استقبال وفد الإخوان المسلمين: أبعاد ودلالات سياسية
استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة دمشق وفداً من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التابع للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، في خطوة أثارت اهتماماً سياسياً وإعلامياً واسعاً. شملت الزيارة حضور شخصيات بارزة من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، من أبرزهم محمد الصغير، عضو جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
تفسيرات الخطوة السورية
تعد هذه الزيارة خطوة مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى توقيتها وسياقها الإقليمي المعقد. يرى بعض المحللين السياسيين أن استقبال شخصيات بارزة من تنظيم الإخوان المسلمين يشكل دليلاً على أن العلاقات بين الرئيس الشرع والتنظيم الدولي قد تتجاوز العلاقات الدبلوماسية التقليدية. في المقابل، قد تمثل الزيارة جزءاً من استراتيجية أوسع لتنويع العلاقات السورية الخارجية، وإعادة بناء شبكة من التحالفات الإقليمية والدولية.
دور الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
من المرجح أن يكون الوفد قد ناقش مع الرئيس الشرع مجموعة من القضايا السياسية والدينية في سوريا والمنطقة. يعد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين منظمة فاعلة في الساحة السياسية الإسلامية الدولية، حيث يتبنى مواقف تدعم الحريات السياسية والدينية ويسعى لتعزيز العدالة في العديد من الدول الإسلامية.
الإفراج عن أحمد المنصور: شروط وخلفيات
في تطور متزامن، كشف الحساب الرسمي للمعارض المصري أحمد المنصور عن إطلاق سراحه بعد أكثر من ثلاثة شهور من الاحتجاز في السجون السورية. جاء الإفراج عن المنصور بعد موافقته على شروط صارمة وضعتها الأجهزة الأمنية السورية.
خلفية الاعتقال
تم اعتقال المنصور قبل ثلاثة أشهر على خلفية دعوته للعنف في مصر وتهديده بنشر الفوضى عبر الدعوة إلى ثورة في مصر بذكرى 25 يناير الماضي. وكان المنصور قد أعلن عن تشكيل ما أسماه “حركة ثوار 25 يناير” في سوريا، وظهر في مقاطع فيديو برفقة ملثمين خلفهما علم مصر في العهد الملكي، واضعاً مسدساً على الطاولة.
شروط الإفراج
وضعت الأجهزة الأمنية السورية شروطاً صارمة للإفراج عن المنصور، شملت:
- التوقف عن لغة العداء تجاه النظام المصري
- حذف كل ما يتعلق بالهجوم على السلطات المصرية
- عدم استغلال وجوده في سوريا لاستهداف الدول العربية
- عدم ممارسة أية أدوار دعوية أو سياسية أو إعلامية سواء تعلق الأمر بمصر أو بغيرها من الدول العربية
- الالتزام بسياسة الإدارة السورية الجديدة وعدم إثارة المشاكل مع الدول العربية ذات الثقل السياسي
تناقضات السياسة السورية: بين الانفتاح والحذر
يثير التزامن بين استقبال وفد الإخوان المسلمين والإفراج المشروط عن أحمد المنصور تساؤلات حول سياسة دمشق الجديدة وتوجهاتها الإقليمية.
رسائل موجهة للقاهرة
قرار الإفراج عن المنصور جاء في إطار رسائل تطمين موجهة للقاهرة. وقد أكد مسؤول سوري أن اعتقال المنصور جاء ضمن سياسة تنتهجها الإدارة الجديدة بألا تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لدول الجوار بشكل عام ومصر بشكل خاص. أشارت مصادر أمنية مصرية إلى أن القاهرة لم تطلب بشكل مباشر اعتقال المنصور، لكنها أبدت عبر تواصل استخباراتي مع أطراف ثالثة غضبها من عودة ظهور متشددين مصريين هاربين في سوريا.
العلاقات المصرية السورية في ظل النظام الجديد
تتعامل مصر بحذر مع الإدارة الجديدة في سوريا، خاصة في ظل وجود تنظيمات مسلحة مصنفة إرهابية شاركت في الإطاحة بنظام الأسد السابق. وقد شدد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، على ضرورة عدم “إيواء أي عناصر إرهابية” على الأراضي السورية، وذلك خلال اجتماع عربي بشأن سوريا عُقد بالرياض.
دلالات ومسارات مستقبلية
تشير التطورات الأخيرة إلى محاولة سورية لإعادة تموضعها في النظام الإقليمي، مع الحفاظ على هامش مناورة في علاقاتها المختلفة.
توازنات إقليمية
يبدو أن نظام الشرع يحاول إقامة توازنات دقيقة بين فتح قنوات مع جماعات إسلامية كالإخوان المسلمين من جهة، والحفاظ على علاقات مستقرة مع دول عربية محورية كمصر من جهة أخرى. نقلت الإدارة السورية الجديدة عبر إحدى قنوات الاتصال رسالة طمأنة، بالتأكيد على حرصها على تطوير العلاقات بين القاهرة ودمشق، واتخاذ إجراءات تمنع أي إساءة أو تصريحات معادية ضد مصر.
تحديات العلاقات المصرية السورية
رغم الإشارات الإيجابية، تبقى العلاقات بين القاهرة ودمشق الجديدة محاطة بالحذر والترقب. لم يظهر في حسابات وزارة الخارجية المصرية الرسمية أي ذكر للقاء بين وزيري خارجية البلدين خلال اجتماع بالرياض خُصص لبحث “الشأن السوري”، مما يعكس استمرار “الحذر المصري” في التعاطي مع السلطة الجديدة في دمشق.