وُصف بـ”المهندس السياسي الماكر” و”رجل الانشقاقات التاريخي”، إنه رياك مشار، النائب الأول لرئيس جنوب السودان، الذي يظل اسمه ملتصقاً بتقلبات الأزمات في الدولة الأصغر عمراً على الخريطة العالمية. مع تصاعد العنف مجدداً في مارس 2025، وإغلاق السفارة الألمانية تحسباً لاندلاع حرب أهلية، يعود مشار إلى واجهة الأحداث كـ”رقم صعب” في معادلة السلام الهش.
من الهندسة إلى ساحات الحرب: مسيرة زعيم قبلي بثوب أكاديمي
البداية: وُلد عام 1953 في ولاية الوحدة، ينتمي لقبيلة النوير (الثانية بعد الدينكا في التعداد).
التكوين الأكاديمي:
حصل على الدكتوراه في التخطيط الاستراتيجي من جامعة برادفورد البريطانية عام 1984، ما منحه أدوات فكرية ميزته عن غيره من القادة الميدانيين.
التحول العسكري:
انضم مبكراً للحركة الشعبية لتحرير السودان (SPLM)، لكنه انشق عام 1991 ليؤسس “مجموعة الناصر”، متحالفاً مع الخرطوم ضد زعيم الحركة جون قرنق.
بين اتفاقيات السلام وإضرام النزاعات: تاريخ من التناقضات
اتفاق الخرطوم 1997:
وقّع مع حكومة عمر البشير، وأصبح مساعداً للرئيس السوداني ورئيساً لمجلس تنسيق الولايات الجنوبية، في خطوة اعتُبرت “طعنة لحركة التحرير”.
دور في الاستقلال:
عُيّن نائباً للرئيس مع إعلان استقلال الجنوب 2011، لكن إقالته عام 2013 أشعلت حرباً أهلية خلّفت 400 ألف قتيل.
اتفاق 2020 الهش:
عاد كنائب أول للرئيس سلفا كير ضمن “حكومة وحدة وطنية”، لكن التوترات استمرت، خاصة حول تقاسم السلطة وإصلاح الجيش.
مارس 2025:
شرارة أزمة جديدة تهدد بانفجار الوضع
اعتقالات مفصلية:
ألقت قوات موالية لكير القبض على حلفاء مشار، منهم وزير النفط بوت كانج شول ونائب قائد الجيش، ما دفع حزبه لتعليق مشاركته في عملية السلام.
اتهامات متبادلة:
اتهمت الحكومة فصيل مشار بالتحالف مع “الجيش الأبيض” (مليشيات النوير)، بينما نفت ذلك الحركة الشعبية.
تداعيات دولية:
أدت التصعيدات إلى إغلاق السفارة الألمانية في جوبا، وتحذيرات من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية جديدة.
السيناريوهات المحتملة:
هل يعيد التاريخ نفسه؟
التدخل الإقليمي: تُهدد الأطراف المتصارعة في السودان المجاور بالتدخل، ما يعقّد الأزمة.
مأزق المصالحة:
فشل إدماج الجيش الموحد (83 ألف جندي) يترك كل طرفٍ مسيطراً على قواته، مع استمرار تجنيد المليشيات.
دور المجتمع الدولي:
الضغوط الغربية (بما فيها عرض وساطة سداسية دولية) قد تكون المفتاح الوحيد لاحتواء الأزمة.
رغم صفة “رجل السلام” التي يحاول مشار الترويج لها، يبقى تاريخه الحافل بالتحالفات المتقلبة والصراعات الدموية مصدر قلقٍ دائم. مع تصاعد العنف في 2025، قد تكون البلاد أمام مفترق طرق: إما عودة إلى مأساة الماضي، أو اختبار حقيقي لإرادة سياسية غائبة منذ الاستقلال.