تراجع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي في بغداد وأربيل: الأسباب والتداعيات
تشهد الأسواق المالية في العراق خلال الأشهر الأخيرة تراجعاً ملحوظاً في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي، وسط مؤشرات اقتصادية متباينة ومتغيرات مالية محلية ودولية. وقد سجلت أسواق الصرافة في بغداد وأربيل انخفاضات متتالية خلال الأسابيع الماضية، مما يعكس تطورات هامة في المشهد الاقتصادي العراقي.
آخر تطورات أسعار صرف الدولار في العراق
انخفاض ملحوظ في الأسواق الرسمية
سجل سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي انخفاضاً ملحوظاً في البورصات الرسمية خلال شهر آذار/مارس الجاري. ففي تعاملات اليوم الاثنين 24 مارس 2025، استقر سعر الدولار في البنوك العراقية عند مستوى 1310 دينار لكل دولار وفق السعر المحدد من البنك المركزي العراقي. بينما سجلت بورصتا الكفاح والحارثية الرئيسيتان في بغداد يوم الأحد 23 مارس انخفاضاً عند مستوى 147250 ديناراً مقابل 100 دولار، بعد أن كانت الأسعار صباح اليوم نفسه 147300 دينار.
وشهدت الأسواق المحلية في بغداد انخفاضاً في أسعار البيع لدى محال الصيرفة، حيث بلغ سعر البيع 148250 ديناراً مقابل 100 دولار، في حين بلغ سعر الشراء 146250 ديناراً. وقد استمر هذا الاتجاه النزولي للأسبوع الثالث على التوالي، إذ سبق أن سجلت الأسعار في 17 آذار انخفاضاً إلى 147500 دينار مقابل 100 دولار، بعد أن كانت 147950 ديناراً صباح اليوم نفسه.
الوضع في أربيل
في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، شهدت أسعار الصرف انخفاضاً متوازياً مع ما يحدث في بغداد. ففي 23 مارس 2025، سجل سعر البيع حوالي 147150 ديناراً لكل 100 دولار، وسعر الشراء 146050 ديناراً. وقد كان سعر البيع قبل أسبوع (17 مارس) نحو 147350 ديناراً لكل 100 دولار، وسعر الشراء 147250 ديناراً. هذا التراجع يأتي في سياق الانخفاض العام للدولار في عموم العراق منذ بداية الشهر الجاري.
السوق السوداء والفارق السعري
أما في السوق السوداء، فقد سجل سعر صرف الدولار انخفاضاً أيضاً، ليصل في 23 مارس 2025 إلى مستوى 153000 دينار عراقي مقابل 100 دولار للبيع، بينما بلغ سعر الشراء 157500 دينار. وفي تعاملات اليوم الاثنين 24 مارس 2025، تراوحت أسعار الدولار في السوق السوداء بين 1475 إلى 1488 ديناراً. يُذكر أن الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء يُعد مؤشراً مهماً لمدى استقرار سوق الصرف في العراق.
أسباب تراجع سعر صرف الدولار في العراق
العوامل الموسمية وتأثير شهر رمضان
يُعزى جزء كبير من الانخفاض الراهن في سعر صرف الدولار إلى عوامل موسمية مرتبطة بشهر رمضان المبارك. فوفقاً للمختص في الشأن الاقتصادي ناصر التميمي، فإن “الانخفاض الحاصل في سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية هو أمر مؤقت، بسبب قلة الطلب عليه حالياً في السوق بسبب شهر رمضان”. ويضيف التميمي أن هناك تراجعاً في عمليات الشراء والبيع للسلع التي تُباع عادةً بالدولار مثل السيارات والعقارات خلال هذه الفترة.
إجراءات البنك المركزي والسياسات المالية
لعبت إجراءات البنك المركزي العراقي دوراً مهماً في التأثير على سعر صرف الدولار، ومن أبرز هذه الإجراءات:
- تثبيت السعر الرسمي للدولار عند مستوى 1310 دينار منذ مطلع العام الماضي.
- وقف مزاد الدولار خلال شهر رمضان، مع توقعات بعودته بعد انتهاء إجازة عيد الفطر المبارك.
- إطلاق مصرف الرافدين نظام مراقبة الحركات المالية اليومية (AML) لتعزيز النزاهة المالية، والذي تم تطبيقه في ستة فروع رئيسية ذات أهمية نظامية.
مؤشرات اقتصادية وعوامل أخرى
إضافة إلى العوامل المذكورة، هناك عدة مؤشرات اقتصادية قد ساهمت في انخفاض سعر الدولار، منها:
- تنفيذ المعايير الدولية الصارمة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما يعزز الثقة بالقطاع المصرفي العراقي إقليمياً وعالمياً.
- التدخل المباشر من البنك المركزي العراقي في سوق الصرف للحفاظ على استقرار الأسعار.
توقعات مستقبل سعر صرف الدولار في العراق
مؤشرات قصيرة المدى
يرى المختصون أن الانخفاض الحالي في سعر صرف الدولار قد يكون مؤقتاً. فحسب تصريحات ناصر التميمي، “هذا الانخفاض مؤقت وسوف يعاود للارتفاع مجدداً خاصة مع قرب أيام عيد الفطر، وبعدها سوف يعود إلى وضعه ما بين الـ(150، 151) لكل 100 دولار”. ويؤكد التميمي أن الانخفاض الحالي “لم يأتِ بسبب معالجات حقيقية لهذه الأزمة المستمرة منذ وقت طويل، لكن السبب الحقيقي هو قلة الطلب خلال هذه الأيام”.
توقعات السياسة النقدية
تشير توقعات سعر الدولار مقابل الدينار العراقي إلى استمرار حالة الاستقرار في حركة العملات الأجنبية مع تدخل البنك المركزي العراقي في تحديد سعر الصرف بشكل يومي. ومن المتوقع أن يظل متوسط سعر الدولار مستقراً في نطاق يتراوح بين 1305 دنانير للبيع النقدي و1310 دنانير للتحويلات الخارجية في التعاملات الرسمية.
تأثيرات تراجع سعر صرف الدولار على الاقتصاد العراقي
آثار إيجابية محتملة
- تحسين القدرة الشرائية للمواطنين الذين يتعاملون بالدينار العراقي.
- تخفيض تكاليف الاستيراد، مما قد ينعكس إيجاباً على أسعار السلع المستوردة.
- تعزيز قيمة العملة المحلية، مما يدعم الاستقرار المالي.
تحديات وآثار سلبية محتملة
- تأثير محتمل على الصادرات العراقية التي قد تصبح أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الأجانب.
- تذبذب أسعار الصرف بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء قد يخلق حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين.
الخلاصة
يستمر تراجع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي في بغداد وأربيل، متأثراً بمجموعة من العوامل الموسمية والإجراءات المصرفية والسياسات المالية. وعلى الرغم من أن الخبراء يعتبرون هذا الانخفاض مؤقتاً، إلا أن التدخلات المستمرة من البنك المركزي العراقي تهدف إلى الحفاظ على استقرار سوق الصرف والحد من التقلبات الكبيرة.
ومع اقتراب عيد الفطر وما يصاحبه من زيادة في الطلب على الدولار، تبقى الأنظار متجهة نحو مستقبل سعر الصرف وتأثيره على المشهد الاقتصادي العراقي عموماً. ويبقى السؤال المطروح: هل سيستمر هذا الانخفاض أم سيعود الدولار للارتفاع مجدداً كما يتوقع المختصون؟