فتحت الحكومة الغانية تحقيقا واسع النطاق عقب اكتشاف ألف و885 اسما وهميا في قوائم رواتب هيئة الخدمة الوطنية، في واحدة من أكبر قضايا الفساد الإداري التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.
ورغم مرور ٧٠ عاماً على إنتاجه فى ١٩٤٧، سوف يظل فيلم «أبوحلموس» من خلال حوار الفنان نجيب الريحانى مع الفنان عباس فارس مضرباً للأمثال فى الدلالة على الفساد الإدارى.
وربما يتعين علي المسؤولين في غانا مشاهدة الفيلم مترجما من العربية الي لغتهم، والتركيز من خلال ذلك الخروف الذى أراد ناظر العزبة أن يثبت فى دفاتر الحسابات أن سعره ١٨ جنيهاً وعدة قروش وملاليم، وأيضاً دهان الحجرة التى تكلفت ٩٢ جنيها و١٥ قرشاً و٣ ملاليم.
وفي سياق قصة الفيلم كان اقتراح الموظف الجديد «شحاتة أفندى» ضرورة تفصيل بنود الإنفاق، حتى يمكن أن تكون مقنعة لأصحاب المال كالتالى: حبل ومخلة وجردل لأكل وشرب الخروف، حكيم بيطرى للعناية بصحة الخروف، مزين لحلاقة شعر الخروف، وهكذا الحال مع الحجرة، كتقطيب الثقوب، والكحت والترميم، ووش أول وثانى وثالث.. وهكذا.
وجاء هذا الكشف في غانا بعد تدقيق مكثف أجراه جهاز المخابرات الوطنية بناء على توجيهات مباشرة من الرئيس الغاني الذي أمر الجهات المختصة بإجراء تحقيق شامل لتحديد المسؤولين عن إدراج هذه الأسماء في قوائم الموظفين الوطنيين، وهو ما تسبب في استنزاف ملايين الدولارات من الأموال العامة.

وفقا لتقارير سبوتنيك نيوز أفريقيا، أكدت الحكومة التزامها بمكافحة الفساد في المؤسسات الحكومية، وأوعزت إلى أجهزة الأمن والنيابة العامة بالتحقيق مع جميع المسؤولين المعنيين في هيئة الخدمة الوطنية.
وأفادت وكالة الأنباء الأفريقية بأن التدقيق المالي كشف عن عشرات الآلاف من العاملين الوهميين الذين كانوا يتقاضون رواتب شهرية رغم عدم وجود أي سجل رسمي لعملهم في الهيئة.
وأظهرت التحقيقات الأولية تورط مسؤولين كبار في تضخيم أعداد الموظفين بهدف الاستيلاء على أموال عامة بطرق غير مشروعة.
من جانبه، أعلن الرئيس جون دراماني ماهاما تدخله في القضية، متعهدا بمحاسبة جميع المتورطين في الفضيحة، بغض النظر عن مناصبهم.
وفي هذا السياق، كشف موقع “غانا بيزنس نيوز” أن الرئيس الحالي أصدر أوامره إلى جهاز المخابرات الوطنية بفتح تحقيق عاجل حول مدى تورط مسؤولي هيئة الخدمة الوطنية في هذه القضية.

كذلك تعهدت الحكومة ببذل كل الجهود الممكنة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل، عبر تطبيق آليات رقابية جديدة وفرض إجراءات تدقيق صارمة على جميع المؤسسات الحكومية.
أثارت هذه الفضيحة غضبا واسعا بين المواطنين الذين طالبوا بمحاسبة جميع المسؤولين المتورطين واسترداد الأموال المنهوبة.
ويرى محللون أن هذه القضية تمثل اختبارا حقيقيا لمدى جدية الحكومة في محاربة الفساد، خاصة أن فضائح مماثلة ظهرت سابقا من دون إجراءات حاسمة ضد المسؤولين عنها.
