انهيار العملة الإيرانية بعد تهديدات ترامب: الدولار الأمريكي يصل إلى 100 ألف تومان
سجلت العملة الإيرانية انخفاضًا تاريخيًا غير مسبوق اليوم الثلاثاء 18 مارس 2025، حيث وصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 100 ألف تومان للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية الإسلامية. يأتي هذا الانهيار القياسي بعد يوم واحد من تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيران بعواقب وخيمة على خلفية الصراع في المنطقة، ويمثل تدهورًا حادًا في قيمة العملة الوطنية التي تواجه ضغوطًا متزايدة منذ عودة إدارة ترامب لسياسة “الضغط الأقصى”.
تفاصيل الانهيار التاريخي للعملة الإيرانية
شهدت أسواق الصرف في طهران اليوم الثلاثاء تداول الدولار الأمريكي بسعر 100 ألف تومان لكل دولار، وهو ما يعادل نحو مليون ريال إيراني، بعدما وصل سعر الصرف لأول مرة إلى 988000 ريال في التعاملات الصباحية. وقد انخفضت قيمة العملة الإيرانية بشكل غير مسبوق في الأسابيع الأخيرة، حيث تراجعت بنسبة 14% منذ بداية شهر مارس وحده.
ووفقًا للبيانات المتاحة، يمثل هذا الانهيار في قيمة العملة انخفاضًا بمقدار 14 ألف ضعف مقارنة بما كان عليه الحال قبل الثورة الإسلامية عام 1979، حيث كان سعر الصرف مستقرًا عند ما يعادل 7 تومانات للدولار الواحد.
ولم تقتصر التأثيرات على الريال فقط، بل امتدت لتشمل ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الذهب، كما أثرت في أسعار العملات الأخرى، حيث بلغ سعر اليورو 91 ألفًا و200 تومان في فبراير/شباط الماضي، فيما وصل سعر الجنيه الإسترليني إلى 111 ألفًا و800 تومان.
أسباب الانهيار المتسارع للعملة الإيرانية
يعود السبب الرئيسي وراء الانهيار المتسارع للعملة الإيرانية إلى تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران، حيث حذر طهران بأنها “ستتعرض للعقاب” إذا قامت جماعة الحوثيين في اليمن بالرد على الهجوم الجوي الأمريكي الذي نُفذ خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
وكتب ترامب على منصة “تروث سوشيال” منذر: “سيُنظر إلى كل طلقة يطلقها الحوثيون من الآن فصاعدًا على أنها طلقة أطلقتها إيران، وستُحاسب إيران على ذلك، وستعاني العواقب، وهذه العواقب ستكون وخيمة”.
كما ساهمت عدة عوامل أخرى في تفاقم الأزمة، من بينها:
- توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مذكرة تنفيذية ضد طهران الشهر الماضي.
- إعلان المرشد الإيراني علي خامنئي حظر أي تفاوض مع واشنطن.
- العدوان الإسرائيلي الجديد على قطاع غزة الذي زاد من التوترات في المنطقة.
- عودة سياسة “الضغط الأقصى” التي فرضها ترامب ضد إيران.
- فرض الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة على مصدري النفط الإيراني.
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية
من المتوقع أن يكون لهذا الانهيار القياسي في قيمة العملة الإيرانية تأثيرات اقتصادية واجتماعية خطيرة على الشعب الإيراني. فمع ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل غير مسبوق، يُتوقع أن تصل التضخمات الغذائية، التي بلغ متوسطها 100 في المائة في الأشهر الأخيرة، إلى مستويات حرجة في الأشهر المقبلة.
ويعاني عشرات الملايين من الإيرانيين الذين يكسبون ما يعادل أقل من 150 دولارًا شهريًا من ارتفاع التضخم، وقد حذرت بعض وسائل الإعلام في طهران من احتمال حدوث اضطرابات اجتماعية نتيجة لذلك.
ويأتي هذا الانهيار في وقت حساس مع اقتراب السنة الإيرانية الجديدة التي تبدأ رسميًا غدًا الأربعاء وتستمر عطلتها لأكثر من أسبوعين، مما يزيد من مخاوف المواطنين الإيرانيين بشأن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية.
الوضع مقارنة بالسنوات السابقة
لوضع الانهيار الحالي في سياقه التاريخي، يجدر الإشارة إلى أن سعر صرف الدولار في إيران كان في حدود 61 ألف تومان في بداية العام الإيراني الحالي (21 مارس 2024)، وهو ما يعكس تدهورًا سريعًا في قيمة العملة خلال فترة قصيرة لا تتجاوز العام.
وكان سعر صرف الدولار الواحد قبل عشر سنوات يعادل 32 ألف ريال إيراني فقط، لكن وتيرة انهيار العملة تسارعت منذ عام 2018 عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي الذي وقعته طهران عام 2015 مع دول الـ5+1، وفرض عقوبات أثقلت كاهل الجمهورية الإسلامية وحرمتها من مليارات الدولارات.
يمثل وصول سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 100 ألف تومان (أو ما يقارب مليون ريال) منعطفًا خطيرًا في الأزمة الاقتصادية الإيرانية، ويعكس تأثير العوامل السياسية والضغوط الخارجية على الاقتصاد الإيراني. وفي ظل رفض طهران إجراء محادثات مع واشنطن وتصاعد التوترات الإقليمية، يبدو أن الوضع الاقتصادي في إيران مرشح لمزيد من التدهور ما لم تحدث تغييرات جذرية في العلاقات الدولية للبلاد أو في سياساتها الاقتصادية الداخلية.