الضغوط الإماراتية على كينيا لتوقيع “ميثاق نيروبي” ورفض شعبي
كشفت مصادر سودانية لموقع المنشر الإخباري أن الإمارات مارست ضغوطًا كبيرة على حكومة الرئيس الكيني، ويليام روتو، لاستضافة قوات الدعم السريع، الحركة الشعبية-شمال، حزب الأمة القومي ومكونات أخرى من أجل التوقيع على “ميثاق نيروبي” في العاصمة الكينية. هذا الاتفاق يسعى إلى تشكيل حكومة موازية في السودان.
الضغوط الإماراتية على كينيا تأتي بعد سلسلة من الاجتماعات التي أجراها الرئيس محمد بن زايد مع رئيس كينيا ويليام روتو في يناير الماضي، حيث تم التوقيع على اتفاقيات شراكة اقتصادية لتوسيع الاستثمارات الإماراتية في كينيا، لزيادة التبادل التجاري بين البلدين الذي يبلغ حاليًا نحو ثلاثة مليارات دولار.
وفي تطور آخر، استضافت نيروبي في 18 فبراير 2025 فصائل سودانية مسلحة تتبع ميليشيا الدعم السريع المدعومة من الإمارات، إلى جانب حركات معارضة أخرى للنظام السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، لبحث تشكيل حكومة موازية. الغريب أن الحكومة السودانية لم تتم دعوتها إلى هذه المحادثات.
فيما بعد، تناقلت تسريبات تشير إلى أن كينيا ستتلقى مساعدات مالية بقيمة 193 مليون دولار من الإمارات في الأسبوع المقبل. هذه المعلومات ربطها الناشطون الكينيون بمحاولة تقديم نيروبي خدمة سياسية للإمارات، التي تسعى لتمويل تحركات من شأنها تقويض حكم “الإسلاميين” في السودان.
وأمام هذا التطور، أبدت الحكومة السودانية احتجاجها الشديد على الخطوات التي تقوم بها كينيا، واعتبرت أن هذا التصرف يشكل تهديدًا لوحدة السودان ويهدف إلى تقسيم أراضيه من خلال دعم أطراف سياسية ومسلحة لا تمثل الدولة السودانية.
الغضب الكيني الشعبي والرفض للمشاركة في “ميثاق نيروبي”
وفي كينيا، لقيت خطوة الحكومة الكينية باستقبال قادة الميليشيات السودانية رفضًا شعبيًا عارمًا، حيث تصاعدت الانتقادات من الأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني والناشطين الشباب الذين هاجموا حكومة روتو بشكل لاذع، متهمين إياها بأنها مجرد أداة في يد القوى الإقليمية الرامية لتمزيق السودان.
كان التحالف السياسي الذي استضافته كينيا، المسمى “تحالف القوى المدنية المتحدة” أو “قمم”، يروج لنفسه كحكومة وحدة وسلام تسعى لتوحيد الجيش السوداني، مؤكدًا أنه لا يسعى لتقسيم البلاد. ومع ذلك، رآى الناشطون الكينيون أن هذا التحرك هو مجرد غطاء سياسي لشرعنة ميليشيا الدعم السريع، التي تلطخت أيديها بدماء الأبرياء في السودان.
حملة إعلامية واسعة لكشف الجرائم
لم يكتفِ المجتمع المدني الكيني بالرفض الشفهي فقط، بل شنّ حملة إعلامية استعملت فيها الصحافة الاستقصائية لتوثيق المجازر التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع، خاصة المجزرة التي شهدتها الجنينة غرب السودان، حيث تم دفن أفراد من قبيلة المساليت أحياءً، بالإضافة إلى مجازر في ود النورة، وهو ما دفع الولايات المتحدة وبعض القوى الدولية إلى تصنيف ميليشيا الدعم السريع كمرتبة الإبادة الجماعية.
صحيفة “Standard” الكينية، إحدى أبرز الصحف اليومية في البلاد، أطلقت وصفًا شديدًا على قائد الميليشيا محمد حمدان دقلو، وسمته “جزار السودان”، في إشارة إلى الجرائم الوحشية التي ارتكبتها قواته. هذا الوصف انتشر بسرعة بين الأوساط الشعبية الكينية، مما عزز من صورة حميدتي كـ”مجرم حرب”.
التحرك القانوني ضد الإمارات وحكومة روتو
هذا الرفض الشعبي دفع عدد من الناشطين الكينيين إلى اتخاذ خطوة قانونية غير مسبوقة، حيث رفعوا عريضة أمام المحكمة العليا في كينيا تطالب بمنع ميليشيا الدعم السريع من توقيع أي اتفاق سياسي مع القوى السودانية أو الجماعات المسلحة على الأراضي الكينية، معتبرين أن ذلك يتعارض مع مصالح الشعب الكيني.