في تطور يُضاف إلى سلسلة الأحداث الشخصية المثيرة للجدل التي تحيط بالملياردير إيلون ماسك، أُعلن يوم السبت 1 مارس 2025 عن ميلاد ابنه الرابع عشر، سيلدون ليكورغوس، من شيفون زيلس، المديرة التنفيذية في شركة “نيورالينك” التابعة لماسك.
هذا الإعلان يعكس مرة أخرى التزام ماسك بمواجهة ما يصفه بـ”أزمة الانخفاض السكاني”، وهي قضية يُصر على أنها التهديد الأكبر للحضارة الإنسانية.

الخوف من الانقراض
عبر السنوات، كرر ماسك تحذيراته من مخاطر الانخفاض الحاد في معدلات المواليد، معتبرًا إياها قضية وجودية تتطلب تدابير استثنائية.
في تغريدة شهيرة عام 2022، كتب: “أبذل قصارى جهدي للمساعدة في أزمة نقص السكان. إن انهيار معدل المواليد هو أكبر خطر تواجهه الحضارة حتى الآن”.
هذه الرؤية لا تنفصل عن خلفيته كرجل أعمال يسعى لاستعمار المريخ، حيث يرى أن توسع البشرية في الفضاء مرتبط بزيادة أعدادها على الأرض.

من ستة إلى أربعة عشر
يرتبط اسم ماسك بعائلات كبيرة ومعقدة. بدأت رحلته الأبوية مع زوجته الأولى، الكاتبة الكندية جوستين ويلسون، التي أنجب منها ستة أطفال عبر عمليات التلقيح الصناعي، بينهم توأم وثلاثي.
توفي ابنهما الأول، نيفادا ألكسندر، بعمر عشرة أسابيع بسبب متلازمة موت الرضع المفاجئ، وهي تجربة أثرت بشكل عميق على رؤيته للحياة والأسرة.
لاحقًا، مع الموزعة الكندية غرايمز، رُزق بثلاثة أطفال بأسماء غير تقليدية مثل X Æ A-12 (المعروف باسم “إكس”) وإكسا دارك سيديريل (“واي”)، مما أثار جدلًا واسعًا حول اختياراته الثقافية.

شيفون زيلس
تُعتبر زيلس، البالغة من العمر 38 عامًا، واحدة من أبرز الشخصيات في عالم التكنولوجيا الحيوية، حيث تشغل منصبًا تنفيذيًا رفيعًا في “نيورالينك”، الشركة المتخصصة في تطوير واجهات الدماغ-الحاسوب.
تعود معرفتها بماسك إلى سنوات من التعاون المهني، تحولت لاحقًا إلى شراكة شخصية أنتجت أربعة أطفال، بينهم التوأم سترايدر وأزور (2021)، وطفل ثالث لم يُكشف عن اسمه (2024)، وأخيرًا سيلدون ليكورغوس.
اختارت زيلس الإعلان عن الولادة عبر منصة “إكس” التابعة لماسك، معربة عن فرحتها بـ”ابننا الرائع والمذهل”، بينما اكتفى ماسك بالرد برمز القلب، في إشارة إلى توازن دقيق بين الاحتفال العام والحفاظ على مساحة من الخصوصية.
يُلاحظ أن أطفال الثنائي ظلوا بعيدين عن الأضواء مقارنة بأبناء ماسك من غرايمز، الذين غالبًا ما يرافقون والدهم في الفعاليات العامة، مثل ابنه إكس الذي ظهر مؤخرًا خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
يواجه ماسك انتقادات حادة من جهات ترى في سعيه لزيادة النسل مظهرًا من مظاهر “النرجسية التكنوقراطية”، حيث يُتهم باستغلال ثروته لتعزيز رؤيته الشخصية دون اعتبار للتبعات الاجتماعية أو البيئية.
يشير النقاد إلى أن معدل الإنجاب العالمي لا يزال أعلى من مستوى الاستبدال في العديد من المناطق، بينما تتركز المشكلة الحقيقية في سوء توزيع الموارد.
ولا تخلو حياة ماسك الأسرية من التعقيدات القانونية. فبالإضافة إلى النزاعات العلنية مع غرايمز حول حضانة الأطفال، تبرز مؤخرًا قضية آشلي سانت كلير، المؤثرة اليمينية البالغة 26 عامًا، التي رفعت دعوى أبوة ضد ماسك مدعية أنه والد طفلها البالغ خمسة أشهر.
قدمت سانت كلير رسائل نصية مزعومة لدعم ادعائها، بينما لم يصدر عن ماسك أي تعليق رسمي حتى الآن.

سياسة التسمية
تميز ماسك باختيار أسماء غير تقليدية لأطفاله، تعكس اهتماماته العلمية والفلسفية. اسم “سيلدون ليكورغوس” الجديد يحمل دلالات تاريخية (ليكورغوس المشرع الإسبرطي) وعلمية خيالية (ربما إشارة إلى عالم الرياضيات الخيالي سيلدون من سلسلة “Foundation” لآسيموف).
هذه الممارسة تثير تساؤلات حول تأثير مثل هذه الأسماء على الهوية الشخصية للأطفال مستقبلًا.
وشهد عام 2022 حدثًا لافتًا عندما غيرت فيفيان جين ويلسون، الابنة المتحولة جنسيًا لماسك من زواجه الأول، لقبها القانوني لتنأى بنفسها عن سمعة والدها، في خطوة تفسر كرفض للقيم التي يمثلها.
هذا الحادث يسلط الضوء على التعقيدات النفسية والاجتماعية التي قد تنشأ في ظل العائلات الكبيرة ذات السمعة العالمية.
“كفاءة الحكومة”
يتزامن الإعلان عن الوليدة الجديدة مع تعيين ماسك مؤخرًا كرئيس لقسم كفاءة الحكومة (المعروف اختصارًا بـ DOGE) في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
هذا المنصب، الذي يجمع بين التكنوقراطية والسياسة، يعزز موقع ماسك كشخصية مؤثرة في المشهد السياسي، مما يثير تساؤلات حول تداخل مصالحه الشخصية مع السياسات العامة.

الأطفال كأدوات رمزية
يلاحظ المراقبون تكرار ظهور أطفال ماسك في الفعاليات العامة، مثل حضور ابنه إكس مراسم تنصيب ترامب، مما يعزز صورة الأب المُلتزم الذي يدمج بين المسؤوليات العائلية والعملية. هذه الاستراتيجية تساهم في تشكيل صورة “العبقري العائلي” التي يعمل ماسك على ترسيخها في الإعلام.
يظل إيلون ماسك شخصية استقطابية، حيث تختلط إنجازاته التكنولوجية المذهلة باختيارات حياته الشخصية المثيرة للجدل.
بينما يرى أنصارُه في تكاثره الأسري تجسيدًا لالتزامٍ أخلاقي تجاه مستقبل البشرية، يعتبر منتقدوه أن هذه الممارسات تعكس رؤيةً استعلائية تتعارض مع مبادئ العدالة الاجتماعية والاستدامة.
في كل الأحوال، يبدو أن قضية الإنجاب ستظل محورية في تشكيل إرث ماسك، سواء على مستوى العائلة الصغيرة أو الأسرة البشرية الكبرى التي يسعى لقيادتها نحو المريخ وما بعده.