فنلندا تتصدر مؤشر السعادة العالمي للعام الثامن على التوالي ولبنان الأتعس عربياً
كشف التقرير السنوي لمؤشر السعادة العالمي لعام 2025، الذي نُشر اليوم الخميس 20 مارس بمناسبة اليوم العالمي للسعادة، عن قائمة الدول الأكثر سعادة والأكثر تعاسة حول العالم. وحافظت فنلندا على صدارتها كأسعد دولة في العالم للعام الثامن على التوالي، بينما حلت أفغانستان في المركز الأخير كأتعس دولة عالمياً.
الدول الاسكندنافية تهيمن على المراكز الأولى
أصدرت شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة تقريرها السنوي الذي شمل 147 دولة حول العالم، واستمرت دول الشمال الأوروبي في هيمنتها على المراكز الأولى، حيث حصلت فنلندا على درجة 7.92 من 10 في مؤشر السعادة العالمي.
وجاءت الدنمارك في المرتبة الثانية بدرجة 7.85، تلتها آيسلندا في المرتبة الثالثة (7.80)، ثم السويد في المرتبة الرابعة (7.75)، والنرويج في المرتبة الخامسة (7.70)، مما يؤكد استمرار تفوق الدول الاسكندنافية في مستويات جودة الحياة والرفاهية.
وللمرة الأولى، برزت كوستاريكا والمكسيك ضمن المراكز العشرة الأولى، حيث احتلت كوستاريكا المركز السادس، والمكسيك المركز العاشر، مما يشير إلى تحسن ملحوظ في مستويات الرفاهية في أمريكا اللاتينية.
الإمارات الأسعد عربياً والكويت والسعودية ضمن أفضل 35 دولة عالمياً
تصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية في مؤشر السعادة، محتلة المركز 21 عالمياً، تلتها الكويت في المركز 30، ثم المملكة العربية السعودية في المركز 32.
وجاءت سلطنة عمان في المركز 52 عالمياً، والبحرين في المركز 59، وليبيا في المركز 79، والجزائر في المركز 84، والعراق في المركز 101.
أما فلسطين فقد احتلت المركز 108، والمغرب 112، وتونس 113، والصومال 122، والأردن 128، ومصر 135، واليمن 140.
وحل لبنان في المركز 145، مما يجعله الأتعس عربياً وقريباً من ذيل القائمة العالمية، متأثراً بالأزمة الاقتصادية الحادة وارتفاع معدلات البطالة التي أدت إلى تراجع كبير في مستوى الرفاهية.
تراجع ملحوظ للمغرب وأسوأ ترتيب له على الإطلاق
سجل المغرب تراجعاً ملحوظاً في ترتيب الدول الأكثر سعادة، حيث حل في المركز 112، وهو أسوأ تصنيف له منذ نشر التقرير للمرة الأولى عام 2012.
وحصل المغرب في تقرير 2025 على 4.622 نقطة ضمن الترتيب العام، متراجعاً بذلك 5 مراكز مقارنة بتصنيف العام الماضي، و12 مركزاً بالمقارنة مع تقرير 2023 حيث تبوأ فيه المركز الـ100 على الصعيد العالمي.
أفغانستان تبقى في قاع الترتيب والوضع الإنساني الصعب يؤثر على مستويات السعادة
احتلت أفغانستان المرتبة الأخيرة (147) كأتعس دولة في العالم بدرجة 1.95، حيث تواصل معاناتها من النزاعات المسلحة، والفقر المدقع، وانهيار النظام الاقتصادي منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في 2021.
وجاء اليمن في مراتب متأخرة (المركز 140)، متأثراً بالحرب الأهلية المستمرة وتدهور الأوضاع الإنسانية، في حين احتل لبنان المركز 145، نتيجة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
معايير التصنيف وأهميته العالمية
يعتمد مؤشر السعادة العالمي على عدة معايير رئيسية تشمل متوسط العمر المتوقع، الدعم الاجتماعي، الحرية الشخصية، الكرم، مستويات الفساد، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
ويستند التصنيف على متوسط ثلاث سنوات من التقييمات الشخصية للرضى عن الحياة، مما يوفر صورة أكثر استقراراً لمستويات السعادة حول العالم.
وأظهر التقرير ارتفاعاً طفيفاً في متوسط السعادة العالمي مقارنة بعام 2024، مدفوعاً بتحسن التعافي الاقتصادي بعد الجائحة وزيادة الوعي بأهمية الصحة النفسية.
لكن الفجوة بين الدول الأسعد والأتعس اتسعت، مما يعكس تفاوتاً متزايداً في الفرص والاستقرار حول العالم. وأشار خبراء إلى أن الدول التي استثمرت في التعليم والاستدامة، مثل سويسرا ونيوزيلندا، حافظت على مراكز متقدمة.
أسرار سعادة الفنلنديين والدروس المستفادة
في تعليق له على نتائج التقرير، قال فرانك مارتيلا، الأستاذ المساعد المتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسعادة في جامعة آلتو بفنلندا: “يبدو أن الفنلنديين راضون نسبياً عن حياتهم”، موضحاً أن ذلك يمكن تفسيره إلى حد كبير بحقيقة أن الفنلنديين يعيشون في “مجتمع جيد إلى حد ما”.
وأضاف: “نتائج الديمقراطية جيدة، ولدينا انتخابات حرة، وحرية تعبير، ومستويات منخفضة من الفساد”، مما يساهم في “السعادة الوطنية”.
كما أرجع التقرير نجاح فنلندا إلى عدة عوامل أبرزها الاستقرار الاقتصادي، النظام التعليمي المتقدم، وشبكة الأمان الاجتماعي القوية التي توفرها الدولة، إضافة إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة والرفاهية النفسية للشباب.
الخلاصة: السعادة نتيجة سياسات وليست صدفة
يؤكد تقرير السعادة العالمي لعام 2025 أن السعادة ليست وليدة الصدفة أو الظروف المؤقتة، بل هي نتيجة سياسات مستدامة تركز على الإنسان والطبيعة معاً، كما أشار رئيس الوزراء الفنلندي في تعليقه على تصدر بلاده للقائمة للعام الثامن على التوالي.
وتشير النتائج إلى أن الدول التي تستثمر في بناء مجتمعات متماسكة وتوفر شبكات أمان اجتماعي قوية، وتكافح الفساد، وتعزز الحريات الشخصية، تحقق مستويات أعلى من السعادة والرضا بين مواطنيها، وهو درس مهم للحكومات التي تسعى لتحسين جودة حياة شعوبها.