تحذيرات الاستخبارات الأمريكية من الوضع في إيران
حذرت أجهزة الاستخبارات الأمريكية من استمرار حالة الاستياء الشعبي في إيران، وسط تدهور الوضع الاقتصادي وتشديد القبضة الأمنية، في وقت تواجه فيه طهران عاماً جديداً مليئاً بالتحديات الداخلية والخارجية.
تقييمات الاستخبارات الأمريكية
أكدت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غابارد في شهادتها أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي يوم الثلاثاء، أن “المصاعب السياسية والاقتصادية الإيرانية قد تشكل مادة خصبة لتجدد الاضطرابات السياسية الداخلية والاحتجاجات داخل إيران، ما لم تُمنح طهران إعفاءً من العقوبات”.
وجاء في التقييم السنوي للتهديدات الصادر عن أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن إيران تواصل جهودها لتهديد المواطنين الأمريكيين عالمياً وتطوير شبكاتها وتنفيذ عمليات داخل الولايات المتحدة، رغم النجاحات الإسرائيلية في إضعاف تلك القدرات.
أزمة اقتصادية متفاقمة
انتهى العام الإيراني 1403 (المنتهي في 20 مارس 2025) وسط تحديات هي الأصعب للنظام الحاكم، الذي يعاني من “ركود اقتصادي في الداخل وانتكاسات تاريخية في الخارج”.
ويرى محللون سياسيون في طهران أن إدارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد تكون غير قادرة على معالجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، حيث يتوقف الفرج الوحيد المحتمل على تخفيف العقوبات الأمريكية، وهو ما يقاومه المرشد الأعلى علي خامنئي حتى الآن.
قمع منهجي للاحتجاجات
أشار تقرير صادر عن بعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة في 14 مارس 2025 إلى أن “حكومة إيران تواصل تكثيف جهودها لتقييد حقوق النساء والفتيات، وغيرهن ممن يطالبون بحقوق الإنسان كجزء من جهد منسق لسحق المعارضة”.
وذكر التقرير أن هذه الإجراءات القمعية تأتي “على الرغم من تأكيدات ما قبل الانتخابات من قبل الرئيس الحالي مسعود بزشكيان بتخفيف التطبيق الصارم لقوانين الحجاب الإلزامي”، مشيراً إلى زيادة استخدام التكنولوجيا والمراقبة، بما في ذلك من خلال “اليقظة التي ترعاها الدولة”.
اعتقالات خلال احتفالات النوروز
قامت السلطات الإيرانية باعتقال العشرات من الإيرانيين في ثلاث محافظات على الأقل لقمع التجمعات العامة والتعبيرات المناهضة للنظام خلال احتفالات عيد النوروز.
وتجمع حشد كبير عند ضريح الشاعر الإيراني الفردوسي بالقرب من مشهد في خراسان رضوي في 20 مارس وهتفوا شعارات مناهضة للنظام. وأكد حاكم مشهد اعتقال 15 شخصاً بسبب ما وصفه بـ “الشعارات التخريبية”، وصرح بأنهم سيواجهون عواقب قانونية.
تاريخ من التحذيرات
سبق أن حذرت وثيقة مسربة من الحرس الثوري الإيراني في نوفمبر 2021 من أن المجتمع الإيراني في “حالة انفجار”، مع ارتفاع الاستياء الاجتماعي بنسبة 300% خلال عام واحد، مشيرة إلى المخاوف من اندلاع اضطرابات اجتماعية بسبب تدهور الاقتصاد المتأثر بالعقوبات الأمريكية وسوء الإدارة.
ونقلت الوثيقة عن مسؤول من الجناح الاستخباراتي للحرس الثوري قوله إن “53% من المجتمع متشكك في ادعاءات النظام”، كما أشارت إلى زيادة الاحتجاجات بنسبة 50% تقريباً، مع تضاعف عدد المحتجين المشاركين فيها.
تشديد الرقابة والمراقبة
كثفت السلطات الإيرانية تطبيق قوانين الحجاب من خلال “المراقبة الجماعية، وتكنولوجيا المراقبة، واليقظة المدعومة من الدولة، بهدف السيطرة على السلوك العام وقمع المعارضة”.
وتعتمد السلطات الإيرانية بشكل كبير على أدوات مراقبة متقدمة لرصد انتهاكات الحجاب، بما في ذلك أنظمة التعرف على الوجه، والطائرات بدون طيار، وتطبيقات الهاتف المحمول مثل “ناظر”، الذي يسمح للمستخدمين المعتمدين بالإبلاغ عن النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب – حتى في المركبات الخاصة أو سيارات الإسعاف.
توقعات باحتمال اندلاع اضطرابات جديدة
يحذر الخبراء من أن التحدي الحرج الآخر هو خطر الاضطرابات الشعبية بسبب ارتفاع الأسعار وتنامي الشعور بعدم الاستقرار السياسي.
وعلى الرغم من أن النظام الإيراني أظهر مراراً استعداده لاستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين، إلا أن قدرته على قمع الانتفاضات الجماهيرية ليست مضمونة. وإذا اقتربت أسعار السلع الأساسية من مستويات التضخم المفرط، فقد تبدأ حتى قوات الأمن والكوادر الموالية – التي تعتمد على دخل ثابت – في التراجع.
وفي ظل هذه التحديات، يبدو أن إيران تدخل عاماً جديداً مليئاً بالضبابية وعدم اليقين، وسط مخاوف من تجدد الاحتجاجات الشعبية التي قد تهدد استقرار النظام.