أرض الصومال وخطة ترامب لتهجير الفلسطينيين
خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين
أفادت مصادر أمريكية وإسرائيلية بأن الولايات المتحدة وإسرائيل تواصلتا مع مسؤولين في ثلاث دول بشرق إفريقيا، من بينها السودان والصومال وأرض الصومال، لمناقشة إمكانية استخدام أراضيهم كوجهات محتملة لتوطين الفلسطينيين المهجرين من قطاع غزة.
تقوم خطة ترامب على نقل أكثر من مليوني فلسطيني من غزة بشكل دائم إلى أماكن أخرى، مع تولي الولايات المتحدة مسؤولية إدارة القطاع، وتنفيذ عمليات إعادة إعمار طويلة الأمد، ثم تطويره كمشروع عقار. وصف ترامب غزة بأنها ستتحول إلى “ريفييرا” الشرق الأوسط، في إشارة إلى منطقة الريفييرا المعروفة بسواحلها الجميلة في جنوب أوروبا.
موقف أرض الصومال من خطة التهجير
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، الأربعاء 19 مارس 2025، بأن أرض الصومال أبدت استعدادها لاستيعاب سكان قطاع غزة شريطة الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي. وأوردت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن مسؤولين أمريكيين تواصلوا مع حكومات في شرق إفريقيا لمناقشة إمكانية نقل النازحين الفلسطينيين إلى أرض الصومال، في خطوة قد تكون جزءًا من الحلول المقترحة لمعالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين في أعقاب التوترات المستمرة في المنطقة.
وفي تصريح لهيئة البث العامة الإسرائيلية، أكد وزير خارجية أرض الصومال عبد الرحمن ضاهر آدان أن بلاده “لا تستبعد استيعاب سكان غزة”، مضيفًا أن “أرض الصومال، التي تعتبر دولة بحكم الواقع، منفتحة على مناقشة أي مسألة تخصها، لكننا لا نريد التكهن بأمور لم تُناقش بعد”. وأوضح الوزير أن “الأهم بالنسبة لنا هو الحصول على اعتراف دولي بعد أن نظهر للعالم أننا دولة محبة للسلام وديمقراطية”، مشيرًا إلى أن أرض الصومال مستقلة منذ 33 عامًا. كما أشار إلى ضرورة أن تبدأ الدول المهتمة بالتفاوض مع أرض الصومال بفتح بعثات دبلوماسية لديها قبل الدخول في أي مناقشات.
وفي الوقت نفسه، أكد رئيس أرض الصومال عبد الرحمن عرو، خلال زيارة له للإمارات العربية المتحدة، رفضه لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بنقل الفلسطينيين إلى أرض الصومال. حيث صرح بأن بلاده “تعارض بشدة فكرة تهجير الفلسطينيين”، موضحًا أن “الشعب الفلسطيني إخوتنا، ونحن نتعاطف مع وضعهم”، وذكر أن “أي مناقشات بهذا الخصوص ستتم عبر القنوات الدبلوماسية”.
وأضاف عرو أنه “سيتم دعم جهود الدول العربية التي تعمل نحو إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية”، مشددًا على أن أرض الصومال ملتزمة بموقفها الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني ورفض أي محاولات للتوطين القسري.
تأتي هذه التصريحات في وقت حساس، حيث يتزايد النقاش الدولي حول سبل معالجة أزمة اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة، ويبدو أن أرض الصومال تضع شروطًا صارمة للحصول على الاعتراف الدولي قبل النظر في أي حلول مستقبلية بشأن استيعاب سكان غزة.
العلاقة المحتملة بين إسرائيل وأرض الصومال
تشير تقارير إعلامية إلى وجود مساعٍ إسرائيلية لإقامة علاقات استراتيجية مع أرض الصومال. في أكتوبر 2024، كشف موقع “ميدل إيست مونيتور” أن إسرائيل تسعى إلى إنشاء قاعدة عسكرية في أرض الصومال لمواجهة التهديد الصاروخي المستمر الذي تشكله جماعة الحوثيين في اليمن.
وفقاً للتقرير، ستقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية مع أرض الصومال مقابل إنشاء هذه القاعدة. الموقع الاستراتيجي لأرض الصومال، التي تبعد أقل من 400 ميل عن ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، سيمكّن إسرائيل من تقصير المسافة إلى أهداف الحوثيين بشكل كبير، وبالتالي تعزيز قدراتها العسكرية في المنطقة.
بالإضافة للبعد العسكري، يُعتقد أن إسرائيل ترغب في توظيف موقع أرض الصومال لمواجهة النشاط الحوثي الذي يهدد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، خاصة بعد أن عمل الحوثيون على تعطيل حركة الملاحة البحرية مما دفع العديد من شركات الشحن لإعادة توجيه سفنها عبر طرق أكثر تكلفة واستهلاكاً للوقت.
الخلفية التاريخية لأرض الصومال
أرض الصومال، أو ما تعرف رسمياً بجمهورية صوماليلاند، هي منطقة تقع في شمال الصومال وكانت في السابق مستعمرة بريطانية. حصلت على استقلالها في 26 يونيو 1960، ثم اتحدت بعد خمسة أيام مع إقليم الصومال الإيطالي لتشكيل جمهورية الصومال المتحدة.
في 18 مايو 1991، وبعد سنوات من الحرب الأهلية والحكم الاستبدادي للرئيس محمد سياد بري، أعلنت أرض الصومال استقلالها من جانب واحد عن الصومال. جاء هذا الإعلان بعد مؤتمر سلام شارك فيه ممثلون عن العشائر المختلفة في شمال الصومال والحركة الوطنية الصومالية.
رغم تمتعها بالاستقرار النسبي والسلام مقارنة ببقية أجزاء الصومال التي تخوض معارك ضد تمرد متشددين منذ أكثر من 17 عاماً، لم تحظ أرض الصومال باعتراف دولي بسيادتها كدولة مستقلة.
الموقع الاستراتيجي لأرض الصومال
تتمتع أرض الصومال بموقع جغرافي استراتيجي فائق الأهمية؛ إذ تقع في القرن الأفريقي وتطل على خليج عدن ومضيق باب المندب، أحد أهم الممرات المائية العالمية. يمتد ساحلها على طول خليج عدن لمسافة تزيد عن 500 ميل، ويبعد عن مضيق باب المندب حوالي 70 ميلاً.
يمر عبر مضيق باب المندب حوالي 4 ملايين برميل من النفط يومياً في طريقه إلى أوروبا، وحوالي 25 ألف سفينة، أو ما يعادل 7% من حجم التجارة البحرية العالمية، هذا الموقع الاستراتيجي جعل أرض الصومال محل اهتمام القوى الإقليمية والدولية، بما في ذلك إسرائيل.