مركز إعادة التأهيل بجيش الاحتلال: 16 ألف جريح من قوات الجيش والأمن في المستشفيات و50% يعانون من أعراض نفسية
كشفت معطيات جديدة صادرة عن مركز إعادة التأهيل بجيش الاحتلال الإسرائيلي عن حجم الخسائر البشرية الهائلة التي تكبدتها قوات الاحتلال منذ بدء العمليات العسكرية في 7 أكتوبر 2023. ووفقاً للتقارير الرسمية، فقد تم تسجيل أكثر من 16 ألف جريح من قوات الجيش والأمن في المستشفيات، نصفهم تقريباً يعانون من اضطرابات نفسية خطيرة، مما يضع المنظومة الصحية الإسرائيلية أمام تحدٍ غير مسبوق في التعامل مع هذا الكم الهائل من الإصابات الجسدية والنفسية.
حجم الخسائر البشرية غير المسبوقة
أفصحت وسائل إعلام إسرائيلية عن الأرقام الحقيقية لضحايا جيش الاحتلال خلال الحرب على قطاع غزة، حيث كشفت صحيفة “معاريف” أن 16 ألف جندي إسرائيلي جرحوا منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن. وتُظهر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن شعبة إعادة التأهيل التابعة لوزارة الجيش الإسرائيلي أن 8600 من الجرحى يعانون من إصابات جسدية خطيرة ومتنوعة، في حين يعاني نحو 7500 آخرين من إصابات نفسية شديدة، تشمل اضطراب ما بعد الصدمة، والقلق، والاكتئاب، واضطرابات التكيف.
وتشير هيئة البث الإسرائيلية إلى أن قسم إعادة التأهيل في وزارة جيش الاحتلال يسجل نحو ألف جريح شهرياً جراء استمرار العمليات العسكرية في غزة، بالإضافة إلى تداعيات الحرب في لبنان التي انتهت في نوفمبر الماضي. ويقدم التقرير صورة قاتمة عن استمرار تدفق الجرحى بمعدلات متسارعة، مما يعني أن الأرقام الحالية قابلة للازدياد مع استمرار العمليات العسكرية.
توزيع الإصابات حسب الفئات والأعمار
تظهر البيانات الرسمية أن توزيع الإصابات يتباين بشكل كبير بين فئات القوات المختلفة، حيث أن 66% من الجرحى كانوا من جنود الاحتياط، و17% من الجنود في الخدمة النظامية، و10% من أفراد قوات الشرطة. وتُظهر هذه الأرقام الاعتماد الكبير على قوات الاحتياط في المعارك، وهو ما يفسر ارتفاع نسبة الإصابات بينهم.
ومن حيث التركيبة الديموغرافية للمصابين، تشير الإحصاءات إلى أن نحو 7% من الجرحى نساء، فيما يشكل الرجال نحو 93% من إجمالي المصابين. كما أوضحت هيئة البث الإسرائيلية أن 51% من الجرحى تقل أعمارهم عن 30 عاماً، مما يعني أن الفئة الشابة من الجنود هي الأكثر تضرراً من هذه الحرب.
تفاقم الأزمة النفسية والصدمات
تمثل الإصابات النفسية جانباً مقلقاً بشكل خاص من خسائر جيش الاحتلال، حيث تفيد التقارير بأن 43% من المصابين يعانون من صدمات نفسية حادة. وتنوعت هذه الإصابات النفسية بين اضطراب ما بعد الصدمة، والقلق الحاد، والاكتئاب، واضطرابات التكيف، وهي حالات تتطلب رعاية طبية متخصصة ومستمرة.
ونقلت صحيفة “معاريف” عن تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي تحذيره من أن إسرائيل تواجه أزمة نفسية كبيرة، إذ يقدر أن ما لا يقل عن 3 ملايين إسرائيلي قد يصابون بأعراض الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة نتيجة الحرب. وهذا يعني أن تداعيات الحرب النفسية لن تقتصر على الجنود فقط، بل ستمتد لتشمل شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي.
