اختفاء منصة FBC الاستثمارية: خداع أكثر من مليون مشترك
في تطور صادم شهدته الساحة المالية الإلكترونية، اختفت منصة FBC الاستثمارية بشكل مفاجئ بعدما نجحت في خداع أكثر من مليون مشترك من بينهم آلاف المصريين، حيث قدرت الخسائر الإجمالية بما يقارب 6 مليارات دولار وفقًا للبيانات الأولية الصادرة عن النيابة العامة. تعتمد القصة على شبكة معقدة من الوعود الكاذبة والإستراتيجيات التسويقية المبتكرة التي استغلت ثغرات في الوعي المالي لدى شرائح واسعة من المجتمع.
البداية: وهم الثراء السريع عبر مهام بسيطة
انطلقت المنصة في فبراير 2024 بادعاء تقديم خدمات استثمارية غير تقليدية حيث عرضت على المشتركين إمكانية تحقيق أرباح يومية تصل إلى 490 جنيها مصريا من خلال تنفيذ مهام بسيطة مثل مشاهدة الإعلانات أو التفاعل مع المحتوى الرقمي. اعتمدت الخطة على نظام اشتراكات متدرج بدأ من 720 جنيها كحد أدنى مع وعود بمكافآت تراكمية تصل إلى 5000 جنيه عند استكمال عدد معين من المهام.
آلية الاحتيال: هندسة اجتماعية متطورة
تمكن المحتالون من تنفيذ مخططهم عبر ثلاث مراحل رئيسية:
- مرحلة بناء الثقة: حيث قدمت المنصة في الأسابيع الأولى أرباحا صغيرة لكنها منتظمة مما خلق انطباعا بالمصداقية لدى المستخدمين الجدد. العديد من الضحايا أكدوا تلقي مدفوعات فعلية خلال هذه الفترة.
- مرحلة التوسع: مع زيادة قاعدة المستخدمين، بدأت المنظمة في تنظيم مؤتمرات افتراضية عبر زووم تشارك فيها شخصيات تدعي ارتباطها بجهات حكومية وشركات عالمية. أحد الضحايا وصف هذه الجلسات بأنها محترفة ومقنعة بشكل لا يصدق.
- مرحلة الاختفاء: في ذروة النشاط وبعد تجميع الأموال، تم إغلاق الخوادم فجأة مع إزالة التطبيق من متاجر التطبيقات تاركين وراءهم موقعًا إلكترونيًا معطلاً وأرقام اتصال غير عاملة.
الأبعاد الاجتماعية للجريمة
كشفت التحقيقات الأولية عن استخدام المنظمة لاستراتيجيات تسويقية متقدمة حيث:
- استعانت بمشاهير التواصل الاجتماعي للترويج للخدمات مقابل عمولات كبيرة.
- أنتجت فيديوهات دعائية محترفة تظهر عملاء سعداء يتلقون أرباحا وهمية.
- استغلت الأزمات الاقتصادية الراهنة في نشر رسائل تحفيزية حول الفرص الذهبية.
الآثار المترتبة والجهود الرسمية
أدى الحادث إلى:
- تقديم أكثر من 500 بلاغ رسمي في محافظات الصعيد والوجه البحري.
- مطالبات نيابية عاجلة بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية.
- تحذيرات من البنك المركزي المصري من التعامل مع المنصات غير المرخصة.
صرح النائب هشام الجاحل، “هذه الجريمة المنظمة تتطلب تفعيل اتفاقيات التعاون الأمني الدولي لملاحقة الفاعلين”. من جهة أخرى، أعلنت وزارة الاتصالات عن خطة لمراقبة الإعلانات الرقمية بشكل أكثر صرامة.
الدروس المستفادة ومستقبل الحماية المالية
سلطت الواقعة الضوء على عدة نقاط محورية:
- ضرورة تعزيز الثقافة المالية الرقمية بين مختلف الفئات العمرية.
- أهمية التحقق من تراخيص المنصات الاستثمارية عبر البوابة الإلكترونية للهيئة العامة للرقابة المالية.
- الحاجة إلى تطوير آليات رقابة فورية على تطبيقات المتاجر الإلكترونية.
- تفعيل أنظمة الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن أنماط الاحتيال المالي.