إطلاق سراح عميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي
أطلق سراح عميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي من سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد عقود من الأسر، ليتوجه فور إطلاق سراحه برسالة مؤثرة للشعب الفلسطيني والأمة العربية جمعاء، مؤكدا أن “الحرية الحقيقية لن تتحقق إلا بتحرير كامل التراب الفلسطيني”.
جاءت تصريحات البرغوثي التي ألقاها في العاصمة المصرية القاهرة بعد ساعات من إطلاق سراحه، لترسم ملامح مرحلة جديدة من النضال الفلسطيني.
تفاصيل الرسالة: نداء الوحدة في مواجهة الاحتلال
تحدث البرغوثي بلهجة توحي بخبرة ثلاثين عاما خلف القضبان، حيث شدد في كلمته الأولى بعد التحرير على أن “دماء الشهداء ستظل شعلة تنير درب التحرير”.
وأضاف نائل البرغوثي مبتدئا حديثه بالشكر لأهالي غزة: “الكلمات تعجز عن رد الجميل لأبطال المقاومة الذين يكتبون ملحمة الصمود بأجسادهم”.
لم تخل الرسالة من إشارات سياسية عميقة، حيث نوه المحرر إلى أن “المشروع الصهيوني يفقد يوميا شرعيته الأخلاقية بجرائمه ضد الإنسانية”، مستشهدا بما وصفه بـ”الانتهاكات المنظمة” التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون، من التعذيب الجسدي إلى الحرمان من أبسط حقوق الإنسان الأساسية.
شهادات من داخل الزنازين: واقع مرير للأسرى
كشف البرغوثي النقاب عن تفاصيل صادمة عن الحياة داخل السجون الإسرائيلية، قائلا: “حتى اللحظة الأخيرة قبل الإفراج، كان السجانون يمارسون أبشع أنواع التنكيل”.
ووصف كيف تعرض هو وزملاؤه الأسرى لـ”عمليات ضرب ممنهجة باستخدام أدوات حادة تسببت في كسور وجروح غائرة”.
وأشار إلى أن نظام الاعتقال الإداري الذي تفرضه سلطات الاحتلال يستخدم كأداة قمعية، حيث يعامل المعتقلون “كمجرمي حرب دون أي اعتبار للقوانين الدولية”.
كما لفت إلى ظاهرة التمييز العنصري الممنهج داخل السجون، والتي تعكس -حسب وصفه- “الطبيعة الاستعلائية للمشروع الصهيوني”.
في السياق المصري: تعزيز التحالف الإستراتيجي
في السياق المصري، لاحظ المراقبون تأكيد البرغوثي المتكرر على “الوحدة المصيرية بين الشعبين المصري والفلسطيني”، ما يعكس محاولة لتعزيز التحالف الإستراتيجي في مرحلة ما بعد الحرب الأخيرة على غزة.
وقد جاءت إشادته بـ”التضحيات المصرية التاريخية” كرسالة واضحة لدعم الموقف الرسمي المصري.
آفاق المستقبل: تحديات المقاومة الفلسطينية
أكد المحرر أن “معركة التحرير تدخل مرحلة مصيرية”، مشيرا إلى أن نجاحات المقاومة الأخيرة في مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية “أثبتت إمكانية تغيير المعادلات”.
لكنه حذر في الوقت ذاته من مخاطر التشرذم الداخلي، داعيا إلى “وحدة وطنية فلسطينية تتخطى الانقسامات الحزبية”.
من الناحية الإستراتيجية، رسم البرغوثي خريطة طريق تعتمد على ثلاثة محاور: تعزيز الصمود الشعبي، وتطوير أدوات المقاومة، وإبراز القضية فلسطينيا كقضية تحرر إنساني عالمي. كما شدد على أهمية “تحويل معركة الأسرى إلى قضية رأي عام دولية”.
دروس من سجين خلف القضبان
تشكل تجربة البرغوثي التي امتدت ثلاثة عقود مرآة عاكسة لتاريخ النضال الفلسطيني، حيث ترمز شخصيته إلى إرادة الصمود التي تتحدى كل محاولات الإخضاع. رسالته اليوم لا تمثل مجرد خطاب تحريضي، بل برنامج عمل يربط بين تحرير الإنسان والأرض، في معادلة تصعب تفكيكها.