الجراد الصحراوي يهدد جنوب تونس بعد دخوله من ليبيا
أعلنت وزارة الفلاحة التونسية حالة “اليقظة” بعد تسجيل دخول أعداد من الجراد الصحراوي إلى منطقة الذهيبة بولاية تطاوين جنوب البلاد. وأكدت الوزارة أن أسراب الجراد وصلت إلى التراب التونسي بعد هبوب رياح جنوبية حملتها من ليبيا، التي تشهد حاليًا “طفرة” للآفة نتيجة توفر الظروف الملائمة لتكاثرها من تهاطل الأمطار وتوفر الغطاء النباتي الأخضر.
حجم التهديد والمناطق المتضررة
أوضح عبد العزيز الحرابي، رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بتطاوين، أن أسراب الجراد تمتد حاليًا على مساحة تقدر بنحو 2 كيلومتر مربع، وقد انتشرت على امتداد مناطق من ولاية تطاوين وبعض المناطق من معتمدية بن قردان من ولاية مدنين. وبين الحرابي أن حجم الجراد في البداية كان محدودًا، لكن مع مرور الوقت بدأ يظهر انتشار أكبر في المساحات المحيطة.
ورغم أن المعاينات الميدانية للفرق التقنية تؤكد أن أعداد الجراد الصحراوي التي تم رصدها لا تشكل “في الوقت الحالي” خطرًا على الغطاء النباتي بالجهة، إلا أن خبراء الفلاحة يحذرون من أن الجراد يشكل تهديدًا كبيرًا على المحاصيل الزراعية، حيث يتغذى من أوراق الأشجار والنباتات ويتسبب في تلفها بشكل كامل، وقد يؤدي إلى إتلاف مساحات زراعية كبرى لأنه يتكاثر بصفة كبيرة.
إجراءات المكافحة والوقاية
سارعت السلطات التونسية إلى اتخاذ العديد من الإجراءات لمواجهة هذا التهديد المحتمل، حيث تم تكوين لجنة يقظة للتصدي لدخول أسراب الجراد الصحراوي. وأعلنت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أن المصالح الجهوية المختصة التابعة لها بولاية تطاوين تولت خلال الليلة الفاصلة بين 12 و13 مارس 2025، القيام بالمداواة الأرضية للرقعة المتواجدة بها الآفة.
وتمت معاضدة جهود الفريق الفني بتطاوين بفرق ميدانية خلال الليلة الفاصلة بين 14 و15 مارس الجاري، مزودة بآلات رش محمولة على الشاحنات وصهاريج مياه من المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بكل من سيدي بوزيد وقابس، مع تأكيد استمرار عمليات المداواة.
وفي إطار الاستعداد المسبق، عقدت اللجنة الوطنية لليقظة ومكافحة الجراد اجتماعًا يوم 12 مارس 2025 برئاسة وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عز الدين بن الشيخ، وبحضور ممثلي الوزارات والهياكل المعنية، حيث تم دراسة السيناريوهات المحتملة والاتفاق على عدة تدابير أهمها:
- تفعيل اللجان الجهوية للجراد بولايات الصف الأول للمواجهة (تطاوين ومدنين وقابس وتوزر وقبلي وقفصة) تحت إشراف الولاة.
- تكوين “جبهة الصد الأولى” للتقييم في المناطق الحدودية، خاصة بالجنوب التونسي.
- تكوين مخزون من المبيدات تحسبًا لأي طارئ.
كما تنظم المصالح المركزية المختصة بوزارة الفلاحة بالتعاون مع هيئة مكافحة الجراد الصحراوي دورة تكوينية من 13 إلى 21 مارس الجاري، يؤمنها خبير من الهيئة، وتتعلق بتقنيات رش المبيدات لمكافحة الجراد الصحراوي مع حصص تطبيقية حول تشغيل آلات الرش التي تم اقتناؤها منذ آخر غزو للجراد في تونس.
التعاون الإقليمي والدولي
أكدت وزارة الفلاحة التونسية أنها تتابع تطورات انتشار الجراد بشكل دوري ومتواصل، وبنسق حثيث منذ أكتوبر 2024، وذلك بالتعاون مع شبكة من الاختصاصيين الدوليين ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وهيئة مكافحة الجراد الصحراوي بالمنطقة الغربية.
كما أشارت الوزارة إلى أنه يجري التنسيق مع دول الجوار لتعزيز التعاون وتظافر الجهود للحد من هذه الآفة، خاصة مع تكون بعض الأسراب صغيرة الحجم من الجراد الصحراوي في ليبيا.
خطورة الجراد الصحراوي وتأثيراته
تعتبر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) الجراد الصحراوي “أكثر الآفات المهاجرة تدميرًا في العالم” وأخطر أنواع الجراد “نظرًا لقدرته على الهجرة عبر مسافات طويلة وزيادة أعداده بسرعة”. وتكمن خطورته في قدرته على تدمير المحاصيل الزراعية والغطاء النباتي بشكل كامل، مما يهدد الأمن الغذائي في المناطق المتضررة.
وبحسب الخبراء، يأتي الجراد عادة في فترات معينة من السنة نتيجة للأحوال الجوية، وخاصة الرياح الجنوبية التي تحمله من مناطق في ليبيا والجزائر. ونظرًا لقدرته على التكاثر السريع، يمكن أن يتحول من تهديد محدود إلى خطر حقيقي على المحاصيل الزراعية في وقت قصير.
حالة اليقظة مستمرة
رغم تأكيد وزارة الفلاحة التونسية أن الوضع حاليًا تحت السيطرة، إلا أن اللجنة الوطنية لمقاومة الجراد تبقى في حالة انعقاد دائم، مع استمرار الفرق الفنية في القيام بعملية مسح شاملة وكاملة لكل المنطقة لرصد تحركات الجراد، وتجنيد كل المتدخلين على المستوى المركزي والجهوي للبقاء في حالة يقظة وتكثيف حملة المداواة ضد الآفة.
وفي ختام بيانها، طمأنت وزارة الفلاحة جميع المواطنين وخاصة الفلاحين بأن الوضع تحت السيطرة، مع البقاء في حالة تأهب واستعداد للتصدي لأي تطورات محتملة في انتشار الجراد الصحراوي.