في أول ظهور علني منفرد، دعمت ميلانيا ترامب توجهاً تشريعياً لإقرار قانون يحارب نشر الصور الحميمية (الجنسية) غير التوافقية عن قصد عبر الإنترنت، سواء كانت حقيقية أو مزيفة.
وأعربت سيدة أميركا الأولى، الاثنين، خلال جلسة نقاش في مبنى الكونغرس، عن حزنها لرؤية ما يمر به المراهقون، خاصة الفتيات، بعد تعرّضهم للابتزاز من قبل أشخاص ينشرون مثل هذا المحتوى.
ويحظى مشروع القانون برعاية نواب جمهوريين وديمقراطيين في الكونغرس، قدمه النائب الجمهوري تيد كروز في يونيو 2024.
وأطلق عليه اسم “Take it down”، ما يعني إلزامية محو المحتوى الجنسي من الإنترنت.
وأوضحت ميلانيا ترامب: “يستحق كل شاب مساحة آمنة عبر الإنترنت ليعبر عن نفسه بحرية، دون التهديد المستمر بالاستغلال أو الأذى”.
وأشارت في ذلك للابتزاز الإلكتروني، حيث يطال عادة بحسب أرقام ودراسات أميركية، فئة المراهقين والأطفال.
وأضافت ميلانيا “يمكن أن يكون هذا المناخ السام مدمراً بشدة”.
لذلك، “يجب أن نعطي الأولوية لرفاهية الشباب من خلال تزويدهم بالدعم والأدوات اللازمة للتعامل مع هذا الفضاء الرقمي العدائي”، قالت ميلانيا من إحدى قاعات الكابيتول في العاصمة واشنطن.
دعم ميلانيا الذي أبدته أمس، “بالغ الأهمية لتسريع التشريع”، كما قال لها كروز خلال الجلسة.
ليس أمراً بسيطاً أو عرضياً أن يستيقظ شخص ما ليجد صوراً عارية له، لم يسبق له أن التقطها، تغزو مواقع التواصل الاجتماعي وتحقق ملايين المتابعات، أو أن يتلقى هذه الصور في بريده مع تهديدات بالنشر بهدف الابتزاز المالي أو الجنسي. وفي الوقت نفسه، ما عاد هذا السيناريو مستبعداً، ولا أحد بمنأى عنه.
مواد المشروع
أوضح كروز أنه استلهم مشروع القانون من قضية إليستون بيري (14 عاماً) ووالدتها، اللتين لجأتا إليه للمساعدة في إزالة صور للفتاة عن تطبيق “سناب تشات” تم إعدادها بتقنيات “ديب فايك” المعززة بالذكاء الاصطناعي.
ولمدة عام كامل من التواصل مع شركة “سناب تشات”، لم تتوصل إليستون لحل.
الفتاة نفسها حضرت جلسة الاثنين وشاركت قصتها، كما تواجد ضحايا آخرون.
كما حضر رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، وأكد دعمه.
وقال “نحن متحمسون لطرحه على التصويت في مجلس النواب، وإرساله إلى مكتب الرئيس دونالد ترامب لتوقيعه، لأن علينا أن نفعل ما بوسعنا لوقف هذا الأمر، وأنا داعم كامل له”.
لكن جونسون لم يحدد موعداً للتصويت عليه، بحسب وكالة “أسوشيتد” برس.
وينص مشروع القانون على:
1- اعتبار نشر الصور الحميمية أو التهديد بنشرها دون موافقة الشخص جريمة فدرالية.
2- يشمل ذلك الصور الحقيقية أو التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لأشخاص يمكن التعرف عليهم.
3- يجب على منصات التواصل الاجتماعي إزالة الصور خلال 48 ساعة من تلقي طلب الضحية، واتخاذ إجراءات لحذف أي نسخ مكررة.
حذرت منظمة خيرية لمكافحة إساءة معاملة الأطفال من احتمال إقبال متحرشين بالأطفال (بيدوفيليا) على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوليد صور عارية للصغار، وذلك بهدف ابتزازهم والضغط عليهم لتزويد المعتدين بمحتوى إباحي أكثر تطرفا، حسبما نقلت صحيفة الغارديان.
