تطور لافت في المشهد السياسي الكردي
في تطور لافت في المشهد السياسي الكردي، التقى وفد من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM) الكردي في تركيا، اليوم الخميس، بزعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) عبد الله أوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي. وفي هذا اللقاء التاريخي، دعا أوجلان حزبه إلى “إلقاء السلاح وحل نفسه”، معربًا عن تحمله “المسؤولية التاريخية” عن هذه الخطوة.
نداء أوجلان: دعوة للسلام والمجتمع الديمقراطي
في نداء هام قرأه أعضاء الوفد باللغة الكردية أحمد تورك، وباللغة التركية بروين بولدان، طالب أوجلان مجلس الحزب بعقد مؤتمر لاتخاذ قرار بحل الحزب. وأوضح في بيانه أنه “وُلد حزب العمال الكردستاني في القرن العشرين في ظل حربين عالميتين وأجواء الحرب الباردة التي شهدها العالم، إضافة إلى اشتداد القيود على الحريات، وخاصة حرية التعبير”.
وأضاف أن الحزب تأثر بشكل كبير بالنظام الاشتراكي الواقعي الذي ساد في القرن العشرين، إلا أن انهيار هذا النظام في التسعينيات أدى إلى تراجع تأثيره وفقدانه لأهميته، مؤكدًا أن الحزب “أصبح يعاني من التكرار المفرط”، وبالتالي أصبح حله “ضرورة”.
أوجلان يدعو إلى إعادة بناء العلاقات الكردية التركية
في رسالته، أشار أوجلان إلى أن العلاقة بين الأتراك والأكراد على مدار أكثر من ألف عام كانت تحكمها ضرورة التحالف من أجل الحفاظ على الوجود والصمود أمام القوى المهيمنة. وأضاف أن الحداثة الرأسمالية، على مدار القرنين الماضيين، كانت تهدف إلى تفكيك هذا التحالف، مما جعل إعادة تنظيم العلاقة التاريخية “ضرورة ملحة”، داعيًا إلى بناء “مجتمع ديمقراطي” يعكس روح الأخوة والمساواة بين الأتراك والأكراد، مع احترام المعتقدات والتنوع الثقافي.
دعوة للسلام والاعتراف بالحقوق الاجتماعية
أكد أوجلان في بيانه على ضرورة إرساء “مجتمع ديمقراطي” يعترف بالحقوق الاجتماعية التاريخية لجميع الأطراف، مشيرًا إلى أن الحلول التي تركز على “النزعات القومية المتطرفة” مثل إنشاء دولة قومية منفصلة أو الحكم الذاتي، لا تلبي الاحتياجات الاجتماعية والتاريخية للمجتمع. وشدد على أن “التنظيم الديمقراطي” و”الاحترام المتبادل” لن يتحقق إلا من خلال “مجتمع ديمقراطي ومساحة سياسية ديمقراطية”.
التسوية الديمقراطية: الطريق الوحيد للاستمرار
فيما يخص مستقبل الجمهورية التركية، أكد أوجلان أنه “لا يوجد طريق آخر غير الديمقراطية” لضمان استمرارية الدولة التركية والعيش المشترك بين جميع فئات الشعب. وأشار إلى أن التسوية الديمقراطية هي “الطريقة الأساسية” التي يجب اتباعها لتحقيق السلام والعدالة في البلاد.
كما دعا إلى تطوير لغة تتماشى مع “الواقع الجديد” خلال مرحلة السلام وبناء المجتمع الديمقراطي، مؤكدًا أن “القرن الثاني للجمهورية” لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال “التوافق الديمقراطي”.
تفاصيل الوفد والزيارات السابقة
كان الوفد الذي التقى أوجلان مكونًا من شخصيات بارزة من حزب DEM، من بينهم سري ثريا أوندر وبرفين بولدان، اللتان زارتهما سابقًا جزيرة إمرالي، بالإضافة إلى الرؤساء المشاركين للحزب تونجر باكيرهان وتولاي حاتم أوغلاري أوروتش، ونائب إسطنبول جنكيز تشيشيك، وأحمد تورك، والمحامي فائق أوزغور إرول.
هذا اللقاء يأتي في وقت حساس حيث كانت هناك تصريحات من رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي في أكتوبر 2024، دعا فيها إلى رفع عزلة أوجلان، ليتمكن من الإعلان عن “نهاية الإرهاب” وحل المنظمة. وكان حزب DEM قد تقدم في نوفمبر 2024 بطلب رسمي إلى وزارة العدل لعقد اجتماع مع أوجلان في إمرالي.
التطورات المستقبلية
اللقاء مع أوجلان هو جزء من سلسلة من الاجتماعات التي بدأها حزب DEM في ديسمبر 2024 مع المسؤولين الأكراد، بما في ذلك لقاءات مع رئيس حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، إضافة إلى لقاءات مع قوباط طالباني وبافل طالباني في السليمانية.
تستمر هذه الجهود في إطار البحث عن حلول سلمية ونقاشات بشأن مستقبل العلاقات الكردية التركية، في وقت حساس تمر فيه المنطقة بتطورات سياسية هامة.










