مصر تطلق خطة شاملة لإعادة تأهيل القطاع الصحي بغزة بتكلفة تتجاوز 570 مليون دولار
شهد مقر وزارة الخارجية المصرية اليوم الاثنين 17 مارس 2025 اجتماعاً موسعاً حول إعادة تأهيل القطاع الصحي بقطاع غزة، بحضور أكثر من مائة سفير أجنبي وممثلي السفارات والمنظمات الدولية. وقد استضاف الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة هذا الاجتماع بحضور الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، حيث تم تقديم عرض مرئي متكامل حول خطة إعادة إعمار قطاع غزة، مع التركيز على إعادة تأهيل القطاع الصحي المتضرر بشكل كبير من الحرب الجارية.
الخطة المصرية الشاملة لإعادة إعمار قطاع غزة
المتطلبات الأساسية لنجاح الخطة
استعرض الوزير بدر عبد العاطي خلال الاجتماع الخطة المتكاملة لإعادة إعمار قطاع غزة التي وضعتها مصر بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية. وقد أشار الوزير إلى وجود متطلبات أساسية لضمان نجاح هذه الخطة، وهي تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وإدارة مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار بصورة تضمن الملكية الفلسطينية والتعامل مع الوضع في القطاع باعتباره جزءاً أصيلاً من الأراضي الفلسطينية.
كما شدد وزير الخارجية على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من العودة لقطاع غزة للاضطلاع بمسؤولياتها من خلال إنشاء لجنة مستقلة وغير فصائلية لإدارة شؤون القطاع لفترة انتقالية تحت مظلة الحكومة الفلسطينية. وكشف أن مصر والأردن قد بدأتا بالفعل في تدريب عناصر الشرطة الفلسطينية تمهيداً لنشرهم في قطاع غزة حال تثبيت وقف إطلاق النار.
التأييد الدولي والترتيبات المستقبلية
أكد الدكتور عبد العاطي أن خطة إعادة إعمار غزة حصلت على تأييد إقليمي ودولي واسع، مشيراً إلى أن مصر تعمل حالياً على ترتيب استضافة مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة بهدف تأمين التمويل اللازم لتنفيذ الخطة.
وفي سياق متصل، كشف وزير الخارجية عن وجود مقترح بأن يقوم مجلس الأمن بدراسة تأسيس وجود دولي في الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك من خلال تبني قرار للمجلس لنشر قوات حفظ سلام أو حماية دولية بتكليف واختصاصات واضحة، وفي إطار وبرنامج زمني يضمن تأسيس دولة فلسطينية مستقلة.
خطة إعادة تأهيل القطاع الصحي بغزة
الوضع الصحي الراهن في قطاع غزة
قدم الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، عرضاً مرئياً متكاملاً بشأن إعادة تأهيل القطاع الصحي بقطاع غزة، استعرض من خلاله الوضع الصحي الحالي المتردي في القطاع. وأشار إلى أن أكثر من 70% من المنشآت الصحية في غزة قد خرجت من الخدمة نتيجة الحرب الجارية، بالإضافة إلى نقص حاد في الإمدادات الطبية الأساسية.
وقد أوضح وزير الصحة أن الوضع الصحي المتدهور يتطلب تدخلاً عاجلاً لإعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية، وإمدادها بالأجهزة والمعدات اللازمة، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، بالإضافة إلى تدريب وتأهيل الكوادر الطبية التي فقد القطاع الكثير منها خلال الحرب.
الاستجابة المصرية للأزمة الصحية
استعرض الدكتور عبد الغفار أبرز ملامح استجابة مصر الصحية الطارئة والخدمات الصحية التي قدمتها لأكثر من 107 آلاف مواطن فلسطيني عبروا إلى مصر منذ بداية الحرب، والتي تجاوزت تكلفتها 570 مليون دولار. وقد شملت هذه الخدمات علاج الجرحى والمصابين، وتوفير الرعاية الصحية للمرضى المزمنين، وإجراء العمليات الجراحية الحرجة، وتقديم خدمات الرعاية النفسية للمتضررين من الحرب.
