المجلس العسكري في السويداء يعلن دعمه المطلق لموقف الشيخ حكمت الهجري الرافض للتعامل مع حكومة دمشق
أعلن المجلس العسكري السوري في السويداء دعمه المطلق لموقف الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في سوريا الشيخ حكمت الهجري، في رفضه التعامل مع نظام دمشق الجديد الذي يقوده أحمد الشرع. وجاء هذا الإعلان في وقت تشهد فيه المنطقة انقساماً حول طبيعة العلاقة مع الحكومة المركزية، وسط تحديات أمنية متزايدة وتدخلات إقليمية متعددة.
بيان المجلس العسكري وتفاصيل الدعم
أكد المجلس العسكري السوري في السويداء، عبر حسابه على منصة “فيسبوك” مساء الخميس، “تبنيه المطلق لقرارات الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين سماحة الشيخ حكمت الهجري” ورفضه القاطع للتعاون مع الحكومة القائمة في دمشق التي “تعتمد على دستور متشدد”، إلا في حال تطبيق قرارات تضمن حقوق جميع المكونات السورية وحماية حقوق كل الطوائف في سوريا.
وشدد المجلس في بيانه على رفضه النظام المركزي في إدارة شؤون المنطقة، مؤكداً أن “اللامركزية والتعددية في دستور البلاد هي مطلبنا وأبناء كل منطقة هم الأجدر بإدارة مناطقهم بأنفسهم”. وأضاف أن “حماية المحافظة واجب علينا، ونحن مستعدون للدفاع عن أنفسنا ضد أي هجمات أو اعتداءات تُشن ضدنا”.
ويأتي هذا الموقف بعد أن أعلن الشيخ حكمت الهجري في وقت سابق من يوم الخميس أنه “لا وفاق ولا توافق مع السلطات في دمشق”، معتبراً أن “حكومة دمشق متطرفة إرهابية وهي مطلوبة للعدالة الدولية”، وأن أي تساهل مع هذا الأمر غير مقبول.
المشروع الوطني للمجلس العسكري والعلاقة مع الهجري
كشفت مصادر أن المجلس العسكري للسويداء أعلن في وقت سابق عن مشروعه الوطني المتمثل بسماحة الشيخ حكمت الهجري، مؤكداً أن المجلس يسعى للتنسيق مع القوى السياسية الثورية والمجتمع الأهلي والهيئة الروحية التي يمثلها الشيخ الهجري.
وأوضح المجلس في بيان سابق أن مشروعه ينطلق من “قاعدة تنظيم التعاون بين القوى المسلحة في المجتمع المحلي، التي ساهمت في حماية الأرض والعرض”، وتمكين شباب المنطقة من عدم الانخراط في الصراع السوري من خلال تغطية امتناع نحو أربعين ألف شاب عن الالتحاق بالخدمة العسكرية والاحتياطية.
وأكد المجلس أن الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، هو ممثل المجلس، وذلك بهدف تحقيق متطلبات حماية المجتمع والأمن الوطني والإقليمي، وحماية الحدود الجنوبية من عصابات التهريب والسلاح والمخدرات.
الانقسام في السويداء حول التعامل مع دمشق
رغم الدعم الذي يعلنه المجلس العسكري للسويداء لموقف الشيخ حكمت الهجري، إلا أن المشهد في المحافظة يبدو منقسماً، إذ أعلنت فصائل أخرى ووجهاء من السويداء عن التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية لا يشمل فصيل حكمت الهجري.
كما أشارت مصادر محلية إلى أن “غرفة عمليات الحسم” و”العمليات المشتركة”، والتي تضم كبرى الفصائل العسكرية في السويداء، كانت قد أصدرت بياناً اعتبرت فيه المجلس العسكري “غير شرعي”، وأن بيانه لا يمثل إلا أصحابه.
وأكدت مصادر أن “المجلس العسكري” ينشط في بعض مناطق ريف السويداء الجنوبي، وليس لديه امتداد في جميع أرجاء المحافظة، ويقوده طارق الشوفي، وهو ضابط منشق عمل مع تجمعات سياسية تطالب بنظام حكم لا مركزي في سوريا.
موقف الهجري من حكومة دمشق والأسباب وراءه
عزت مصادر محلية في السويداء موقف الشيخ الهجري من الحكومة الحالية في دمشق إلى الانتهاكات التي حصلت بحق أبناء الطائفة العلوية في الساحل السوري، حيث قُتل المئات منهم برصاص فصائل دخلت المنطقة برفقة قوات الأمن العام والجيش.
وسبق للشيخ الهجري أن أدان بشدة هذا السلوك، وانتقد السلطة الإسلامية الحاكمة في دمشق، محمّلاً إياها المسؤولية عن هذه التجاوزات والانتهاكات.. وقد نفت مصادر مقربة من الشيخ الهجري حصول أي اتفاق مع دمشق، مؤكدة أن ما حصل لا يتعدى كونه حواراً بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ومجموعة من وجهاء المحافظة.
التداعيات الإقليمية والدولية
يأتي هذا التطور في ظل تصريحات إسرائيلية تحذر من أي وجود لقوات “هيئة تحرير الشام” أو أي قوات أخرى تابعة “للحكام الجدد” في جنوب سوريا، مطالبة بنزع السلاح من المنطقة.
ونقلت وسائل إعلام عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله: “لن نسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بدخول الأراضي الواقعة جنوب دمشق. نطالب بالنزع التام للسلاح من جنوب سوريا، في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء… لن نتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا”.
وفي سياق متصل، أشارت تقارير إلى أن إسرائيل أرسلت 10 آلاف سلة من المساعدات الإنسانية للدروز السوريين، في خطوة تعكس اهتمامها بأوضاع هذه الطائفة في ظل التطورات الجارية.
الخلاصة والتطورات المرتقبة
يبدو أن المرجعيات الروحية والفصائل المقاتلة المسيطرة على الأرض في السويداء منقسمة على نفسها حول طبيعة العلاقة مع دمشق، إذ تميل بعض الفصائل إلى إبرام اتفاق معها بعد الحصول على ضمانات تخص أبناء المحافظة، في حين يبقي الشيخ الهجري على موقف أكثر حذراً، وهو ما يدعمه المجلس العسكري في السويداء.
وفي ظل هذا الانقسام، تبقى الأوضاع في السويداء مرشحة لمزيد من التطورات، خاصة مع المساعي المستمرة من قبل دمشق لبسط سيطرتها على كامل المحافظة، وإدماج الفصائل المسلحة فيها ضمن مؤسسات الدولة، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تدخلات خارجية قد تزيد من تعقيد المشهد.