زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، إلى المدن الصحراوية المغربية تثير الجدل في الجزائر
أثارت زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، إلى ثلاث مدن صحراوية وهي العيون، الداخلة، وطرفاية موجة من الجدل والتنديد في الجزائر.
الزيارة، التي وصفتها وزارة الخارجية الجزائرية بأنها “خطيرة للغاية”، أثارت استنكارًا واسعًا، حيث اعتبرت الجزائر هذه الزيارة بمثابة “استخفاف سافر بالشرعية الدولية” من قبل عضو دائم في مجلس الأمن الدولي.
الجزائر تندد بالزيارة وتعتبرها مسعى لترسيخ الاحتلال المغربي
في بيان رسمي، أكدت وزارة الخارجية الجزائرية أن زيارة عضو الحكومة الفرنسية إلى الأراضي الصحراوية المغربية تأتي في سياق محاولة “ترسيخ الأمر الواقع المغربي” في الصحراء الغربية، التي تعتبرها الجزائر منطقة لم يتم بعد تصفية الاستعمار منها. كما شددت الخارجية الجزائرية على أن الشعب الصحراوي لم يتمكن بعد من ممارسة حقه في تقرير مصيره، وهو حق غير قابل للتقادم حسب القانون الدولي.
البيان الجزائري وصف الزيارة بأنها “استفزازية”، وأكد أن فرنسا بهذه الخطوة “تستبعد نفسها” من جهود الأمم المتحدة الرامية إلى التوصل إلى تسوية سلمية في نزاع الصحراء الغربية. كما اعتبرت الجزائر أن هذه الزيارة تعكس “تضامنًا استعماريًا” بين القوى الاستعماريّة القديمة والحديثة، في إشارة إلى العلاقات بين فرنسا والمغرب.
رشيدة داتي تتوجّه إلى ثلاث مدن صحراوية مغربية
من جهتها، قادت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي جولة ميدانية إلى ثلاث مدن مغربية صحراوية، حيث بدأت زيارتها من مدينة طرفاية. وأثارت اهتمامًا خاصًا عندما ارتدت الملحفة الصحراوية خلال تواجدها في هذه المدينة، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري، مؤلف “الأمير الصغير”، والذي عاش في طرفاية في عشرينيات القرن الماضي.
في بداية الزيارة، قامت داتي برفقة محمد المهدي بنسعيد، وزير الثقافة المغربي، بزيارة إلى معالم تاريخية في المدينة، أبرزها قصبة طرفاية ومعلمة Casamar التي تأسست عام 1882، وكانت مركزًا تجاريًا مهمًا في العهد الاستعماري. ثم توجهت إلى متحف Saint Exupéry المخصص للكاتب الفرنسي، حيث تم عرض مقتنيات ووثائق نادرة تسلط الضوء على تجربة إكزوبيري في المنطقة. كما أبدت وزيرة الثقافة الفرنسية اهتمامها بتعزيز الترويج لهذا الإرث الثقافي المشترك بين المغرب وفرنسا.
التزام فرنسا بالحفاظ على التراث الثقافي المغربي
وأكدت رشيدة داتي على التزام باريس بتدعيم الجهود المغربية في الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للأقاليم الجنوبية المغربية. وأعربت عن دعمها للجهود المبذولة من قبل الحكومة المغربية في المحافظة على التراث المادي واللامادي لهذه المناطق الصحراوية.
تداعيات الزيارة على العلاقات الدولية
تعتبر هذه الزيارة خطوة في سياق تعزيز التعاون الثقافي بين فرنسا والمغرب، إلا أنها تأتي في وقت حساس فيما يخص النزاع حول الصحراء الغربية، ما يضيف مزيدًا من التعقيد للعلاقات بين الجزائر وفرنسا. في الوقت الذي يعتبر فيه المغرب أن الصحراء الغربية جزءًا من أراضيه ويكثف جهوده في هذا السياق، ترى الجزائر أن هذا النوع من الزيارات يعزز الموقف المغربي ويهدد جهود الأمم المتحدة في الوصول إلى حل سلمي.