري.
والثلاثاء، انطلقت القمة تحت شعار “استشراف حكومات المستقبل”، وتستمر حتى 14 فبراير/ شباط الجاري، بمشاركة 30 رئيس دولة وحكومة و140 وفدا حكوميا و400 وزير و6 آلاف مشارك، بجانب 200 جلسة حوارية و80 منظمة دولية وإقليمية ومؤسسة عالمية، بحسب معلومات نشرتها وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.
وقال أبو الغيط: “نرفض أي خطط لإخلاء الأراضي الفلسطينية من سكانها ويجب تحقيق تسوية مقبولة بين الطرفين”.
وأضاف: “إذا مضى ترامب في الضغط على الأطراف العربية والفلسطينية فإنه يقود الشرق الأوسط إلى دورة جديدة من الخلاف الشديد”.
وأكد أن “مخطط تهجير الفلسطينيين سيتسبب في مشكلة للعالم بأسره، فهو ليس فقط ظلمًا لا يمكن أن يتحمله التطور الإنساني بل سيصير مشكلة وأزمة دولية”.
ولفت إلى أن المخطط “سيصبح سابقة خطيرة للتطهير العرقي يمكن أن تحدث في أي بقعة في العالم ومع شعوب أخرى”.
ورغم تصريحات ابو الغيط المتاخرة فقد عرى العدوان الإسرائيلي الجامعة العربية، وأبان عن عجزها أمام الآلة الوحشية لجيش الاحتلال، وعن فشلها في الردع لحماية شعب أعزل يواجَه بأعتى الأسلحة.
وهكذا اختارت بعض الدول العربية الإدانة الفردية، وهي الإدانات التي لا أثر لها على أرض الواقع، وتبقى مجرد حبر على ورق، إذ لم تقطع هذه الدول علاقاتها مع إسرائيل، رغم أنها كل يوم تقدم بيانات وبلاغات تدعو فيها إلى وقف إطلاق النار، غير أنها لم تفعل ما يجب فعله، بقطع العلاقات التجارية مع إسرائيل ووقف صادراتها.
وهكذا فشلت الدول العربية في اتخاذ خطوة قوية، وتوجيه صفعة لجيش الاحتلال، الذي أثبت أن لا شيء يردعه، وانحرفت الجامعة بذلك عن تحقيق أهدافها المسطرة؛ فلا وجود لقرار مسؤول، ولا لضغط فعلي مجدٍ، ولا لقوة في اتخاذ القرار في ظل تمزق جماعي.
إن العدوان الإسرائيلي على غزة بشتى أنواعه، اعطي إشارات واضحة أن الدول الأعضاء في الجامعة العربية في سُبات عميق، كأن شيئًا في غزة لم يقع، وأصبحت هذه الحرب بالنسبة لها مجرد حدث بارز لا يحتاج أي تحرك جاد وفعليّ.
إنّ وضع الجامعة العربية حاليًا يدل على أنها في أضعف حالاتها، رغم بلاغتها المطاطية وبعض مراسلاتها لمجلس الأمن؛ فما يقع في المنطقة يدقّ ناقوس الخطر، ويفتح القوس للمساءلة عن دور هذه الجامعة، ودور الدول المنخرطة فيها، لتحقيق اتحاد من أجل مواجهة هذه الظروف، وإنقاذ القطاع الذي يسيل له لعاب ترامب.
فهذا الوضع ليس إلا إشارة للإسراع في إصلاح الجامعة، فأصبح الأجنبي عنها يتحكم في قرارات المنطقة ويعيث فيها فسادًا، وفي 4 فبراير/ شباط الجاري، كشف ترامب خلال مؤتمر صحفي جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، عن عزم بلاده الاستيلاء على غزة بعد تهجير الفلسطينيين منها إلى دول أخرى، ذكر منها مصر والأردن، ضمن سلسلة تصريحات للتهجير روج لها منذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي.
ولاقى مخطط ترامب رفضا فلسطينيا وعربيا ودوليا واسعا، فيما قوبل بإشادة كبيرة على المستوى السياسي بإسرائيل، بما يشمل مختلف التوجهات.
والثلاثاء، أعلنت مصر عزمها طرح تصور لإعادة إعمار قطاع غزة يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه وبما يتسق مع حقوقه الشرعية والقانونية.
وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.