كما أشار وزير الصحة إلى الجهود المصرية المتواصلة في إرسال قوافل المساعدات الطبية إلى قطاع غزة، وإنشاء المستشفى الميداني المصري على الحدود لتقديم الرعاية العاجلة للمصابين، بالإضافة إلى استقبال المستشفيات المصرية للحالات الحرجة التي تتطلب تدخلات طبية متقدمة.
المقترح المصري لإعادة بناء وتعزيز القطاع الصحي
تطرق الدكتور عبد الغفار لتفاصيل المقترح المصري لإعادة بناء وتعزيز القطاع الصحي بقطاع غزة، والذي يهدف إلى رفع كفاءة المنظومة الصحية والاستجابة للاحتياجات الصحية الأساسية للسكان. ويتضمن المقترح إعادة بناء وتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية المتضررة، وتجهيزها بالأجهزة والمعدات الحديثة، وتوفير الإمدادات الطبية اللازمة.
كما يشمل المقترح إنشاء مراكز متخصصة لعلاج الإصابات الناتجة عن الحرب، مثل مراكز إعادة التأهيل البدني، ومراكز الدعم النفسي، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الطبية الفلسطينية لضمان استدامة الخدمات الصحية في المستقبل. واستعرض الوزير التكاليف المتوقعة للمشروعات المقترحة في هذا الشأن، مؤكداً أهمية حشد الدعم الدولي لتمويل هذه المشروعات.
دور المجتمع الدولي في دعم خطة إعادة الإعمار
أهمية التعاون الدولي في تنفيذ الخطة
أكد المتحدثون خلال الاجتماع على أهمية التعاون الدولي في دعم خطة إعادة إعمار قطاع غزة، وخاصة فيما يتعلق بإعادة تأهيل القطاع الصحي. وشددوا على ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية في توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات المقترحة، وتقديم الدعم الفني واللوجستي المطلوب.
وقد أشار وزير الخارجية إلى أن المؤتمر الدولي المزمع عقده في القاهرة سيكون فرصة مهمة لحشد الدعم الدولي وتنسيق الجهود بين مختلف الأطراف المعنية، بما يضمن تنفيذ خطة إعادة الإعمار بكفاءة وفعالية.
دور المنظمات الدولية والإقليمية
تم التأكيد خلال الاجتماع على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات الدولية والإقليمية في دعم خطة إعادة إعمار قطاع غزة، وخاصة منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة اليونيسيف، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي.
وقد أبدى ممثلو هذه المنظمات استعدادهم للمساهمة في تنفيذ خطة إعادة تأهيل القطاع الصحي بقطاع غزة، من خلال تقديم الدعم المالي والفني، والمساعدة في بناء القدرات، وتوفير الخبرات اللازمة في مختلف المجالات الصحية.
يمثل الاجتماع الذي عقد اليوم في مقر وزارة الخارجية المصرية خطوة مهمة نحو إعادة إعمار قطاع غزة، وخاصة فيما يتعلق بإعادة تأهيل القطاع الصحي المتضرر بشدة. وقد أكد المتحدثون على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار كشرط أساسي لبدء عملية إعادة الإعمار، وضرورة التعاون الدولي في توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات المقترحة.
الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، التي تم وضعها بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية، تعد خارطة طريق شاملة لإعادة بناء ما دمرته الحرب، وإعادة تأهيل القطاعات المختلفة، وخاصة القطاع الصحي الذي يعاني من وضع متدهور. ومن المتوقع أن يساهم المؤتمر الدولي المزمع عقده في القاهرة في حشد الدعم الدولي اللازم لتنفيذ هذه الخطة، وتنسيق الجهود بين مختلف الأطراف المعنية.
وفي النهاية، فإن نجاح خطة إعادة إعمار قطاع غزة يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي، والتزام جميع الأطراف بتنفيذ بنودها، بما يضمن إعادة بناء قطاع غزة وتحسين الأوضاع المعيشية والصحية لسكانه، في إطار الملكية الفلسطينية وتحت إشراف الحكومة الفلسطينية.