غارات إسرائيلية تستهدف مناطق متعددة في شرق وجنوب لبنان وسط تصاعد التوتر
شنت القوات الإسرائيلية مساء الخميس 20 مارس 2025 سلسلة من الغارات الجوية استهدفت مواقع متعددة في شرق وجنوب لبنان، مما يشكل تصعيداً جديداً رغم اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ نوفمبر الماضي. أفادت التقارير أن الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف مواقع في البقاع الشرقي وجنوب لبنان بعدة صواريخ، في حين ادعى الجيش الإسرائيلي استهداف “مواقع عسكرية” تابعة لحزب الله.
تفاصيل الغارات والمناطق المستهدفة
وفقاً للمعلومات الواردة من وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، فإن الطيران الحربي الإسرائيلي أغار بأربعة صواريخ على المنطقة الواقعة بين جباع وزحلتي وسنيا في عمق جنوب لبنان. كما شن الطيران غارة على محلة الشعرة عند سفوح السلسلة الشرقية ضمن نطاق بلدة جنتا في شرق لبنان.
وأوضحت المصادر الإعلامية اللبنانية أن غارة إسرائيلية أخرى استهدفت أطراف بلدة طاريا غرب بعلبك في البقاع اللبناني. فيما أكدت الوكالة اللبنانية استمرار تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي على علو منخفض في أجواء الجنوب.
تسلسل الأحداث والهجمات
بدأت الغارات مساء الخميس واستهدفت عدة مواقع متزامنة، حيث صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، في بيان على منصة “اكس”، أن طائرات الجيش الإسرائيلي شنت غارات على موقع عسكري يحتوي على “بنية تحتية تحت أرضية” في منطقة البقاع شرقي لبنان. وأضاف أنه تم شن غارة على موقع عسكري آخر في جنوب لبنان يحتوي على منصات إطلاق صواريخ، حيث تم رصد “نشاط لمنظمة حزب الله الإرهابية”، على حد تعبيره.
المبررات الإسرائيلية والموقف اللبناني
أكد أدرعي في بيانه أن الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل ومنع أي محاولة تموضع لحزب الله. وذكر الجيش الإسرائيلي أنه سيواصل العمل من أجل إزالة أي تهديد على إسرائيل، ومنع أي محاولة لتمركز حزب الله، حسبما ورد في بيان له.
من جانبها، رصدت الوكالة اللبنانية الرسمية هذه الغارات ووصفتها بأنها هجمات “للطيران الحربي المعادي”، مشيرة إلى استمرار التحليق الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية. وتأتي هذه الغارات في سياق انتهاكات متكررة من قبل إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر الماضي.
خلفية الانتهاكات السابقة
الجدير بالذكر أن الجيش الإسرائيلي كان قد أعلن مساء يوم الأحد الماضي أنه أغار على “مقر قيادة” ومبان تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، مدعياً أن “وجود بنى تحتية إرهابية من هذا النوع يشكل خرقًا فاضحًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان”. وجاء هذا الهجوم بعد ادعاء الجيش الإسرائيلي بأن سيارة خالية كانت متوقفة في منطقة أفيفيم على الحدود اللبنانية تعرضت لإطلاق نار من داخل لبنان، دون إصابات.
سياق الصراع واتفاق وقف إطلاق النار المنتهك
يأتي هذا التصعيد في سياق توتر مستمر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حيث يسري منذ 27 نوفمبر 2024 اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل برعاية أمريكية وفرنسية، ما وضع حداً للمواجهات التي نشبت بينهما على مدار أكثر من عام على خلفية الحرب في قطاع غزة.
ورغم أن الاتفاق نص على انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، إلا أن إسرائيل أبقت على وجودها في 5 نقاط رئيسية في المنطقة اللبنانية الحدودية وهي تلة العزية وتلة الحمامص وجبل بلاط وتلة اللبونة وتلة العويضة، مع انتهاء المهلة المحددة في 18 فبراير الماضي.
حصيلة العدوان الإسرائيلي على لبنان
بدأت إسرائيل في 8 أكتوبر 2023 عدواناً على لبنان تحول لحرب واسعة في 23 سبتمبر 2024، ما خلّف 4 آلاف و115 شهيداً و16 ألفاً و909 جرحى، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص. كما أسفر القصف الإسرائيلي على لبنان عن أكثر من 4000 قتيل و16000 جريح، وسط تزايد الدعوات الدولية لوقف التصعيد.
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار ارتكبت إسرائيل أكثر من 1000 انتهاك له، ما أسفر عن 92 شهيداً و285 جريحاً على الأقل، استناداً إلى بيانات رسمية لبنانية.
تطورات الوضع الميداني والمساعي الدبلوماسية
تنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير الماضي، خلافاً للاتفاق، إذ نفذت انسحاباً جزئياً وتواصل احتلال 5 نقاط لبنانية رئيسة، ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة. كما شرعت مؤخراً في إقامة شريط حدودي يمتد لكيلومتر أو اثنين داخل أراضي لبنان، وفق ما صرح به رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري.
وتزعم إسرائيل أن سبب بقائها في 5 تلال هو عدم قيام الجيش اللبناني بواجباته كاملة ضمن اتفاق وقف النار، وعدم قدرته على ضبط الأمن على طول الخط الأزرق. بينما تؤكد الحكومة اللبنانية مواصلة جهودها الدبلوماسية لحشد الدعم العربي والدولي من أجل استكمال الانسحاب الإسرائيلي، في حين شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن “تل أبيب” لن تتنازل عن السيطرة على المواقع الخمسة التي تحتفظ بها في جنوب لبنان.