ظاهرة الإصابات المتكررة
كشف التقرير عن ظاهرة مقلقة تتمثل في الإصابات المتعددة للجندي الواحد في المعارك، حيث أصيب نحو 1500 جندي مرتين، وعادوا إلى القتال مرة ثانية، لكنهم أصيبوا مرة أخرى. كما تحدث التقرير عن حالات أصيبت بإصابات نفسية وعادت إلى القتال لتُصاب مرة أخرى، مما يشير إلى خلل في نظام تأهيل الجنود وإعادتهم إلى ساحات القتال قبل تعافيهم بشكل كامل.
القتلى والمفقودين: أرقام متضاربة
أعلن تقرير شعبة إعادة التأهيل أنه منذ بداية الحرب، سقط 846 جندياً وعنصراً من قوات الشرطة التي شاركت في القتال. في حين أقر الاحتلال بمقتل 825 جندياً وضابطاً منذ بدء الحرب، حسب المصدر الثاني. لكن المثير للقلق أن تقارير إسرائيلية سابقة نقلت عن مسؤولين أن عدد قتلى الجيش الإسرائيلي خلال الحرب قد يصل إلى 6 آلاف.
هذا التباين الكبير في الأرقام المعلنة يثير تساؤلات حول مدى شفافية الجيش الإسرائيلي في الإفصاح عن حجم خسائره الحقيقية، خاصة وأن وسائل إعلام ومستشفيات إسرائيلية تؤكد أن الأعداد الحقيقية للقتلى والمصابين في الجيش تفوق المعترف به بكثير.
تداعيات طويلة المدى على المنظومة الصحية
مع استمرار تدفق الجرحى والمصابين، تواجه منظومة الرعاية الصحية الإسرائيلية تحديات كبيرة. فوفقاً للمعطيات، وصل عدد المعاقين في جيش الاحتلال الذين تلقوا العلاج بقسم إعادة التأهيل التابع لوزارة الجيش من جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل إلى 72 ألفاً و56 جندياً وضابطاً معاقاً يعانون اضطرابات عقلية ونفسية وصدمات، بينهم أكثر من 10 آلاف أضيفوا خلال الحرب على غزة.
وتقدر وزارة جيش الاحتلال أنه بحلول نهاية العام الجاري سيتعين على قسم إعادة التأهيل الاعتناء بنحو 82 ألف معاق من الضباط والجنود الإسرائيليين، مما يعني إضافة أكثر من 20 ألف جريح ومعاق جراء الحرب المستمرة على غزة. وهذه الأرقام تشير إلى الضغط الهائل الذي ستواجهه المنظومة الصحية الإسرائيلية في السنوات المقبلة.
خلاصة
تكشف الأرقام والمعطيات الصادرة عن مركز إعادة التأهيل بجيش الاحتلال الإسرائيلي عن حجم الكارثة البشرية التي تتعرض لها قوات الاحتلال منذ بدء عملياتها العسكرية. فمع تسجيل 16 ألف جريح، ونحو 50% منهم يعانون من إصابات نفسية، بالإضافة إلى أعداد القتلى التي قد تتجاوز الأرقام المعلنة بكثير، تواجه إسرائيل تحديات صحية وديموغرافية واجتماعية غير مسبوقة.
ومع استمرار العمليات العسكرية واستمرار تدفق الجرحى بمعدل ألف جريح شهرياً، تشير كل المؤشرات إلى أن الأزمة ستستمر في التفاقم، مما سيلقي بظلاله على المجتمع الإسرائيلي بأكمله لسنوات قادمة. وستظل المنظومة الصحية الإسرائيلية في حالة استنفار مستمر للتعامل مع هذا الكم الهائل من الإصابات الجسدية والنفسية التي خلفتها الحرب حتى الآن.