حكومة نواف سلام: تحليل لإمكانيات النجاح في الإصلاح الاقتصادي وإنعاش لبنان
في أعقاب أزمة سياسية واقتصادية طاحنة استمرت لسنوات، تشكَّلت حكومة نواف سلام في فبراير 2025 كأول حكومة دائمة منذ عام 2022، وسط آمال لبنانية ودولية ببدء مرحلة إصلاح حقيقي. تُعتبر هذه الحكومة اختبارًا مصيريًا لقدرة النظام اللبناني على تجاوز العقبات الهيكلية التي أعاقت التنمية لعقود، بدءًا من نظام المحاصصة الطائفية وصولًا إلى الفساد المالي والسياسي. هذا التقرير يُحلِّل العوامل المؤثرة في مسيرة الحكومة، مع التركيز على التحديات الاقتصادية والسياسية، وآفاق التعافي في ضوء الخطط المعلنة والواقع الميداني.
السياق التاريخي والسياسي لتشكيل الحكومة
تركيبة الحكومة وتوازنات القوى
تضم حكومة سلام 24 وزيرًا تمثل الطوائف الرئيسية وفق نظام التقليد اللبناني، مع إبراز واضح لوجود شخصيات مستقلة وكفاءات تقنية في مناصب حيوية مثل المالية والدفاع…
الخلفية السياسية: من الحرب إلى التفاوض
جاء تشكيل الحكومة بعد حرب استنزفت موارد لبنان بين حزب الله وإسرائيل، والتي انتهت بوقف إطلاق النار بوساطة أمريكية في نوفمبر 2024…
التحديات الاقتصادية الهيكلية
أزمة العملة والانهيار المصرفي
منذ عام 2019، فقدت الليرة اللبنانية 90% من قيمتها، وتجمَّدت الودائع المصرفية بقيمة تصل إلى 100 مليار دولار…
قطاع الكهرباء: نموذج للإصلاح المستحيل؟
يعاني قطاع الكهرباء من عجز يصل إلى 40% في التغطية، مع فاقد فني يتجاوز 30% بسبب البنى التحتية المتداعية…
الإصلاحات الموعودة: بين الخطاب والتنفيذ
الخطة الاقتصادية والتفاوض مع صندوق النقد
أعلن وزير المالية ياسين جابر أن مفاوضات مع صندوق النقد ستبدأ في مارس 2025…
الإصلاح القضائي ومحاربة الفساد
تعهد رئيس الحكومة بإصلاح القضاء ليكون “درعًا ضد الفساد”، عبر تعيين قضاة مستقلين…
العوامل السياسية المؤثرة
التوازن الطائفي وصراع النفوذ
رغم تراجع الظاهر لدور حزب الله بعد الحرب، إلا أن سيطرته على مناطق الجنوب وعلاقته بإيران تمنحه أوراق ضغط ضد الحكومة…
الدور الإقليمي والدولي
الدعم الأمريكي المعلن عبر نائبة المبعوث الخاص مورغان أورتاغوس كان حاسمًا في تشكيل الحكومة…
سيناريوهات محتملة للنجاح أو الفشل
السيناريو التفاؤلي: تعاون دولي وإصلاح تدريجي
إذا نجحت الحكومة في الحصول على تمويل أولي من المانحين (2-3 مليارات دولار)، يمكنها بدء مشاريع إعمار سريعة في الجنوب…
السيناريو التشاؤمي: عودة الأزمات والجمود
فشل الحكومة في تنفيذ الإصلاحات خلال 12 شهرًا قد يؤدي إلى تجميد الدعم الدولي، مع عودة الاحتجاجات الشعبية…
الخاتمة: عوامل النجاح الحاسمة
لكي تنجح حكومة نواف سلام، يجب أن تجمع بين ثلاثة عناصر:
- الدعم الشعبي: عبر إنجازات سريعة في الملفات الخدمية (مثل الكهرباء والدواء) لاستعادة ثقة المواطنين.
- الضغط الدولي المدروس: توظيف العلاقات مع واشنطن والدول العربية لفرض إصلاحات دون استفزاز التحالفات المحلية.
- مواجهة الفساد الجريئة: بدء محاكمات رمزية لكبار الفاسدين، حتى لو كانت من الأحزاب الداعمة للحكومة.
في النهاية، القدرة على تحقيق التوازن بين هذه العوامل ستحدد ما إذا كانت هذه الحكومة ستكون نقطة تحوُّل في تاريخ لبنان، أو مجرد حلقة أخرى في سلسلة الإخفاقات المزمنة.