واقعة الفساد في غانا، الغريب فى الأمر أن تكتشف أن ذلك الفساد الإدارى معمول به حتي فى العلاقة بين الدول، ففي واقعة فساد أمريكي طريفة وقعت في عام 2017 أعلن البنتاجون أنه أطلق ٥٩ صاروخا «توماهوك» على الأراضى السورية فى وقت متأخر من الليل، فى الوقت الذى كشف فيه الرصد الروسى من خلال الأقمار الصناعية وغيرها أن عدد الصواريخ التى تم إطلاقها كان ٢٣ صاروخاً فقط!
ونظراً لأن هناك “دولة خليجية” بعينها سوف تتحمل التكلفة، أو حتى أكثر من دولة، فإن هناك مغالطة فى حساب ناظر عزبة إطلاق الصواريخ قدرها ٣٦ صاروخاً، بقيمة ٥٤ مليون دولار، على افتراض أن قيمة الصاروخ الواحد 1.5 مليون دولار، بخلاف 34.5 مليون دولار أخرى قيمة الـ٢٣ صاروخا، بإجمالى قدره 88.5 مليون دولار!
وتأتي وقائع الفساد الأمريكي في تكلفة الحرب على العراق عام ١٩٩٠، وما واكب ذلك من إطلاق يومى للصواريخ والقنابل على الأراضى العراقية بالمئات والآلاف بصفة يومية، على امتداد نحو خمسة شهور، إلا أن الفارق هنا أن روسيا لم يكن لها وجود بالمنطقة، فلم تكن تحصى أعداد الصواريخ ولا حتى الطلعات الجوية، كما لم يكن هناك من يراجع الأمريكان فى حساباتهم، ذلك أن الأموال كانت مودعة أصلاً فى بنوكهم، بالتالى كان الخصم يتم أولاً، ثم تُرسل الفواتير بعد ذلك.
وبعد أن كشفت روسيا الفساد الأمريكي ربما يلجأ البنتاجون الي تعديل سلوكه واللجوء إلى نظرية نجيب الريحانى أو شحاتة أفندى فى التعامل مع سعر الخروف بتفصيل عمليات الإطلاق، من خلال النص على جردل لنظافة الصاروخ، وحبل لزوم ربط الصاروخ، ومزين لتجميل الصاروخ.. وهكذا.
وبالعودة الي غانا، قام الرئيس المنتخب جون دراماني ماهاما، بتعيين فريق لمكافحة الفساد، ولجمع المعلومات عن عمليات الفساد المشتبه بها، تنفيذا لأحد جوانب برنامجه الانتخابي.
ووعد ماهاما، مرشح المعارضة الرئيسي، والفائز في الانتخابات الرئاسية التي جرت في السابع من ديسمبر بنحو 56% من الأصوات، باستعادة عائدات الفساد ومحاسبة الجناة عندما يتولى منصبه الشهر المقبل، وفقا لموقع وكالة رويترز.
وقد تم تشكيل فريق لمكافحة الفساد استعدادا لذلك، ويرأس هذا الفريق النائب صامويل أوكودزيتو أبلاكواه، وهو رئيس لجنة الضمانات البرلمانية، وقد سبق وأن أشار إلى فساد حكومي مشتبه به.
ويضم الأعضاء الثلاثة الآخرون مراقبًا عامًا سابقًا، وممارسًا قانونيًا خاصًا، وصحفيًا استقصائيًا، وضابط شرطة سابق معروف بتعامله مع قضايا السرقة البارزة.
وتم إقالة المراجع العام السابق، دانييل دوميلوفو، من منصبه بعد التحقيق في المخالفات المالية المشتبه بها التي حدثت في عهد الحكومة المنتهية ولايتها.
وكان مكافحة الفساد واستعادة الأصول المفقودة من بين الوعود الرئيسية التي أطلقها ماهاما خلال حملته الانتخابية، وجاء في البيان “أنه يعتزم البدء فوراً في تنفيذ هذه الالتزامات”.
عاد ماهاما، الرئيس السابق، إلى السلطة كزعيم جديد للبلاد الواقعة في غرب أفريقيا بعد ثماني سنوات من فقدانه السلطة، وقد تعرض لانتقادات خلال فترة حكمه من عام 2012 إلى عام 2016 بسبب مزاعم بالفساد السياسي، رغم أنه لم يتعرض لتهمة شخصية.