أعلنت غالبية الدول العربية أن يوم السبت الموافق 1 مارس 2025 سيكون غرة شهر رمضان المبارك لهذا العام 1446 هـ، وذلك بعد ثبوت رؤية هلال الشهر الكريم، بينما خالفت المملكة المغربية هذا الإجماع بإعلانها أن أول أيام الصيام سيكون يوم الأحد.
جاءت هذه القرارات بعد تحري الهلال مساء يوم الجمعة 29 شعبان 1446 هـ الموافق 28 فبراير 2025، حيث أكدت الدول المعنية اكتمال شهر شعبان لـ30 يوماً بناءً على تقارير اللجان الرسمية المختصة برصد الأهلة.
الإجماع العربي على بدء الصيام يوم السبت
أصدرت المملكة العربية السعودية بياناً عبر حساب الديوان الملكي على منصة “إكس” (تويتر سابقاً) أكدت فيه قرار المحكمة العليا باعتماد السبت 1 مارس كأول أيام رمضان.
تبعت هذا الإعلانَ دولٌ عربيةٌ عديدةٌ منها مصر وسوريا والكويت وقطر والإمارات والبحرين والأردن والأراضي الفلسطينية، حيث اعتمدت جميعها على التقارير الواردة من لجان الرصد الفلكية التي أكدت إمكانية رؤية الهالال مساء الجمعة.
سلطنة عمان تُصدِر أول إعلان عربي
تميزت سلطنة عمان بكونها أول دولة عربية تُعلن رسمياً عن تحديد يوم السبت كبداية للشهر الفضيل، حيث نشرت وكالة الأنباء العمانية تغريدة رسمية في وقت مبكر من مساء الجمعة تؤكد هذا القرار.
وجاء هذا الإعلان متزامناً مع تقارير غير رسمية من السعودية تشير إلى نجاح جهود الرصد في مناطق متفرقة من المملكة، ما مهّد الطريق للإعلان الرسمي لاحقاً.
استثناء مغربي في ظل اكتمال شعبان
خالفت المغربُ الإجماعَ العربي بإعلان وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن شهر شعبان سيستوفي 30 يوماً، وبالتالي فإن غرة رمضان ستكون يوم الأحد 2 مارس.
وأوضح البيان الرسمي أن جميع تقارير مراقبة الهلال من مندوبي الوزارة ومن وحدات القوات المسلحة الملكية أكدت عدم ثبوت الرؤية، مما استدعى إكمال شهر شعبان.
يُذكر أن المغرب تُعرف باتباعها منهجاً فقهياً خاصاً في إثبات الأهلة يعتمد على الرؤية البصرية المباشرة دون الاعتماد على الحسابات الفلكية المسبقة.
انقسام داخلي في العراق
شهد العراقُ حالةً من التباين في الإعلانات الرسمية، حيث أعلن الوقف السني التابع للهيئة السنية في البلاد أن السبت هو أول أيام رمضان، في حين أصدر مكتب المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني بياناً يُقرّ أن الأحد هو غرة الشهر.
يعكس هذا الاختلاف التعددية المذهبية في العراق، حيث تتبع كل جهة منهجاً خاصاً في إثبات الهلال، مما يؤدي أحياناً إلى تفاوت في تواريخ المناسبات الدينية بين المذاهب الإسلامية.
توافق نادر مع التقويم الميلادي
يأتي إعلانُ بداية رمضان هذه السنة متزامناً مع مطلع شهر مارس/آذار بشكل نادر، حيث تشير الحسابات الفلكية إلى أن هذه المصادفة تحدث مرة كل 33 سنة تقريباً.
ويُتوقع أن يؤدي هذا التوافق إلى تسهيل تنسيق المواعيد الدولية مع الدول غير الإسلامية، خاصة في المجالات التجارية والدبلوماسية، حيث تُجرى عادةً تعديلاتٌ على ساعات العمل خلال الشهر الفضيل في العالم الإسلامي.
تأثيرات على ترتيبات العمل والخدمات
أصدر البنك المركزي السعودي تعميماً ينظم ساعات عمل شركات التأمين خلال رمضان، حيث حدد ساعات التعامل مع الجمهور من العاشرة صباحاً حتى الرابعة عصراً.
كما شدد على ضرورة استمرار أقسام المطالبات في شركات التأمين الصحي بالعمل خلال إجازة العيد لضمان استمرارية الخدمات الصحية.
هذه الإجراءات تُعتبر نموذجاً للترتيبات المؤسسية التي تصاحب دخول الشهر الكريم في مختلف الدول العربية.
استعدادات رمضانية تحت أنقاض الحرب
رغم الظروف الاستثنائية في قطاع غزة بسبب استمرار العمليات العسكرية، بذل السكان جهوداً ملحوظة لاستقبال الشهر الكريم عبر تزيين الشوارع بالفوانيس والأضواء.
وتُظهر لقطات مصورة بثتها قناة “الحرة” محاولات الأهالي إضفاء أجواء الفرح رغم الدمار، حيث عبّرت الزينة الرمضانية عن صمود المجتمع الفلسطيني وتشبثه بالتقاليد الدينية.
رمضان.. جسر للتواصل الثقافي
تشهد الموائد الرمضانية في العالم العربي تنوعاً ثقافياً يعكس الخصوصيات الإقليمية، حيث تُقدّم أطباقٌ تقليديةٌ ترمز إلى الهوية المحلية لكل بلد.
وتحوّل هذا التنوع إلى ظاهرة ثقافية تجذب المهتمين بالتراث الغذائي، خاصة مع تبادل الوصفات بين الدول عبر منصات التواصل الاجتماعي.
كما تُبرز الزينةُ الرمضانية في الشوارع دورَ المناسبة في تعزيز التماسك الاجتماعي، حيث تُشكل فرصةً للتعاون بين الجيران في تجهيز الأحياء.
ختام
يُعتبر التباين في إعلانات بداية رمضان بين الدول العربية تجسيداً حياً للاختلافات المذهبية والفقهية في العالم الإسلامي، بينما تُظهر الاستعداداتُ الشعبيةُ قوةَ التقاليد الدينية في صياغة الهوية الجماعية.
ومن المتوقع أن تلقى هذه الإعلاناتُ ترحيباً واسعاً من المسلمين مع بدء الاستعدادات الروحية والاجتماعية للشهر الفضيل، في وقت تشهد فيه بعض المناطق تحديات إنسانية تستدعي تضامناً عالمياً لضمان إقامة الشعائر بكرامة.