“الانتقام الإباحي”؟
النائبة ماريا إلفيرا سالازار، عبر بيان لدعم التوجه القانوني في 25 يناير الماضي، استخدمت مصطلح “الانتقام الإباحي Revenge Pornoghraphy”.
وقالت إن مشروع القانون يحظى بدعم أكثر من 100 منظمة وجماعة حقوقية، ما يعكس الحاجة الملحة لإقراره.
وأضافت سالازار: “بعض الأفراد السيئين يستغلون الذكاء الاصطناعي لابتزاز الأبرياء من خلال الإباحية المزيفة غير المصرّح بها. قانون “تيك إت داون” هو أفضل أداة للكونغرس لمنع هؤلاء الجناة من إيذاء المزيد من الضحايا، وحماية المتضررين، ومحاسبة المنصات الإلكترونية”.
في الوقت نفسه، يرفض حقوقيون وقانونيون توصيف الجريمة بـ”الانتقام الإباحي”.
ويعود ذلك لسببين،
أولا: يفترض أن الدافع هو الانتقام، لكن هناك دوافع أخرى، مثل الابتزاز لصالح الحصول على المال، أو إكراه الضحية على الفعل، أو استغلالها لجني المال.
ثانيا: كلمة إباحي، توحي بأن الضحية شارك/ت عن طيب خاطر، وهذا غير صحيح، لأن النشر جرى دون موافقتها.
لذلك، يفضل أصحاب هذا الرأي، توصيف “الصور الحميمية غير التوافقية” أو “الاعتداء الجنسي القائم على الصور”.
وهو نفس المصطلح الذي استخدم في حوار الطاولة المستديرة أمس الاثنين في الكونغرس.
أعادت واقعة استدراج السلطات القطرية لمثلي مكسيكي عبر إحدى تطبيقات المواعدة من أجل اعتقاله، تسليط الضوء على المخاطر التي ترتبط باستخدام تطبيقات المواعدة الخاصة بالمثليين في الدول العربية، خاصة في ظل تكرر حوادث مماثلة خلال السنوات القليلة الماضية.
أرقام ودراسات
أظهرت دراسة معمّقة نشرت في 2023، أن 6.5 في المئة من المراهقين قالوا إن صورا جنسية لهم نشرت عبر الإنترنت دون موافقتهم، مرة واحدة على الأقل في حياتهم.
وتوزعوا حسب الجنس: 7.4 في المئة إناث، و4.8 في المئة ذكور، وفق مركز معلومات التكنولوجيا الحيوية.
وفي بيان نشرته دائرة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الحكومية (ICE)، قالت إن قسم تحقيقات الأمن الداخلي تلقى أكثر من 3000 بلاغ عن ابتزاز جنسي خلال عام 2022.
كان عنوان البيان “الابتزاز الجنسي شائع أكثر مما تتصوّر”.
وأضافت أن أبرز المستهدفين مراهقون (ذكور وإناث) في سن 14-17 عاماً.
يبدي إزاءهم الجناة “اهتماما رومانسيا عبر منصّات الألعاب والتطبيقات ومواقع التواصل” لتحقيق غاياتهم، أضاف البيان.
وبين الأعوام (2016-2023)، وصل عدد بلاغات الاستدراج عبر الإنترنت، منها الابتزاز الجنسي “260 ألفاً”.
تلقى هذه البلاغات المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين (NCMEC).
وقال المركز إن ذلك يشير لتهديد كبير يطال الأطفال والمراهقين.
وبحسب مراجعة قانونية (2023) لموقع يجمع خريجي الحقوق من جامعة هارفارد، فإن المحتوى المعد بتقنية التزييف العميق، يشكل نسبة كبيرة مما يُنشر عبر الإنترنت.
وقالت إن 99 في المئة من ضحاياه نساء.
ونسبة مشابهة ذكرتها منظمة “الحقوق الرقمية” في تقرير سابق قالت إن 90 في المئة من ضحايا توزيع الصور الحميمة غير التوافقية هنّ نساء.
وأوضحت أن “دمج تقنيات الإنترنت في المجتمع، والانتشار الضخم والسريع للمعلومات، والاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي لم يعزز فقط أشكال العنف القائمة ضد النساء والفتيات، بل خلق أيضا أدوات جديدة لإيذائهن والتحكم بهن”.
ووصفت نشر هذه الصور بـ”العنف الجنسي المدعوم بالتكنولوجيا”.