تصاعد الاعتقالات الإدارية في إسرائيل
شهدت الأشهر الأخيرة تصاعدا غير مسبوق في وتيرة الاعتقالات الإدارية من قبل الأمن الإسرائيلي بحق الشباب العربي داخل الخط الأخضر، حيث تشير البيانات الحديثة إلى وجود 25 شابا فلسطينيا رهن الاعتقال الإداري حاليا، غالبيتهم من منطقة وادي عارة، وذلك في إطار سياسة منهجية تعكس تغييرا في الأدوات الأمنية الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب.
تمثل هذه الأرقام ذروة في مسار تصاعدي بدأ منذ عام 2017، مع تزايد استخدام هذه الآلية خارج نطاق الضفة الغربية، حيث سجلت سابقة اعتقال 3 شبان دفعة واحدة من وادي عارة آنذاك.
تطور الاعتقالات الإدارية داخل الخط الأخضر
اعتمدت إسرائيل الاعتقال الإداري تاريخيا كأداة طوارئ في الضفة الغربية، لكن تحولا جوهريا حدث عام 2017 عندما أصدر وزير الجيش أفيغدور ليبرمان أوامر اعتقال إداري بحق 3 شبان من وادي عارة، مستندا إلى “قوانين الطوارئ” التي تعود لعام 1945. آنذاك، وصف المحامي عمر خمايسي الخطوة بأنها “سابقة خطيرة” تخرق السياق التاريخي الذي اقتصرت فيه هذه الإجراءات على حالات فردية نادرة.
من 3 إلى 25 معتقلا
تشير المعطيات الحالية إلى قفزة كمية في عامي 2024-2025، حيث صدرت عشرات الأوامر الجديدة والتجديدات، لترتفع الأعداد من 3 معتقلين إداريين عام 2017 إلى 25 معتقلا في مارس 2025، 7 منهم من وادي عارة تحديدا. يلاحظ أن 60% من الأوامر الحالية تحدد فترة الاعتقال بـ6 أشهر، بينما تتراوح النسبة الباقية بين 3-5 أشهر، مع إمكانية تمديدها إلى أجل غير مسمى وفقا للقوانين الإسرائيلية.
التركيز الجغرافي: وادي عارة كـ”بؤرة استهداف”
تكتسب منطقة وادي عارة (المثلث الشمالي) أهمية استراتيجية بسبب موقعها الجغرافي المتاخم للخط الأخضر، وتعدادها السكاني الذي يصل إلى 50 ألف نسمة، غالبيتهم من العرب الفلسطينيين. تعتبر المنطقة تاريخيا مركزا للنشاط السياسي المناهض للاحتلال، ما يفسر – وفقا لتحليلات حقوقية – تركيز الحملات الأمنية عليها.
تكشف سجلات الاعتقالات منذ 2017 عن نمطين، الأول هو استهداف النشطاء السياسيين كما في حالة معتصم محاميد وأحمد مرعي اللذين اعتقلا عام 2017 بتهم غير معلنة، ثم جدد اعتقالهما عام 2018 دون محاكمة. والثاني هو العقاب الجماعي يتجسد في الاعتقالات الجماعية الأخيرة التي طالت 7 شبان من المنطقة خلال مارس 2025، دون وجود أدلة جنائية معلنة.
تعتمد النيابة العامة الإسرائيلية على المادة 285 من قانون العقوبات العسكري التي تتيح الاعتقال دون تهمة، باستخدام “ملف سري” لا يسمح للمعتقل أو محاميه بالاطلاع عليه. أدى هذا النظام إلى إفراغ حق الدفاع من مضمونه، حيث أشار المحامي خمايسي إلى أن “المحامي يترافع في الفراغ” دون معرفة التهم الموجه.
التمديدات المتكررة: سجن بلا نهاية
تشير القضايا السابقة إلى أن متوسط مدة الاعتقال الإداري للشبان العرب بلغ 14 شهرا، مع حالات استثنائية مثل الشاب أدهم ضعيف الذي أطلق سراحه بعد 6 أشهر عام 2018، بينما جدد اعتقال زميليه 3 مرات إضافية. في مارس 2025، سجلت أول حالة اعتقال إداري مدتها 3 أشهر فقط، ما قد يشير إلى تغيير تكتيكي لتفادي الضغوط الدولية.
الصعود اليميني وتأثيره على السياسات
يتزامن التصعيد الحالي مع تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة تهيمن عليها الأحزاب اليمينية المتطرفة، والتي تتبنى خطابا عنصريا صريحا ضد المواطنين العرب. يلاحظ أن 90% من أوامر الاعتقال الإداري صدرت خلال ولاية وزراء ينتمون لتيار “الليكود” و”الصهيونية الدينية”.