كشف مؤشر القوة الناعمة العالمي 2025 عن تحولات جيوسياسية كبيرة في الأداء العربي
كشف مؤشر القوة الناعمة العالمي 2025 عن تحولات جيوسياسية كبيرة في الأداء العربي، حيث حافظت الإمارات على موقعها الاستثنائي في المركز العاشر عالميًا، بينما شهدت معظم دول الخليج تراجعًا ملحوظًا لأول مرة منذ سنوات.
جاءت الولايات المتحدة في الصدارة العالمية بمجموع 79.5 نقطة من 100، بينما حققت الصين قفزة تاريخية إلى المركز الثاني في مؤشر يعكس التحولات الجيوسياسية العالمية.
خريطة القوة الناعمة العربية: الإمارات تحتفظ بصدارتها
تصدرت الإمارات العربية المتحدة المشهد العربي للعام الثالث على التوالي، مسجلة تقدمًا في معايير سهولة ممارسة الأعمال (المركز الثاني عالميًا) وقوة الاقتصاد (العاشر عالميًا). يعزو الخبراء هذا الأداء إلى الاستراتيجية المتكاملة التي تجمع بين الدبلوماسية الفاعلة والتنوع الاقتصادي، حيث تخطط البلاد لزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية إلى 50% من الناتج المحلي بحلول 2030.
جاء ترتيب الدول العربية في مؤشر القوة الناعمة كتالي:
- السعودية (20)
- قطر (22)
- مصر (38)
- الكويت (40)
- سلطنة عمان (49)
- المغرب (50)
- البحرين (51)
- الأردن (58)
- الجزائر (78)
- تونس (79)
- لبنان (91)
- العراق (98)
- اليمن (122)
- سوريا (127)
- ليبيا (133)
- السودان (142)
- موريتانيا (150)
- جزر القمر (167)
- جيبوتي (177)
- الصومال (181)
أداء دول الخليج: بين التراجع والاستثناءات
شهدت المملكة العربية السعودية تراجعًا بمركزين إلى المرتبة 20 عالميًا، رغم تقدمها في مؤشرات التعليم والعلاء بنسبة 0.7 نقطة. من جهتها، خسرت قطر مركزًا واحدًا إلى المرتبة 22، بينما تراجعت الكويت ثلاث مراكز إلى المركز 40.
يرى محللو “براند فاينانس” أن هذه التطورات تعكس تغيرًا في التصورات الإقليمية تجاه السياسات الخليجية.
مصر الأولى أفريقيًا
استمر تقدم مصر في القوة الناعمة، حيث احتلت المركز 38 عالميًا، وهو المركز الثالث عربيًا بعد الإمارات والسعودية. أشار التقرير إلى نجاح مصر في تعزيز مكانتها الدولية عبر تحسين معايير القوة الناعمة، مثل التعليم والعلوم والثقافة. يعكس هذا التأثير قدرة مصر على جذب الفاعلين الدوليين من خلال الإقناع بدلًا من القوة التقليدية.
المغرب العربي: تفاوت الأداء وصراعات التأثير
حافظ المغرب على مركزه الـ50 عالميًا، مدعومًا بسياساته الدبلوماسية النشطة في إفريقيا، بينما تراجعت الجزائر خمسة مراكز إلى المرتبة 78. يشير التقرير إلى أن 60% من نقاط المغرب جاءت من مؤشرات الثقافة والسياحة، في حين عانت الجزائر من انعكاسات الأزمة الاقتصادية على صورتها الدولية.
الصراعات الإقليمية وتأثيرها على التصنيف
أسفرت النزاعات المسلحة عن تراجع لافت لدول مثل ليبيا (133) والسودان (142)، حيث سجلت المناطق المنكوبة بالحروب انخفاضًا متوسطه 15 نقطة في مؤشر الاستقرار. وفقًا لـ”أندرو كامبل” من براند فاينانس، فإن حرب غزة ساهمت في تغيير التصورات الإقليمية تجاه بعض الدول، ما انعكس سلبًا على تصنيفاتها.
الاقتصاد الرقمي: محرك جديد للقوة الناعمة
برزت مؤشرات التكنولوجيا كعامل حاسم في التصنيف الجديد، حيث سجلت الإمارات تقدّمًا بنسبة 22% في مؤشر الابتكار التكنولوجي. تزامن هذا مع إطلاق مشاريع ضخمة مثل “الميتافيرس الحكومي” الذي يهدف إلى تحويل 40% من الخدمات الحكومية إلى العالم الرقمي بحلول 2026.
التعليم والثقافة: أسلحة الإقناع الجديدة
سجلت السعودية قفزة نوعية في مؤشر التعليم بنسبة 18% مقارنة بالعام الماضي، مدعومة بمشاريع مثل “نيوم” و”ذا لاين” التي تجتذب الكفاءات العالمية. من جهتها، عززت مصر مركزها (38 عالميًا) عبر مشاريع ثقافية ضخمة مثل المتحف القومي للحضارة.
تأثير القوة الناعمة على الاستثمارات الأجنبية
تشير البيانات إلى علاقة طردية بين التصنيف في المؤشر وجذب الاستثمارات، حيث سجلت الدول العشر الأولى عربيًا زيادة متوسطة بنسبة 7% في الاستثمار الأجنبي المباشر. يعزو الاقتصاديون هذه الظاهرة إلى تحسن مؤشرات الثقة الدولية، خاصة في مجالات الشفافية وسهولة ممارسة الأعمال.
السياحة كأداة استراتيجية
ساهمت الحملات الترويجية المبتكرة في تعزيز مكانة دول مثل الإمارات والمغرب، حيث سجل قطاع السياحة نموًا بنسبة 12% في الدول التي حافظت على مراكزها المتقدمة. تخطط السعودية لاستثمار 800 مليون دولار في تطوير المواقع التراثية لدعم تصنيفها السياحي.
التحديات المستقبلية والسيناريوهات المحتملة
يواجه العالم العربي تحديًا ثلاثي الأبعاد: اقتصادي (تنويع مصادر الدخل)، سياسي (احتواء النزاعات)، وثقافي (مواكبة التحولات الرقمية). تشير التوقعات إلى أن الدول التي تستثمر في الاقتصاد الأخضر والذكاء الاصطناعي قد تشهد قفزات تصنيفية تصل إلى 20 مركزًا بحلول 2030.