أزمة في الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بسبب مطالب الشباب بتنحي عبد العزيز الحلو
تصاعدت حدة التوتر داخل أروقة الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، بعد أن طالب عدد من شباب الحركة بتنحي رئيسها عبد العزيز الحلو. جاءت هذه المطالب إثر مشاركة الحلو في اجتماع عقد في العاصمة الكينية نيروبي، والذي ضم ممثلين عن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) وعدد من المجموعات السياسية والعسكرية الأخرى. الهدف من الاجتماع كان تأسيس تحالف جديد تحت اسم “تحالف السودان التأسيسي”، إضافة إلى مناقشة تشكيل حكومة موازية.
خلفية الاجتماع وأهدافه
عُقد الاجتماع في نيروبي وسط أجواء مشحونة بالأزمات السياسية والأمنية التي تعصف بالسودان منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023. يسعى “تحالف السودان التأسيسي” إلى تقديم رؤية بديلة لإدارة البلاد، تشمل تشكيل حكومة موازية تدعي تمثيل القوى المهمشة والمعارضة للنظام القائم.
عبد العزيز الحلو، الذي يقود الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال منذ سنوات طويلة، شارك في هذا الاجتماع بصفته ممثلاً للحركة. إلا أن حضوره أثار جدلاً واسعاً داخل صفوف الحركة، خاصة بين الشباب الذين يرون أن التعاون مع قوات الدعم السريع يُعد تنازلاً عن مبادئ الحركة وتاريخها النضالي.
مطالب الشباب ومبرراتهم
أصدر شباب الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بياناً شديد اللهجة طالبوا فيه بتنحي عبد العزيز الحلو فوراً عن قيادة الحركة. وأشار البيان إلى أن مشاركة الحلو في اجتماع نيروبي مع قوات الدعم السريع تُعد “خيانة لمبادئ الحركة” و”تطبيعاً مع قوى متهمة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات ضد المدنيين”.
وجاء في البيان: “إننا نرفض بشكل قاطع أي تحالف مع قوات الدعم السريع أو أي جهة تلطخت أيديها بدماء الأبرياء. الحركة الشعبية تأسست على مبادئ العدالة والمساواة، ولا يمكن أن تكون جزءاً من مشروع يعيد إنتاج الظلم والاستبداد”.
ردود الفعل داخل الحركة وخارجها
حتى الآن، لم يصدر عبد العزيز الحلو أي تعليق رسمي على هذه المطالب. لكن مصادر مقربة من قيادة الحركة أكدت أن هناك انقساماً داخلياً حول هذه القضية. بينما يرى بعض القادة أن مشاركة الحلو في الاجتماع كانت خطوة استراتيجية تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية للحركة، يعتقد آخرون أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى فقدان الحركة لمصداقيتها بين قواعدها الشعبية.
على الصعيد الخارجي، أثارت مشاركة الحلو انتقادات واسعة من قبل مراقبين سياسيين وناشطين حقوقيين. حيث أشار البعض إلى أن التعاون مع قوات الدعم السريع قد يُضعف موقف الحركة الشعبية ويجعلها تبدو كطرف يسعى لتحقيق مصالح ذاتية على حساب المبادئ الوطنية.
مستقبل القيادة داخل الحركة
تأتي هذه الأزمة الداخلية في وقت حساس بالنسبة للحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، التي تواجه تحديات كبيرة على المستويين السياسي والعسكري. إذا استمرت الضغوط على عبد العزيز الحلو للتنحي، فقد يشهد المستقبل القريب تغييرات جذرية في هيكل القيادة داخل الحركة.
من جهة أخرى، قد تؤدي هذه الأزمة إلى انقسامات أعمق داخل الحركة، مما يضعف موقفها التفاوضي ويؤثر على قدرتها على تحقيق أهدافها السياسية. ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه المطالب قد تكون فرصة لإعادة تقييم مسار الحركة وتعزيز دور الشباب في قيادتها.
يبقى السؤال الأهم: هل سيستجيب عبد العزيز الحلو لمطالب الشباب ويتنحى عن قيادة الحركة؟ أم أنه سيواصل الدفاع عن خياراته السياسية رغم المعارضة الداخلية؟
الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ودورها في المشهد السياسي السوداني المتغير. وفي ظل استمرار الحرب والصراع على السلطة، تظل الحاجة ملحة إلى حلول سياسية شاملة تُنهي معاناة الشعب السوداني وتحقق تطلعاته نحو السلام والعدالة.