الإمارات تسعى لاستضافة المحادثات الروسية الأمريكية: جهود دبلوماسية خليجية وسط التنافس الإقليمي
كشفت معلومات دبلوماسية عن مساعي إماراتية حثيثة لاستضافة المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بشأن الأزمة الأوكرانية، في خطوة تعكس الدور المتنامي لدول الخليج في الوساطة بالنزاعات الدولية. وبالرغم من اختيار واشنطن للسعودية كمنصة للمحادثات، تواصل أبوظبي جهودها الدبلوماسية لتعزيز مكانتها كلاعب مؤثر في تسوية الصراعات العالمية، وسط تنافس إقليمي محتدم بين الدول الخليجية.
جهود الإمارات لاستضافة المفاوضات الروسية الأمريكية
أكد مصدر دبلوماسي في أبوظبي لوكالة “تاس” أن الإمارات كانت تأمل في استضافة المفاوضات بين وفدين من روسيا والولايات المتحدة، لكن الجانب الأمريكي فضّل اختيار السعودية كمنصة للمحادثات. وأوضح المصدر أن الجانب الروسي كان ينظر في البداية إلى كل من الإمارات والسعودية كمحطات محتملة للمفاوضات، مما دفع السلطات الإماراتية لبذل “جهود معينة” لتنظيم اللقاء في أبوظبي.
وفي هذا السياق، أشارت مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن الإمارات عرضت بحماس لعب دور رئيسي في محاولة التوسط للسلام بين روسيا وأوكرانيا، حيث اقترح مسؤولون إماراتيون على واشنطن استضافة “قمة سلام” قد تشمل في نهاية المطاف اجتماعاً بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقال مصدر مقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الإمارات برزت كمرشح رئيسي للاجتماع الأول بين ترامب وبوتين، بينما لم يصدر تأكيد رسمي من الكرملين بهذا الشأن.
مبادرات إماراتية متعددة لتسوية النزاع الأوكراني
طرحت الإمارات مراراً مبادرات وساطة لتسوية النزاع الأوكراني، وبذلت جهوداً حثيثة لتنظيم مفاوضات روسية أمريكية. وبالرغم من إصرار الإدارة الأمريكية على عقد المحادثات في السعودية، واصلت أبوظبي دعمها للمسار الدبلوماسي لتسوية الأزمة.
وعقد الوفدان الروسي والأمريكي محادثات في الرياض استمرت أكثر من 4 ساعات في 18 فبراير 2025. ومثل روسيا في الاجتماع وزير الخارجية سيرغي لافروف ومساعد الرئيس يوري أوشاكوف ورئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف، بينما مثّل الولايات المتحدة وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي ستيفن ويتكوف.
الإمارات ترحب بالمحادثات في السعودية وتؤكد دعمها للحلول السلمية
رحبت الإمارات رسمياً بالمباحثات التي انطلقت في العاصمة السعودية الرياض بين الوفدين الروسي والأمريكي بشأن الأزمة الأوكرانية، معربةً عن أملها في أن تكون المحادثات خطوة هامة نحو جسر الهوة وتعزيز التواصل والحوار لإنهاء الصراع المستمر منذ نحو ثلاث سنوات.
وثمنت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان الجهود التي بذلتها السعودية لاستضافة هذه المباحثات، مؤكدةً أنها “تعكس التزام المملكة بدعم جهود السلام الدولية وتحقيق الاستقرار والازدهار العالميين”.
وأكدت الوزارة على موقف دولة الإمارات الراسخ في دعم الحلول السلمية للنزاعات والتعاون الدولي في معالجة القضايا العالمية، مشددةً على “ضرورة تغليب الدبلوماسية والحوار البنّاء بين الأطراف المعنية، والعمل المشترك لتحقيق الأمن والسلام والازدهار في المنطقة والعالم”.
وبالإضافة إلى الدول الخليجية المجاورة كالسعودية وقطر، توسطت الإمارات في عدد من عمليات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا منذ غزت موسكو جارتها في فبراير 2022.
التنافس السعودي الإماراتي ومستقبل التعاون الخليجي
بالرغم من التعاون الظاهر، يشهد الإقليم تنافساً محتدماً بين السعودية والإمارات، أضخم بلدين من حيث عدد السكان وأكبر اقتصادين في مجلس التعاون الخليجي. هذا التنافس المتعاظم يؤثر على فعالية المجلس ووحدته، ويتجلى في اختلاف مقارباتهما للصراعات الإقليمية واشتداد المنافسة الاقتصادية بينهما.
وقد برز هذا التنافس سابقاً في مواقف عدة، مثل انسحاب الإمارات في عام 2009 من مشروع مجلس التعاون الخليجي الرامي إلى تشكيل اتحاد نقدي واعتماد عملة موحدة، بسبب اعتراضها على اختيار الرياض مقراً للمصرف المركزي المقترح بدلاً من أبوظبي.
جهود دبلوماسية موازية من الرياض وأبوظبي
بالتزامن مع استضافة الرياض للمباحثات الروسية الأمريكية، تجري استعدادات مكثفة لقمة محتملة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب في السعودية، حيث رحبت المملكة الجمعة باستضافة مثل هذه القمة.
وتأتي هذه التطورات بعد أسبوع من محادثة هاتفية بين بوتين وترامب، الذي أعلن أن إحدى أولوياته القصوى هي إنهاء الصراع المستمر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.
مساعي أمريكية لتحقيق تقدم في مفاوضات السلام
كشفت وكالة “بلومبرغ” أن واشنطن تسعى للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا بحلول 20 أبريل 2025، مما يعكس إلحاح الإدارة الأمريكية الجديدة على إيجاد حل للأزمة.
وقد ناقش ترامب، الذي تولى منصبه في 20 يناير 2025، الحرب بشكل منفصل مع بوتين وزيلينسكي، بينما تواجه جهود الوساطة تعقيدات بسبب تصريحات وزير الدفاع الأمريكي التي تشير إلى تنازلات محتملة لروسيا، إضافة إلى رغبة القوى الأوروبية في المشاركة بالمفاوضات.