حميدتي يعلن تدمير الدعم السريع 70% من مقاتلات الجيش السوداني ويتوعد بالسيطرة على بورتسودان
في تصعيد جديد للأزمة السودانية، أدلى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” بتصريحات هامة اليوم السبت 15 مارس 2025، حيث أعلن عزمه السيطرة على بورتسودان، وأكد أن قواته دمرت ما يقارب 70% من مقاتلات الجيش السوداني. وتعد هذه التصريحات استمراراً لسلسلة التصعيد العسكري في الصراع المستمر منذ ما يقارب عامين في السودان، والذي أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة تهدد وحدة البلاد واستقرارها.
تصريحات حميدتي الجديدة وتداعياتها على المشهد السوداني
أكد حميدتي في تصريحاته اليوم أن قواته “تعمل على تحرير السودان بالكامل”، مضيفاً أن “دماء الشهداء لن تضيع هدراً” وأن قواته ستتكفل برعاية أسر ضحايا الحروب السودانية. وتأتي هذه التصريحات بعد أشهر من إعلان حميدتي في خطاب سابق بمناسبة ذكرى الاستقلال تمسكه بوحدة السودان أرضاً وشعباً.
وفي إشارة إلى بعض الدول الإقليمية، قال حميدتي إنهم “يرصدون الدول الداعمة للإرهاب”، مؤكداً أن “السودان لن يكون لقمة سائغة بأيديهم”. كما وجه اتهامات للإسلاميين قائلاً إنهم “يسعون لإشعال الفتن في كل الأقاليم” وأن قواته “تقف لهم بالمرصاد في وجه مخططاتهم”.
وأضاف حميدتي: “لا نبحث عن السلطة بل نريد سوداناً موحداً ومستقراً بعيداً عن الفتن والصراعات المفتعلة”، مشيراً إلى أن “هناك مخططاً لإشعال الفتن في دارفور” وأن قواته “تعمل على إحباطه”. كما ادعى أنه يرصد “تحركات العناصر التي دربها مني أركو مناوي في إريتريا” وتوعد بمواجهتها قريباً.
الموقف من الجيش السوداني وقيادته
هاجم حميدتي في تصريحاته ياسر العطا نائب قائد الجيش السوداني، واصفاً إياه بأنه “شخص ضغين لم يكن له موقف واضح في المعارك”. ويأتي هذا الهجوم في وقت كان العطا قد صرح سابقاً أن الجيش يسيطر على معظم أنحاء البلاد، واتهم وسائل الإعلام المرتبطة بقوات الدعم السريع بنشر معلومات مضللة.
وكان العطا قد أعلن في أغسطس الماضي أن حوالي 80% من قوات الدعم السريع أصبحوا عاجزين، مدعياً أن الدعم السريع تواصل تجنيد مرتزقة عديمي الخبرة، وأن الجيش صدّ 6000 مقاتل جديد من قوات الدعم السريع.
في المقابل، أكد حميدتي في تصريحاته اليوم أن “الجيش السوداني لم يكن يوماً مؤسسة وطنية بل مجرد شماعة استخدمتها الأنظمة الفاسدة لنهب السودان”، مشدداً على أن قواته “لن تخرج من الخرطوم وستنتصر للشعب السوداني”.
رؤية حميدتي للسودان الجديد والتحالفات المستقبلية
في إطار حديثه عن مستقبل السودان، أكد حميدتي أن “الدعم السريع لديه تحالفات سياسية وعسكرية وأن المرحلة القادمة ستكون مختلفة عن السابق”. وأعرب عن ترحيبه بعبد العزيز الحلو قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، مؤكداً أن “السودان الجديد يجب أن يبنى على أسس عادلة للجميع”.
وتتماشى هذه التصريحات مع خطابه السابق في ذكرى الاستقلال، حيث أكد أنه لا يسعى لأن تكون قواته بديلاً للجيش السوداني، بل يريد إنشاء جيش جديد يخضع للسيطرة المدنية. وتعهد آنذاك ببناء سودان جديد لا يُضام أو يُظلم فيه أحد.
الوضع في دارفور وتحذيرات من انفصال جديد
أشار حميدتي في تصريحاته إلى ما وصفه بـ”مخططات لإشعال الفتن في دارفور”، وحذر من “مخططات جديدة لفصل السودان على أسس مشابهة” لتلك التي أدت إلى انفصال جنوب السودان، معتبراً أن “انفصال جنوب السودان كان نتيجة الشريعة الإسلامية المغشوشة والعنصرية”.
وتجدر الإشارة إلى أن حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، كان قد وصف الوضع في الإقليم بأنه “مذر”، مشيراً إلى أن “الولايات الأربع في قبضة الدعم السريع، وغاب عنها الجيش”، وأن هناك نحو 4 ملايين نازح.
كما كان مناوي قد حذر من “احتمالات خروج الأوضاع عن سيطرة المتحاربين” وأن الحرب “قد تنزلق لاتجاهات يمكن أن تكون خارج سيطرة المتحاربين أنفسهم”، متسائلاً: “لا نعرف هل سيظل السودان دولة واحدة، أو يتشظى لدويلات أو إمارات أو كانتونات”.
تقييم مستقبل الصراع السوداني في ضوء التصريحات الأخيرة
تشير التصريحات الأخيرة لحميدتي إلى تصاعد حدة الصراع في السودان، وسعي كل طرف لتحقيق انتصارات عسكرية على الأرض قبل أي حوار سياسي محتمل. وتحمل هذه التصريحات مخاطر كبيرة على وحدة السودان واستقراره، خاصة مع التهديد باستهداف بورتسودان التي تمثل آخر منفذ بحري رئيسي للبلاد تحت سيطرة الجيش والحكومة السودانية.
ويبدو أن الصراع يتجه نحو مزيد من التعقيد، مع بروز أبعاد إقليمية ودولية، وتداخل العوامل العرقية والدينية والسياسية، مما يزيد من صعوبة التوصل إلى حل سياسي في المدى المنظور.
الموقف الدولي والإقليمي من الأزمة السودانية
تواجه جهود الوساطة الإقليمية والدولية لحل الأزمة السودانية تحديات كبيرة، في ظل استمرار العمليات العسكرية وتبادل الاتهامات بين الطرفين. وكان مناوي قد دعا إلى “تنشيط دور دول الجوار” و”تكامل الجهود الإقليمية والدولية مثل الاتحاد الأفريقي وإيغاد”.
كما أشار إلى لقاءات أجراها مع قادة دول الجوار، وأنهم أجمعوا على “الحل الأفريقي للقضايا الأفريقية، حتى لا يلد الرحم الأفريقي دولة أفريقية جديدة”، وأنهم توصلوا لعقد قمة لـ”إيغاد”.
السودان على مفترق طرق
تؤكد تصريحات حميدتي الأخيرة أن السودان يمر بمرحلة حرجة من تاريخه، حيث يواجه تحديات وجودية تهدد وحدته وسيادته. وفي ظل استمرار الصراع العسكري وتصاعد حدة التصريحات من الطرفين، تزداد المخاوف من انزلاق البلاد نحو حرب أهلية شاملة قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية.
ويبقى المواطن السوداني هو الضحية الأكبر لهذا الصراع، الذي تسبب في نزوح الملايين وتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في البلاد. وتبقى الدعوات للحوار والحل السياسي هي السبيل الوحيد لإنقاذ السودان من شبح التفكك والانهيار.