أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعيين دانيال ديفيس، العقيد المتقاعد في الجيش الأمريكي، لمنصب نائب مدير الاستخبارات الوطنية.
هذا التعيين أثار جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، خاصةً في ضوء آراء ديفيس المثيرة للجدل حول سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وعلاقته بإسرائيل.
دانيال ديفيس وآراؤه المثيرة للجدل
يُعرف دانيال ديفيس بانتقاداته العلنية والشديدة لسياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لاسيما تلك المتعلقة بإسرائيل وإيران. على الرغم من خلفيته العسكرية الرفيعة، حيث خدم في أفغانستان وأماكن أخرى، إلا أن ديفيس أصبح أحد أبرز المنتقدين للسياسة الأمريكية في المنطقة. في عام 2012، بعد عودته من مهمته في أفغانستان، اتهم قادة الجيش الأمريكي بتضليل الرأي العام بشأن تقدم الحرب هناك.
ديفيس هو حاليًا زميل في مركز “دفاع أولويات”، وهو معهد أبحاث يدعو إلى تقليص التدخل العسكري الأمريكي في الخارج. كما يُعرف بآرائه الصارمة تجاه إسرائيل، حيث وصف الهجوم على غزة في 7 أكتوبر الماضي بأنه “ملائم” لتبرير “التدمير العشوائي” للقطاع، وانتقد دعم الولايات المتحدة المستمر للحرب الإسرائيلية ضد حماس. كما وصف الدعم الأمريكي للحرب في غزة بأنه “وصمة عار على شخصيتنا كأمة”.
أيضًا، وجه ديفيس اتهامات ضد كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، متهما إياهما بتسريع مساعي إيران لامتلاك سلاح نووي، ووصف طهران بأنها “قوة إقليمية هامشية”. هذه الآراء تتناقض بشكل كبير مع سياسات إدارة ترامب التي دعمت بقوة الحرب الإسرائيلية ضد حماس وأعادت فرض حملة “الضغط الأقصى” على إيران.
ردود فعل متباينة على التعيين
أثار تعيين ديفيس ردود فعل قوية، لا سيما من جانب السياسيين الديمقراطيين. السناتور مارك وارنر، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، عبّر عن معارضته الشديدة لهذا التعيين، مشيرًا إلى تصريحات ديفيس التي ألقت باللوم على إسرائيل بسبب الهجمات الإرهابية التي وقعت في 7 أكتوبر، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1200 مدني إسرائيلي على يد حماس. واعتبر وارنر أن هذه التصريحات تجعل ديفيس غير مؤهل لتولي منصب حساس في مجال تحليل الاستخبارات الوطنية.
من جانب آخر، رغم أن السفارة الإسرائيلية في واشنطن رفضت التعليق رسميًا على التعيين، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين قد يشعرون بالقلق تجاه هذا التعيين في ظل آراء ديفيس المثيرة للجدل بشأن السياسة الإسرائيلية. مع ذلك، أكدت الحكومة الإسرائيلية أنها تتوقع الحفاظ على علاقة عمل جيدة مع إدارة ترامب، رغم التباين في وجهات النظر بشأن بعض القضايا.
التوجهات السياسية لإدارة ترامب
تعيين ديفيس يأتي في وقت حساس بالنسبة للإدارة الأمريكية، ويعكس التوجهات المتزايدة نحو تسييس الأدوار في مجتمع الاستخبارات الأمريكي. هذا التعيين يعد غير تقليدي، حيث أن المنصب عادة ما يشغله مسؤولون مخضرمون في مجال الاستخبارات، بينما يأتي ديفيس بخلفية عسكرية فقط، مما يثير تساؤلات حول الكفاءة والتأهيل في مجال الاستخبارات.
كما يعكس التعيين رغبة إدارة ترامب في تعيين شخصيات تتبنى آراء غير تقليدية بشأن السياسة الخارجية الأمريكية. ديفيس، الذي يدعو إلى تقليص التدخل العسكري الأمريكي في الخارج، يُعتبر جزءًا من هذه التوجهات التي تسعى الإدارة إلى دعمها، مما يعكس تغييرات كبيرة في طريقة اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمن الوطني.