تمديد حالة الطوارئ الأمريكية المتعلقة بليبيا: استمرار النهج الأمريكي تجاه الأزمة
المنشر الاخباري:
في خطوة تعكس استمرار النهج الأمريكي تجاه الأزمة الليبية، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير 2025 مرسومًا رئاسيًا بتمديد حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بليبيا لمدة عام إضافي. ويأتي هذا القرار في سياق تصعيد مواقف الولايات المتحدة تجاه الأزمة الليبية، التي تصفها واشنطن بأنها تشكل “تهديدًا غير عادي واستثنائي” للأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية.
جذور القرار الأمريكي
القرار الأخير يأتي امتدادًا لسياسات العقوبات التي بدأها الرئيس الأسبق باراك أوباما في عام 2011 عقب اندلاع الاحتجاجات ضد نظام العقيد معمر القذافي، والتي تحولت إلى مواجهات مسلحة تسببت في تدخل قوات الناتو بدعم أمريكي. وفي 25 فبراير 2011، أُعلن عن حالة الطوارئ الوطنية بموجب الأمر التنفيذي رقم 13566، الذي جمد الأصول المالية لعائلة القذافي وفرض قيودًا تجارية على كيانات مرتبطة بالنظام، وذلك في إطار مواجهة ما اعتُبر تهديدًا للأمن القومي الأمريكي.
ومع سقوط نظام القذافي في أكتوبر 2011، دخلت ليبيا مرحلة من الفوضى السياسية والأمنية، حيث تزايد الاقتتال بين الفصائل المدعومة من قوى إقليمية. وفي 2016، وسع الرئيس الأمريكي باراك أوباما نطاق حالة الطوارئ لتشمل العنف المستمر في ليبيا وتهديداته للأمن الإقليمي والعالمي. وقد استمر هذا التوجه مع إدارات الرؤساء اللاحقين، بما في ذلك ترامب.
ترامب والعقوبات على ليبيا
في فترة رئاسته، تركّزت أولويات الرئيس ترامب على قضايا الهجرة والحدود أكثر من الملف الليبي، لكن تصاعد الدور الروسي والإماراتي في ليبيا خلال ولايته دفعه إلى تبني مواقف أكثر تشددًا تجاه الوضع في هذا البلد. وفي فبراير 2020، وقع ترامب على تمديد العقوبات المفروضة بموجب حالة الطوارئ على ليبيا، مستندًا إلى استمرار تهديد الأزمة الليبية للاستقرار الإقليمي و”المصالح الأمريكية الاستراتيجية”.
وتستهدف العقوبات الأمريكية في الأساس الأفراد والكيانات التي يعتقد أنها تعوق عملية المصالحة الوطنية في ليبيا، بما في ذلك أولئك المرتبطين بانتهاكات حقوق الإنسان أو الذين يتاجرون في الأسلحة والموارد الطبيعية.
التأثيرات الجانبية على المدنيين
على الرغم من أن الولايات المتحدة تبرر عقوباتها بأنها تهدف إلى حماية المصالح الأمريكية ومنع تدهور الأوضاع في ليبيا، يشير خبراء حقوقيون إلى أن هذه العقوبات تؤثر بشكل غير مباشر على المدنيين الليبيين. فإجراءات تجميد الأصول المالية لعدد من الشخصيات السياسية والاقتصادية الليبية قد تعرقل جهود إعادة الإعمار، كما أن القيود المصرفية تعقد عمليات الاستيراد الضرورية لتلبية احتياجات المدنيين اليومية.
ومع تصاعد الانتهاكات لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة منذ عام 2011، يرى البعض أن العقوبات الأمريكية، رغم استمرارها، لم تنجح في وقف تدفق الأسلحة إلى أطراف النزاع في ليبيا. كما أن بعض التقارير تشير إلى أن دولًا مثل روسيا والإمارات وتركيا لا تزال تُمد أطرافًا متناحرة في ليبيا بالأسلحة والمعدات العسكرية.
الوجود الأمريكي في الشؤون الإفريقية
يأتي تمديد حالة الطوارئ في وقت يشهد فيه التنافس الدولي على النفوذ في القارة الإفريقية تصعيدًا، مع زيادة الدور الروسي والصيني في مناطق استراتيجية. وعليه، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز وجودها في الشأن الليبي من خلال الحفاظ على هذه العقوبات التي تعتبرها وسيلة لحماية مصالحها في شمال إفريقيا.
ويُظهر هذا القرار استمرار التعقيدات الجيوسياسية المحيطة بالأزمة الليبية، حيث تظل الولايات المتحدة مؤثرة في تشكيل الحلول عبر العقوبات والضغوط الاقتصادية. ومع ذلك، تظل التساؤلات قائمة حول فعالية هذه السياسات في تحقيق الاستقرار في ليبيا، في ظل تعقيدات النزاع المستمر وعدم توافر حلول شاملة.