تأثير العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيراني إلى الصين
مقدمة
ذكرت وكالة “بلومبرغ” في تقريرها أن العقوبات الأمريكية المفروضة على الشركات وناقلات النفط التي يُقال إنها تشارك في تصدير النفط الإيراني إلى الصين قد أدت إلى إبطاء تدفق هذه الصادرات، وخفض حجمها، وزيادة تكاليفها. جاء هذا التقرير في وقت حساس، حيث تصاعدت الضغوط على التجارة النفطية بين إيران والصين، وأصبح هناك تحديات لوجستية جديدة تعيق هذه العمليات.
تأثير العقوبات الأمريكية
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد وقع في 5 فبراير الماضي أمرًا تنفيذيًا لاستئناف سياسة “الضغط الأقصى” ضد إيران، بهدف “تصفير” صادرات النفط الإيراني. في هذا السياق، حذر ترامب من أن أي دولة تشتري النفط الإيراني يجب أن تتوقف عن هذه التجارة. ونتيجة لهذه السياسات، أبلغ تجار وشركات الشحن عن اضطرابات كبيرة في تسليم الشحنات النفطية، حيث زادت الصعوبات اللوجستية وارتفعت التكاليف.
عراقيل لوجستية وزيادة التكاليف
بحسب تقرير “بلومبرغ”، أشار مدراء مصافي النفط الخاصة في الصين إلى أن بعض ناقلات النفط الإيرانية تعرضت للاعتراض في الطريق، مما أدى إلى مزيد من الاضطراب في السوق. وقد ارتفعت التكاليف بشكل كبير، حيث أظهرت البيانات أن تكلفة استئجار ناقلة عملاقة غير محظورة لنقل النفط الإيراني من ماليزيا إلى الصين في أوائل هذا الشهر تراوحت بين 5 و6 ملايين دولار، بزيادة تصل إلى 50% مقارنة بالعام الماضي. هذا الرقم يُعد رقمًا قياسيًا غير مسبوق، مما يعكس حجم الضغوط التي تواجهها التجارة.
التأثير على التجارة الصينية
تعد الصين أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، ومع ذلك، فإن العقوبات الأميركية قد دفعت بعض الموانئ والشركات الصينية إلى اتخاذ احتياطات إضافية. فقد قامت مجموعة موانئ شاندونغ الصينية في يناير الماضي بمنع دخول السفن المحظورة المحملة بالنفط الإيراني والروسي. وقد كان هذا القرار نتيجة للمخاوف من تشديد العقوبات بعد تولي ترامب الرئاسة، وهو ما أثر بشكل كبير على مبيعات النفط الإيراني إلى الصين، حيث انخفضت بشكل حاد في يناير.
التنقل السري والضغط على السفن
رغم هذه الصعوبات، لا تزال التجارة بين إيران والصين مستمرة، ولكن بطريقة أكثر سريّة. في مياه ماليزيا، التي تُعد أهم مركز لنقل النفط الإيراني، يتم تنفيذ عمليات النقل بشكل سري مع إيقاف أجهزة تتبع السفن. وتظهر الصور الفضائية أن شحنات النفط الإيراني تنتقل في “الظلام التام”، ما يعكس حرص الأطراف المعنية على الالتفاف حول العقوبات الأميركية.
استمرار التجارة رغم الضغوط
وفي مواجهة هذه الضغوط، يواصل العديد من التجار والوسطاء الإيرانيين تقديم خصومات لجذب المشترين الصينيين. على الرغم من الارتفاع في التكاليف، لا تزال الصين تشتري النفط الإيراني بخصومات تصل إلى 1 دولار للبرميل مقارنة بأسعار خام برنت العالمية. ومن الملاحظ أن تدفق النفط الإيراني إلى الصين وصل إلى أعلى مستوى له في أربعة أشهر بسبب تراكم الشحنات المتأخرة، مما يظهر أن التجارة بين البلدين لا تزال مزدهرة رغم الضغوط.
التهديدات المستقبلية
علاوة على ذلك، أشار المدير العالمي لأبحاث الشحن في شركة “أويل بروكريدج”، أنوب سينغ، إلى أن الولايات المتحدة قد بدأت في استهداف السفن وملاكها، لكنها قد تتوسع لتشمل البنوك والدول التي تمنح السفن أعلامها أو شركات التأمين، وهو ما سيزيد الضغط على صادرات النفط الإيراني.