مقتل خمسة قياديين بارزين في حركة “حماس” جراء سلسلة غارات إسرائيلية على غزة
شهد قطاع غزة فجر اليوم الثلاثاء الموافق 18 مارس 2025 تصعيداً إسرائيلياً غير مسبوق منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار، حيث استهدفت غارات جوية مكثفة مناطق متفرقة من القطاع، مما أسفر عن مقتل عدة قياديين بارزين في حركة حماس ومئات الضحايا المدنيين. وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة القتلى تجاوزت 330 شخصاً، غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما اعتبرت حركة حماس أن هذا التصعيد يمثل “انقلاباً” إسرائيلياً على اتفاق وقف إطلاق النار، في تطور دراماتيكي يهدد بإعادة المنطقة إلى دوامة العنف من جديد.
حصيلة الضحايا وتفاصيل الغارات الإسرائيلية
تعرض قطاع غزة لسلسلة من الغارات الجوية العنيفة، أدت إلى سقوط مئات الضحايا خلال ساعات قليلة. وقد أفاد المدير العام للمستشفيات في وزارة الصحة بغزة محمد زقوت بأن “وزارة الصحة أحصت صباح اليوم (الثلاثاء) أكثر من 412 شهيداً غالبيتهم من الأطفال والنساء”، مشيراً إلى وجود “عشرات المفقودين تحت أنقاض المنازل المدمرة”. كما أشارت الوزارة إلى وقوع أكثر من 440 مصاباً، بينهم عشرات في حالات خطيرة وحرجة.
وفي حصيلة أولية قبل ذلك، أشارت وكالة الأنباء الفلسطينية إلى سقوط نحو 200 قتيل فلسطيني، بينهم أطفال ونساء وعناصر من حركة حماس. وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة في بيان أن هناك 322 قتيلاً ومفقوداً وعشرات المصابين خلال خمس ساعات فقط جراء الهجمات الإسرائيلية.
وتزامنت هذه الغارات مع إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر جديدة للسكان بإخلاء شرق غزة والتوجه نحو وسط القطاع، مما يشير إلى احتمال شن عمليات برية إسرائيلية مجددة. وقد استهدفت الغارات مناطق متفرقة من قطاع غزة، بما في ذلك مناطق مكتظة بالسكان، مما أدى إلى تدمير منازل بأكملها على رؤوس ساكنيها.
تعذر وصول المصابين والضحايا للمستشفيات
أشار المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة إلى تعذر وصول عدد كبير من القتلى إلى المستشفيات بسبب صعوبة الوضع الإنساني الميداني، وشل قطاع المواصلات نتيجة انعدام توفر الوقود في جميع محافظات قطاع غزة. وأكد أن معظم الضحايا من النساء والأطفال والمسنين، في “جرائم إبادة جماعية” حسب وصفه.
قياديو حماس الذين سقطوا في الغارات الإسرائيلية
وفقاً لوسائل إعلام فلسطينية، أسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل عدد من القيادات البارزة في حركة حماس، وهم:
محمود أبو وطفة – المسؤول الأمني الكبير
يعد محمود أبو وطفة أحد أبرز المسؤولين الأمنيين في حركة حماس، حيث كان يشغل منصباً قيادياً في الجهاز الأمني للحركة. وقد استهدفت إحدى الغارات الإسرائيلية مقر إقامته في قطاع غزة، مما أدى إلى مقتله فوراً.
أبو عبيدة الجماصي – عضو المكتب السياسي
كان أبو عبيدة الجماصي عضواً في المكتب السياسي لحركة حماس، وأحد الشخصيات المؤثرة في القرار السياسي للحركة. وقد أكدت مصادر فلسطينية استشهاده جراء غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً كان يتواجد فيه.
العميد بهجت حسن أبو سلطان – مسؤول العمليات الداخلية
شغل العميد بهجت حسن أبو سلطان منصب مسؤول العمليات الداخلية في غزة، وهو منصب ذو أهمية استراتيجية في الهيكل التنظيمي لحركة حماس. وقد قُتل في إحدى الغارات التي استهدفت مناطق وسط قطاع غزة.
عصام الدعاليس – عضو المكتب السياسي
كان عصام الدعاليس عضواً بارزاً في المكتب السياسي لحركة حماس، وقد لعب دوراً محورياً في صياغة السياسات والقرارات الاستراتيجية للحركة خلال السنوات الأخيرة. وتؤكد مصادر فلسطينية استشهاده في إحدى الغارات الإسرائيلية.
انهيار اتفاق وقف إطلاق النار وتداعياته السياسية
صرح مسؤول كبير في حركة حماس لوكالة “رويترز” الثلاثاء، بأن شن إسرائيل غاراتها على غزة ينهي اتفاق وقف إطلاق النار في غزة من جانب واحد. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التصعيد يأتي بعد تقارير عن عودة وفد التفاوض الإسرائيلي من القاهرة دون تحقيق أي تقدم في المفاوضات مع حماس بشأن المراحل التالية من اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين.
وقالت حماس إن إسرائيل قتلت أكثر من 150 فلسطينياً منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في يناير (كانون الثاني)، في إشارة إلى خروقات متكررة من الجانب الإسرائيلي للاتفاق المبرم بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية.
الأزمة الإنسانية المتفاقمة
يتزامن هذا التصعيد مع تدهور شديد في الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، حيث أشار المكتب الإعلامي الحكومي إلى انهيار المنظومة الصحية في القطاع، نتيجة استمرار منع دخول الإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية. وحذر من خطر توقف المستشفيات عن العمل وعجزها التام عن تقديم الخدمات الصحية للجرحى والمرضى، إضافة إلى منع دخول الوقود للقطاعات الحيوية والإنسانية مما قد يجعل القطاع “منطقة منكوبة”.
الموقف الإسرائيلي والدولي من التصعيد
أعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق أنه يشن غارات مكثفة على أهداف تابعة لحركة “حماس” في غزة، وهو ما اعتبره مراقبون تمهيداً لعملية عسكرية واسعة قد تشمل توغلات برية. وقد دعا المكتب الإعلامي الحكومي في غزة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الحقوقية والإنسانية إلى التحرك الفوري “لوقف هذه المجازر الوحشية ووقف العدوان فوراً ضد الأطفال والنساء والمدنيين بشكل عام، ومحاسبة قادة الاحتلال الإسرائيلي”.
تداعيات مستقبلية وسيناريوهات محتملة
يرى محللون أن استهداف قيادات بارزة من حركة حماس قد يؤدي إلى تصعيد شامل في المنطقة وانهيار كامل لجهود التهدئة التي بدأت منذ أشهر. ومع إصدار أوامر إخلاء جديدة للسكان، تزداد المخاوف من تجدد العمليات العسكرية البرية في قطاع غزة، مما سيزيد من حجم المعاناة الإنسانية في ظل نقص حاد في المستلزمات الطبية والغذائية.
إن هذا التصعيد الإسرائيلي الجديد يأتي في ظل جمود المفاوضات وتعقد المشهد السياسي، مما يجعل احتمالات التوصل إلى تهدئة مستدامة أمراً بعيد المنال في المدى القريب، ويضع المنطقة أمام سيناريوهات مفتوحة من التصعيد المتبادل.