الرئيس اللبناني يوجه الجيش بالرد على مصادر النيران من الحدود السورية
أصدر الرئيس اللبناني جوزيف عون اليوم الاثنين 17 مارس 2025 توجيهات صارمة للجيش اللبناني بالرد على مصادر إطلاق النيران من الحدود الشمالية والشرقية مع سوريا، في خطوة تصعيدية غير مسبوقة تعكس خطورة الوضع المتفاقم على الحدود بين البلدين. وجاء هذا القرار في أعقاب اشتباكات عنيفة شهدتها المناطق الحدودية منذ ليلة أمس الأحد، أدت إلى سقوط ضحايا من الجانبين وسط مخاوف من امتداد رقعة المواجهات.
تفاصيل قرار الرئيس اللبناني
أكد مكتب الرئيس اللبناني في بيان رسمي أن عون أمر الجيش بالتعامل بحزم مع مصادر النيران القادمة من الأراضي السورية. وقال عون في بيانه: “ما يحصل على الحدود الشرقية والشمالية الشرقية لا يمكن أن يستمر، ولن نقبل باستمراره. وقد أعطيت توجيهاتي للجيش اللبناني بالرد على مصادر النيران”.
وأوضح البيان الرئاسي أن هذا القرار جاء بعد تدهور الأوضاع الأمنية على طول الشريط الحدودي بين البلدين، حيث تم تسجيل عدة حوادث إطلاق نار استهدفت مناطق لبنانية من داخل الأراضي السورية، وهو ما اعتبرته السلطات اللبنانية تهديداً مباشراً لأمن واستقرار البلاد.
الإجراءات العسكرية المتخذة
في إطار تنفيذ توجيهات الرئيس اللبناني، أعلن الجيش اللبناني أنه اتخذ كافة التدابير اللازمة للرد على مصادر النيران التي تستهدف القرى والبلدات اللبنانية الحدودية. وأكد الجيش في بيان له أن “الاتصالات لا تزال جارية مع السلطات السورية، لضبط الأمن”، مشيراً إلى أنه “رد على نيران انطلقت من الأراضي السورية واستهدفت بلدات لبنانية”.
ويشهد الشريط الحدودي بين سوريا ولبنان انتشاراً واسعاً للجيشين السوري واللبناني، في محاولة للحد من عمليات التهريب وتأمين الحدود، وسط دعوات رسمية من الجانبين لتعزيز التنسيق الأمني لمنع تكرار الحوادث المسلحة.
خلفية الاشتباكات الحدودية
تعود أسباب التوتر الحالي إلى تبادل إطلاق النار بين قوات سورية وجنود لبنانيين وجماعات مسلحة في شمال شرق لبنان، والذي بدأ منذ ليلة الأحد واستمر حتى صباح الاثنين. وبحسب مصادر إعلامية، فقد نشبت اشتباكات متقطعة بين الجيش السوري وعناصر يُعتقد أنها تابعة لحزب الله، عقب تجاوز عناصر للحزب الحدود وقتلهم 3 عناصر للجيش السوري.
كما أفادت وسائل إعلام سورية بمقتل 8 عسكريين سوريين نتيجة قصف بالصواريخ استهدف مواقع عسكرية في ريف حمص، نُسب إلى حزب الله، مما أدى إلى تصاعد التوتر بشكل كبير على الحدود بين البلدين.
تداعيات الأزمة على العلاقات اللبنانية السورية
يأتي هذا التوتر الحدودي في وقت حساس بالنسبة للعلاقات بين سوريا ولبنان، حيث تسعى السلطات السورية إلى إغلاق المعابر غير الشرعية التي كانت تُستخدم سابقاً لنقل الأسلحة والمخدرات، في إطار جهود أوسع لمكافحة التهريب وإعادة فرض السيطرة الأمنية على المناطق الحدودية.
وفي ظل هذه التطورات، دعت جهات رسمية لبنانية وسورية إلى تعزيز التنسيق الأمني بين البلدين لمنع تكرار حوادث مماثلة، خاصة في ظل تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة. غير أن استمرار الاشتباكات وتبادل إطلاق النار يثير مخاوف من تدهور إضافي في العلاقات بين البلدين.
الموقف الرسمي اللبناني من الأزمة
تشير تصريحات الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى أن لبنان لن يتسامح مع أي انتهاك لسيادته أو استهداف لأراضيه، وأن الرد سيكون حازماً على أي اعتداء. وقد عبّر الرئيس عن موقفه بوضوح قائلاً: “لن نقبل باستمرار ما يحصل على الحدود مع سوريا”، مؤكداً على حق لبنان في الدفاع عن أراضيه وحماية مواطنيه.
ومن جانبه، يواصل الجيش اللبناني انتشاره المكثف على طول الحدود مع سوريا، مع الاستمرار في التواصل مع الجانب السوري لاحتواء الموقف ومنع تفاقم الأزمة. ويبدو أن السلطات اللبنانية حريصة على ضبط الحدود ومنع أي تسلل أو عمليات تهريب قد تؤدي إلى مزيد من التوتر.
تداعيات محتملة للتوتر الحدودي
يخشى محللون من أن يؤدي استمرار التوتر على الحدود اللبنانية السورية إلى تداعيات خطيرة على الاستقرار الإقليمي، خاصة في ظل الوضع المتفجر الذي تعيشه المنطقة. وقد يفتح هذا التوتر الباب أمام تدخلات خارجية أو تصعيد عسكري غير محسوب العواقب.
ومع ذلك، فإن حرص الطرفين اللبناني والسوري على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة يعطي أملاً في إمكانية احتواء الأزمة قبل أن تخرج عن السيطرة. ويعوّل كثيرون على الجهود الدبلوماسية وتعزيز التنسيق الأمني المشترك للحد من التوترات وتفادي مزيد من التصعيد.
الخلاصة
يمثل قرار الرئيس اللبناني بتوجيه الجيش للرد على مصادر النيران من الحدود مع سوريا تطوراً مهماً في التعامل مع الأزمة الحدودية المتصاعدة بين البلدين. ويعكس هذا القرار عزم لبنان على حماية سيادته وأمن مواطنيه، مع الحفاظ في الوقت نفسه على قنوات التواصل مع الجانب السوري.
وفي ظل الجهود المبذولة من الطرفين لضبط الوضع الأمني على الحدود، تبقى الأيام المقبلة حاسمة في تحديد مسار الأزمة، وما إذا كانت ستتجه نحو التهدئة والحل السلمي، أم ستشهد مزيداً من التصعيد والمواجهة العسكرية.