اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري – 20 فبراير 2025
تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري مساء اليوم الخميس 20 فبراير 2025 في أول اجتماع لها هذا العام، لمراجعة أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، وذلك في ظل مؤشرات اقتصادية مختلطة تشمل تراجعًا طفيفًا في التضخم واستقرارًا نسبيًا في سعر صرف الجنيه.
يأتي هذا الاجتماع بعد ستة قرارات متتالية بتثبيت الأسعار خلال النصف الثاني من 2024، حيث تُوازن السلطات النقدية بين ضغوط خفض التكاليف على القطاع الخاص والحفاظ على جاذبية أدوات الدين الحكومية للمستثمرين الأجانب.
مسار أسعار الفائدة خلال العام الماضي
شهد الربع الأول من 2024 موجة تصاعدية حادة في أسعار الفائدة، حيث رفع البنك المركزي الأسعار بمقدار 8%، منها 6% في اجتماع استثنائي يوم 6 مارس، كرد فعل على الضغوط التضخمية الناجمة عن تحرير سعر الصرف. بلغ سعر الإقراض ذروته عند 28.25%، فيما استقر التضخم عند 24.1% بنهاية ديسمبر 2024، قبل أن ينخفض طفيفًا إلى 24% في يناير 2025 بفعل تأثير سنة الأساس.
اجتماعات لجنة السياسة النقدية لعام 2025
حدد البنك المركزي ثماني اجتماعات دورية للجنة السياسة النقدية خلال العام الجاري، بمعدل اجتماع كل ستة أسابيع، مع إمكانية عقد اجتماعات طارئة حسب تطورات السوق. يأتي اجتماع اليوم كأول هذه اللقاءات، تليه مواعيد في 17 أبريل و22 مايو، ضمن خطة تهدف إلى مراجعة السياسات النقدية بشكل أكثر مرونة.
اتجاهات التضخم وأسعار الصرف
سجّل الرقم القياسي لأسعار المستهلكين تراجعًا طفيفًا للمرة الثالثة على التوالي في يناير 2025، مدعومًا بانخفاض أسعار السلع الغذائية بنسبة 0.7%، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. من ناحية أخرى، حافظ الجنيه على استقراره النسبي أمام الدولار منذ بداية العام، حيث تراوح سعر الصرف الرسمي بين 50.53 و50.82 جنيهًا للبيع، وفقًا لآخر تحديثات البنوك صباح اليوم.
الضغوط المتضاربة على صنّاع القرار
تواجه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري تحديات متعددة الاتجاهات: من جهة، يطالب القطاع الخاص بتخفيضات فورية لتخفيف أعباء خدمة الديون التي تقدر بنحو 1.3 تريليون جنيه في موازنة 2024/2025. ومن جهة أخرى، يحذر محللون من مخاطر تقلص تدفقات الاستثمار الأجنبي في أذون الخزانة، والتي بلغت 28 مليار دولار خلال الأشهر الستة الماضية.
توقعات الخبراء ومواقف المؤسسات المالية
يتوقع محمد عبد العال، الخبير المصرفي، خفضًا يتراوح بين 2% و4%، مستندًا إلى استمرار انخفاض التضخم وتراجع علاوة المخاطرة على الأصول المصرية إلى أقل من 500 نقطة أساس. في المقابل، ترجح سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقًا، تخفيضًا متحفظًا بنسبة 2%، بينما يرى محمود نجلة من الأهلي للاستثمارات أن أي قرار خفض سيتراوح بين 1% و2% للحفاظ على توازن السوق.
وتشير تقارير صندوق النقد الدولي إلى أن الفائدة الحقيقية (بعد احتساب التضخم) ارتفعت من 4% في ديسمبر 2024 إلى نحو 16% مع حلول فبراير 2025، مما يزيد من ضغوط التخفيض. ومع ذلك، تحذّر وكالة “فيتش” من أن أي تخفيض مفاجئ قد يُضعف ثقة المستثمرين، خاصة مع استمرار المخاطر الجيوسياسية الإقليمية.
السيناريوهات المحتملة وتداعياتها
احتمال التثبيت
يسود هذا التوقع بين 55% من المشاركين في استطلاع “البورصة المصرية”، حيث يُعتقد أن البنك المركزي سيؤجل التخفيضات حتى تحقيق استقرار تام في سوق الصرف، خاصة مع تذبذب احتياطيات النقد الأجنبي حول 38 مليار دولار. في هذه الحالة، قد تستمر ضغوط التضخم الكامنة الناجمة عن ارتفاع أسعار النقل العالمية بنسبة 12% منذ يناير.
سيناريو الخفض المحدود
إذا قررت اللجنة خفضًا بنسبة 1-2%، فمن المتوقع أن ينعكس ذلك إيجابيًا على سوق الأوراق المالية، مع توقعات بارتفاع مؤشر EGX30 بنسبة 3-5% خلال الأسبوع الجاري. كما قد يسهم في تخفيض عجز الميزانية من 8.1% إلى 7.6% خلال الربع الأول من 2025، وفقًا لتقديرات وزارة المالية.
سيناريو الخفض الكبير
في حال تبني خفض بنسبة 3-4%، وهو السيناريو الأقل احتمالًا (20%)، قد تواجه مصر تحديًا مزدوجًا: ارتفاعًا في الطلب على العملة الأجنبية مع تراجع العائد على الاستثمارات بالجنيه، وزيادة في تدفقات الائتمان المحلي التي قد ترفع معدل التضخم الأساسي إلى 26% بحلول نهاية الربع الثاني.
مفترق طرق للسياسة النقدية
يُمثّل اجتماع اليوم اختبارًا حاسمًا لفعالية السياسات النقدية المصرية في تحقيق التوازن بين أهداف متعارضة. فبينما تُظهر المؤشرات الكلية مجالاً لبعض التيسير النقدي، تظل المخاطر الخارجية – مثل اتجاهات الفيدرالي الأمريكي نحو خفض الفائدة وتأثيرات الأزمة الروسية الأوكرانية على أسعار السلع الأساسية – عوامل حاسمة في توجيه القرار. سيحدد مسار اللجنة اليوم مدى قدرة الاقتصاد المصري على التحول من مرحلة الاستقرار إلى مرحلة النمو المستدام، في ظل بيئة عالمية تتسم بدرجة عالية من عدم اليقين.