الخلافات بين سلطة أحمد الشرع والفصائل السورية المسلحة
ظهر الخلافات مبكرًا بين سلطة أحمد الشرع والفصائل السورية المسلحة، أصدر النقيب فراس بيطار، قائد “جيش تحرير الشام”، أمراً عسكرياً لعناصره يقضي بالتعامل بالنار مع كل من يقترب منهم أو يحاول سحب سلاحهم من سلطة “تحرير أحمد الشارع”. جاء هذا القرار عقب اجتماعٍ عُقد في يناير 2025 بين النقيب بيطار واللواء علي نور الدين النعسان، رئيس هيئة الأركان السوري في سلطة أحمد الشرع، في إطار سلسلة اجتماعات تهدف إلى دمج الفصائل ضمن هيكل وزارة الدفاع السورية الجديدة.
تشكيل “جيش تحرير الشام”
تشكيل “جيش تحرير الشام” بدأ في أبريل 2012، عندما أعلن النقيب فراس بيطار انشقاقه عن قوات الجيش العربي السوري بقيادة بشار الأسد. هذا التحول العسكري أدى إلى تشكيل لواء “تحرير الشام”، الذي يضم 8 كتائب ويتبع عسكريًا للجيش السوري الحر في دمشق وريفها. الجدير بالذكر أن النقيب بيطار كان قد نجا من محاولة اغتيال في أغسطس 2020 في مدينة جنديريس بريف عفرين، حيث كانت هناك العديد من الأحداث العسكرية البارزة التي شهدتها المنطقة.
تأثيرات القرار على الصراع الداخلي بين الفصائل
تعد هذه الخطوة خطوة تصعيدية من قبل “جيش تحرير الشام”، خاصة مع الأوضاع الحساسة التي تمر بها المناطق التي تتواجد فيها الفصائل المسلحة. القرار يعكس توتر العلاقة بين بيطار وسلطة “أحمد الشارع”، مما قد يؤدي إلى اندلاع اشتباكات دامية في المناطق التي يتقاطع فيها النفوذ بين الفصائل. يمكن أن يشكل هذا القرار تهديداً للأمن الداخلي في تلك المناطق، خاصة إذا كانت الفصائل المسلحة الأخرى في المنطقة تعتبر أن الأمر يشكل تهديداً لوجودهم أو لسلطتهم.
يعد دمج الفصائل العسكرية ضمن هيكل وزارة الدفاع السورية خطوة حساسة تتطلب توافقاً بين جميع الأطراف المشاركة. القرار الذي اتخذته “جيش تحرير الشام” يعكس شكوكاً متزايدة حيال إمكانية تنفيذ هذا الدمج بنجاح، وقد يؤدي إلى تفكك أو تعقيد المساعي الرامية إلى توحيد الفصائل ضمن هيكل واحد. هذا التصعيد قد يجعل الفصائل الأخرى تشكك في جدوى مشاركتها في عملية دمج القوات ضمن الوزارة، مما قد يؤثر سلباً على استقرار الحكومة السورية في المستقبل.
من هو النقيب فراس بيطار وقصة “جيش تحرير الشام”؟
فراس صلاح الدين البيطار هو ضابط سابق في الجيش السوري، وُلد في بلدة رنكوس بالقلمون الغربي في ريف دمشق عام 1978. نشأ في عائلة متدينة ومتوسطة الحال، ودرس الثانوية في فرعيها الأدبي والتجاري قبل أن ينتقل إلى المعهد التجاري، ثم يلتحق بالكلية الحربية تخصص مشاة. بالإضافة إلى ذلك، قيل إن بيطار كان يدرس القانون في جامعة دمشق قبل أن ينشق عن الجيش السوري في بداية الأزمة السورية ويشكل فصيله العسكري الخاص.
