الانتخابات لرئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي
مع اقتراب القمة الإفريقية في أديس أبابا يومي 15 و16 فبراير، تقترب واحدة من أبرز المحطات في تاريخ الاتحاد الأفريقي، وهي الانتخابات لاختيار رئيس جديد لمفوضية الاتحاد خلفًا لموسى فقي، الذي أكمل ولايته الثانية في المنصب. الانتخابات المقبلة لا تحمل مجرد تغييرات إدارية، بل تشكل نقطة فارقة في تحديد مسار القارة سياسيًا واقتصاديًا للسنوات القادمة.
بعد ثماني سنوات في منصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ترك موسى فقي محمد وراءه سجلًا متباينًا. ورغم أنه حقق بعض النجاحات في تعزيز الشراكات الدولية للاتحاد، إلا أنه لم يتمكن من تعزيز القيادة القارية، ما جعل الاتحاد في مواجهة تحديات سياسية وأمنية متزايدة. لم تستطع المنظمة في عهده تجاوز العديد من الأزمات، ما أضعف موقفها في الساحة الدولية.
في هذا السياق، يتنافس عدد من الشخصيات البارزة على هذا المنصب الهام. ولكل منهم رؤيته الخاصة لمستقبل القارة الأفريقية، والتي من المتوقع أن يكون لها تأثير مباشر على السياسة الإقليمية والدولية.
- رايلا أومولو أودينغا (كينيا، 80 عامًا)
شغل منصب رئيس وزراء كينيا الأسبق في حكومة ائتلافية بين عامي 2008 و2013. يعد أحد أبرز قادة المعارضة في كينيا، وكان ممثل الاتحاد الأفريقي للبنية التحتية بين 2018 و2023. يعتبر مهندسًا بارزًا وأحد المدافعين عن دستور كينيا الجديد لعام 2010. - ريتشارد راندرياماندراتو (مدغشقر، 65 عامًا)
شغل منصب وزير الاقتصاد والمالية ووزير الخارجية في مدغشقر بين عامي 2019 و2022. تم إقالته بعد تصويته لصالح إدانة الاستفتاءات الروسية في أوكرانيا رغم موقف بلاده المحايد. خبير في التخطيط الاستراتيجي والبحوث، وله دور كبير مع الكوميسا والاتحاد الأفريقي. - محمود علي يوسف (جيبوتي، 60 عامًا)
وزير الخارجية والتعاون الدولي في جيبوتي منذ عام 2005. حائز على جائزة الاتحاد الأوروبي لعام 2023 لدوره الكبير في مكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال. يتحدث خمس لغات، بما في ذلك الفرنسية والإنجليزية والعربية، مما يعزز قدراته في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية.
ستكون هذه الانتخابات لها تداعيات كبيرة على قدرة الاتحاد الأفريقي في التعامل مع الأزمات الإقليمية المتزايدة، مثل النزاعات المسلحة والأزمات الاقتصادية. الرئيس الجديد للمفوضية سيواجه تحديات كبيرة لإعادة الاتحاد إلى مساره الصحيح وتعزيز دوره القيادي في القارة. هل سيتمكن من إصلاح المؤسسة ومنحها القوة اللازمة لمواجهة التحديات؟ أم سيظل الاتحاد عالقًا في أزماته المستمرة؟
على المستوى الشخصي، في ظل الطريقة التي تدار بها الانتخابات في الاتحاد الأفريقي:
- مسألة العمر والقدرة على التغيير: السؤال الذي يطرحه العديد من المراقبين هو: لماذا يتم اختيار شخصيات فوق الستين عامًا، في وقت تحتاج فيه القارة إلى طاقات شابة جديدة قادرة على قيادة أفريقيا إلى مستقبل أكثر تقدمًا؟ في عالم اليوم، نشهد قيادة شابة في العديد من الدول والمؤسسات الدولية، بينما لا تزال أفريقيا تعتمد على شخصيات قديمة للغاية. أليس من الأجدر اختيار قائد شاب يتمتع بالنشاط والديناميكية اللازمة لمواجهة تحديات القارة الحالية؟
- إغلاق السباق لصالح اختيارات محددة: من بين عشرات السير الذاتية التي تم تقديمها، لماذا انتهى الأمر بالقائمة الحالية فقط؟ هل جميع المرشحين الآخرين لم يكونوا أكفاء؟ وهل كانت الخيارات مفروضة مسبقًا؟ من الضروري فتح المجال لمجموعة متنوعة من المرشحين الذين يمتلكون رؤى جديدة وأفكارًا مبتكرة يمكن أن تحل الأزمات المستعصية.
تعد انتخابات رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي نقطة محورية في مستقبل القارة، إذ ستؤثر بشكل مباشر على قدرة الاتحاد في مواجهة الأزمات المتفاقمة والتحديات الأمنية والاقتصادية. ومع وجود مرشحين بارزين، تبقى الأسئلة حول كيفية تجديد القيادة الأفريقية وهل هناك رغبة حقيقية في تغيير أسلوب العمل أم أن القارة ستظل محاصرة بالسياسات التقليدية التي لم تحقق النجاح المنشود؟










