أطلقت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلسلة مطالب مالية غير مسبوقة لدول الخليج، حيث توجّهت الأنظار مؤخراً نحو الكويت بعد اتفاقيات استثمارية ضخمة مع السعودية (تريليون دولار) والإمارات (1.4 تريليون دولار). جاءت هذه الخطوات وسط تصريحات مثيرة لمسؤولين أمريكيين تُعيد طرح فكرة “الدفع مقابل الحماية” التي طالما روّج لها ترامب منذ 2016.
فاتورة التحرير: مطالبات أمريكية تثير غضباً كويتياً
تصاعد الجدل بعد تصريحات وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك التي ادّعى فيها أن “الكويت لم تدفع تكاليف تحريرها عام 1991″، مُطالباً بمراجعة الرسوم الجمركية الكويتية. واجهت هذه التصريحات رفضاً قوياً من النواب والمراقبين الكويتيين الذين كشفوا تناقضات في الأرقام:
تكلفة عملية “عاصفة الصحراء” بلغت 60 مليار دولار، ساهمت الكويت والسعودية بـ40 ملياراً منها.
الرسوم الجمركية الكويتية لا تتجاوز 5%، وهي من الأدنى عالمياً.
تصريحات لوتنيك تزامنت مع زيارة وفد إماراتي رفيع أعلن استثمارات بقيمة 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة.
الدكتور عبدالله الشايجي (أستاذ العلوم السياسية) وصف المطالب الأمريكية بـ”الابتزاز”، مشيراً إلى أن الإدارة الحالية “تُحضّر لضغوط مالية مكثفة”.
خلفية المطالب: من “إستراتيجية الدفع” إلى “الولاء الاقتصادي”
تعتمد إدارة ترامب على نهجين متوازيين في تعاملها مع الخليج:
الضغط العسكري: عبر التذكير الدائم بـ”تكلفة الحماية الأمريكية” التي قدّرها ترامب بـ7 تريليونات دولار.
الجذب الاستثماري: من خلال صفقات عملاقة مثل:
مشروع مصهر الألمنيوم الإماراتي (الأول في أمريكا منذ 35 عاماً).
شراكات سعودية في الطاقة والذكاء الاصطناعي.
يُشير تحليل مركز ريكونسنس للبحوث إلى أن الكويت قد تكون الهدف التالي لهذه السياسة، خاصة مع:
العلاقات التجارية التاريخية بين البلدين.
السيولة المالية الكويتية رغم تراجع الاحتياطي النفطي.
تداعيات محتملة ومخاوف وطنية
حذّر النائب الكويتي صالح الملا من أن هذه المطالب “جرس إنذار” يتطلب مراجعة السياسات الخارجية، بينما دعت الدكتورة جنان بوشهري إلى تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة الضغوط. في المقابل، يُعتقد أن الإمارات والسعودية تحاولان “شراء الحماية” عبر الاستثمارات العملاقة، مما يضع الكويت في موقفٍ استراتيجي حرج.
هذا التصعيد يأتي في سياق تغييرات جيوسياسية أوسع، حيث تسعى واشنطن لإعادة هيكلة تحالفاتها الإقليمية عبر اقتصْرَنة العلاقات، مُحوّلةً التاريخ العسكري إلى رصيدٍ تفاوضي.