في بيان صادر عن مجلس سوريا الديمقراطية، الذي يُعتبر المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، انتقد المجلس الإعلان الدستوري الجديد، معتبراً أن رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع “يكرر ما كان يفعله” الرئيس السابق بشار الأسد فيما يتعلق بالدستور والقوانين. وقال المجلس أن الإعلان الدستوري غير شرعي ولا يتوافق مع الاتفاقات السابقة التي تم التوصل إليها في إطار الشرعية الدولية. كما أشار المجلس إلى أن التأكيد على الشريعة الإسلامية في إدارة الدولة قد يؤدي إلى الفوضى ويعزز التوترات بين المكونات السورية المختلفة.
تصريحات درزية ترفض إعلان الشرع
من جهة أخرى، أثار الإعلان الدستوري جدلاً واسعاً داخل المجتمع الدرزي في سوريا، حيث أعلن شيخ عقل الموحدين الدروز في سوريا رفضه التام للإعلان الدستوري. وقال في تصريحات أدلى بها في السويداء: “نحن في مرحلة كن أو لا تكون، ولن نوافق على السياسات الحكومية في دمشق”. وأكد أن الطائفة الدرزية ستتخذ خطوات مستقلة نحو ما يحقق مصالحها، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية تسير في اتجاه التطرف.
انتقادات حول بنود الإعلان
النقد الأكبر من قبل مختلف المكونات السورية كان حول بند رئيسي في الإعلان الدستوري، ينص على أن “دين رئيس الجمهورية يجب أن يكون الإسلام”. هذا البند أثار مخاوف كبيرة لدى العديد من الأقليات، حيث اعتبره البعض تمييزاً ضد غير المسلمين مثل المسيحيين، الدروز، العلويين، والأكراد، ومنعهم من الترشح لرئاسة الجمهورية. في هذا السياق، أشار الإعلامي السوري وحيد يزبك إلى أن هذا البند ليس له ضرورة موضوعية، خصوصاً أن غالبية سكان سوريا من المسلمين، مضيفًا أن هذا الشرط يُعد خطوة تقييدية تساهم في تكريس التفرقة الدينية.
اتفاقات سابقة مع المكونات السورية
تأتي هذه الاعتراضات على الإعلان الدستوري في وقت حساس، حيث كانت الحكومة الانتقالية قد أبرمت اتفاقات مع بعض المكونات السورية في وقت سابق. في 10 مارس 2025، تم توقيع اتفاق بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، يضمن حقوق المجتمع الكردي في سوريا ويشمل دمج المؤسسات العسكرية والمدنية الكردية في إطار الدولة السورية. كما تم توقيع اتفاق آخر مع فصائل ووجهاء محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، ما يسلط الضوء على جهود الحكومة الانتقالية للوصول إلى توافق مع مختلف الطوائف.
تحديات المرحلة الانتقالية
على الرغم من هذه الخطوات الإيجابية، فإن التحديات الأمنية والسياسية تبقى قائمة في المرحلة الانتقالية. تبقى قضية الأكراد أحد الملفات الأكثر تعقيداً، خاصة في ظل الدعم الدولي لقوات “قسد”، وكذلك تباين المواقف بين مختلف المكونات السورية. في المقابل، يسعى العديد من الشخصيات الدرزية إلى تحجيم تدخل الحكومة السورية في شؤونهم الداخلية.
وفي النهاية، يشير المشهد الحالي إلى أن الإعلان الدستوري، رغم كونه خطوة مهمة في العملية الانتقالية، يواجه تحديات واسعة سواء من القوى السياسية المختلفة أو من الأقليات التي تشعر بأنها مستبعدة أو مهددة بموجب بعض بنوده. مستقبل سوريا يعتمد على قدرة الأطراف المختلفة على التوصل إلى توافقات تضمن حماية حقوق جميع مكوناتها وضمان تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.