منذ اندلاع عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، لم يكن اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بعيدين عن المشهد، بل كانوا في قلبه، مجسّدين وحدة المصير والهوية رغم عقود من اللجوء والتهميش.
فقد هبّ أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان من شماله إلى جنوبه نصرةً لغزة، معبرين عن تضامنهم بأشكال مختلفة، من المظاهرات والمسيرات، إلى حملات التبرع والمساعدات، وصولًا إلى الحراك الرقمي الذي جعل أصواتهم تصل إلى العالم.

وأفاد مراسلون في لبنان بأن اللاجئين الفلسطينيين في مختلف المخيمات، خرجوا في مظاهرات تندّد بالعدوان، رافعين الأعلام الفلسطينية وشعارات تدعو إلى وقف المجازر الإسرائيلية.
دعم رغم التحديات
ورغم الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها اللاجئون في لبنان، من قيود قانونية إلى أزمات اقتصادية خانقة، لم يمنعهم ذلك من إطلاق حملات دعم لجمع التبرعات المالية والعينية لمساندة أهل غزة.
إذ أفاد مراسلنا ببروز مبادرات شبابية لجمع المساعدات، سواء عبر التبرعات الرمزية أو تنظيم أنشطة توعوية لإبقاء القضية حيّة في الذاكرة الجماعية.
حراك رقمي وإعلامي
ولم يقتصر الدعم على الشارع، بل امتد إلى الفضاء الرقمي، حيث نشط اللاجئون على مواقع التواصل الاجتماعي لنقل معاناة أهل غزة وتسليط الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، من خلال مشاركة الأخبار، وإطلاق وسوم داعمة، ونشر مقاطع توثق الواقع المأساوي في القطاع، ساهموا في إبقاء غزة حاضرة على الساحة الإعلامية.

بين الذاكرة والمصير المشترك
بناءً على ما تقدّم، فإن تفاعل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مع غزة ليس مجرد موقف تضامني، بل هو تعبير عن وحدة المصير، فهم أبناء النكبة، الذين شردهم الاحتلال منذ 76 عامًا، وما زالوا يعيشون معاناة اللجوء، بينما يرى كثيرون منهم في غزة نموذجًا لصمود الفلسطيني رغم القتل والحصار، وفي كل عدوان، تتجدد لديهم مشاعر التهجير والاقتلاع، ما يجعلهم أكثر تمسكًا بحقهم في العودة وأكثر تضامنًا مع أبناء وطنهم المحاصر.
ورغم القيد والحصار، يثبت الفلسطيني أينما كان أن القضية واحدة، وأن الاحتلال مهما حاول تقسيم الجغرافيا وتفريق أبناء الشعب الفلسطيني، فإن وحدة الأرض والهوية تبقى أقوى من كل محاولات الطمس والتهميش.
وتفاعل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مع غزة هو شهادة على أن النكبة لم تنهِ الارتباط بفلسطين، بل زادته قوة، ليبقى اللاجئ الفلسطيني صوتًا صارخًا في وجه الاحتلال، وحجرًا صامدًا في جدار المقاومة.

واستأنفت قوات الاحتلال فجر الثلاثاء الماضي عدوانها على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، لكن الاحتلال خرق بنود وقف إطلاق النار على مدار الشهرين.
واستمر الاحتلال في قصفه لأماكن متفرقة من قطاع غزة، مخلفا شهداء وجرحى، ورفض تطبيق البروتوكول الإنساني، وشدد حصاره الخانق على القطاع الذي يعيش مأساة إنسانية غير مسبوقة.
وتتنصل حكومة بنيامين نتنياهو من بدء المرحلة الثانية من الاتفاق، إذ تسعى لإطلاق سراح مزيد من الأسرى لدى المقاومة من دون الوفاء بالتزامات هذه المرحلة، ولا سيما إنهاء حرب الإبادة والانسحاب من غزة بالكامل.
وبدعم أميركي أوروبي ارتكبت قوات الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 161 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.