بداية الانشقاق وتشكيل “لواء تحرير الشام”
في عام 2012، وبعد انشقاقه عن الجيش السوري، أعلن النقيب فراس بيطار عن تشكيل “لواء تحرير الشام” في مدينة رنكوس. سيطر هذا الفصيل على عدة حواجز عسكرية على الحدود اللبنانية، ليصبح أحد أبرز الفصائل المسلحة في المنطقة. وفي 3 يناير 2015، شارك بيطار مع عدة فصائل أخرى في تشكيل “مجلس شورى المجاهدين”، الذي ضم فصائل مثل “لواء تحرير الشام”، “لواء شهداء مهين”، و”لواء شهداء القلمون”.
تطورات المعارك والتوسع العسكري
انتقل بيطار إلى الغوطة الشرقية وشارك في العديد من المعارك الهامة هناك، أبرزها معركة “ضرب النواصي” في 9 أبريل 2015. وفي 25 مارس من نفس العام، أعلن عن تأسيس “جيش تحرير الشام”، الذي كان يتبع للجيش السوري الحر، وبدأ بتوسيع نفوذه العسكري في مناطق مختلفة. في 30 سبتمبر 2015، تم تشكيل “سرايا أهل الشام” التي ضمت أكثر من 13 فصيلاً من بينهم فصائل إسلامية من جبال القلمون الغربي.
خصومات وتوترات داخلية
في 4 يناير 2016، نشبت توترات مع “جيش الإسلام”، حيث اُتهم “جيش تحرير الشام” بمبايعة تنظيم “داعش”. هذه الاتهامات كانت مرتبطة بالخصومة المتجددة بين الفصائل المسلحة في القلمون. على خلفية هذه المعركة، أُصدر بيان في 3 فبراير 2016 من قبل “جيش تحرير الشام” أعلن فيه أن “داعش” فئة باغية ويجب الرد على عدوانها.
مراحل الاندماج والتوسع
في ديسمبر 2017، انضمت عدة كتائب عسكرية من فصائل “الجيش الحر” إلى “جيش تحرير الشام”، بما في ذلك كتائب من مناطق القلمون الشرقي والغوطة الشرقية. في فبراير 2019، عُين النقيب فراس بيطار قائدًا عسكريًا لميليشيا “ثوار الشام”، وذلك بعد سلسلة من الاجتماعات العسكرية في مدينة عفرين. في 17 فبراير 2019، تم تشكيل “تجمع أهل الشام”، وهو تجمع من الضباط والعسكريين المنشقين من فصائل مختلفة.
التوترات مع “نور الدين الزنكي”
في 13 ديسمبر 2020، اندلعت اشتباكات مسلحة بين “جيش تحرير الشام” و”حركة نور الدين الزنكي” في مدينة جنديرس بسبب نزاع على ممتلكات، وتسببت الاشتباكات في مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة عشرة آخرين. وفيما بعد، وصل رتل عسكري من فصيل الشرقية إلى المدينة لفض النزاع ووقف الاشتباكات.
الاستراتيجية والتوجهات
على مدار السنوات الماضية، كان النقيب فراس بيطار و”جيش تحرير الشام” في حالة تحرك دائم، يجمعون التحالفات تارة ويواجهون العداوات تارة أخرى. أما في ميدان القتال، فقد أظهر “جيش تحرير الشام” القدرة على التحرك بين جبهات متعددة، سواء ضد القوات الحكومية أو ضد فصائل أخرى مثل “داعش” و”جيش الإسلام”.
التصعيد المتوقع
تسير الأمور نحو مزيد من التصعيد بعد إعلان النقيب فراس بيطار عن قراره العسكري الأخير، مما يعكس تنامي الخلافات والتوترات بين الفصائل المسلحة وسلطة “أحمد الشرع”. هذه الخلافات قد تؤدي إلى إضعاف المفاوضات الساعية إلى دمج الفصائل ضمن هيكل وزارة الدفاع السورية، وبالتالي تعقيد عملية السلام والحل السياسي في سوريا.