تصاعد أزمة الملف النووي الإيراني وتحديات الوكالة الدولية للطاقة الذرية
تصاعدت أزمة الملف النووي الإيراني مع تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية استمرار مشكلة آثار اليورانيوم غير المفسرة، مما يعيق التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران. وتواجه العلاقة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران مأزقا مستمرا بسبب عدم حل مشكلة آثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة، وذلك وسط تصاعد التوتر بشأن البرنامج النووي الإيراني.
قضية آثار اليورانيوم المستمرة
وفي تصريح لصحيفة “بلومبرغ”، قال رافائيل غروسي، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن “المنطق السليم يقتضي أن لا يمكن البناء على أساس غير مستقر”. وأكد غروسي ضرورة معالجة المشكلات المتعلقة بآثار اليورانيوم التي تم اكتشافها في أماكن لم يكن من المفترض أن تشهد أي نشاط نووي.
وأضاف غروسي قائلا: “لقد اكتشفنا آثار يورانيوم في أماكن لم يكن من المفترض أن تستضيف أي نشاط نووي”. وأوضح أنه رغم الجهود المبذولة من قبل الوكالة، لم تقدم إيران حتى الآن إجابات مرضية بشأن هذه الأسئلة العالقة، معترفا بأن “حالة المناقشات مع إيران بشأن هذه القضايا لا ترقى إلى توقعات الوكالة”.
الجهود الدولية والمفاوضات
وأشار غروسي إلى أن المفاوضات مع إيران في الوقت الحالي لا تسير في الاتجاه الذي كانت تأمله الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قائلا: “حسنا، يجب أن أعترف: نحن لسنا في المكان الذي نرغب أن نكون فيه”.
وفيما يتعلق بالجهود الدولية، أشار غروسي إلى محاولات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للتواصل مع المرشد الأعلى لإيران، مؤكدا على أهمية استمرار الحوار. كما أكد أن زيارته الأخيرة إلى إيران، بالإضافة إلى الزيارة المقبلة، ستكون ضرورية للتوصل إلى حل للقضايا العالقة وتحقيق تقدم ملموس.
وأضاف غروسي أن هذه القضايا مترابطة، حيث توجد أسئلة عالقة من الماضي يجب معالجتها قبل البناء على اتفاقات مستقبلية قابلة للتطبيق.
التوترات بشأن امتلاك إيران للأسلحة النووية
كما أشار غروسي إلى أن هناك قلقا كبيرا بشأن إمكانية امتلاك إيران أسلحة نووية، قائلا: “إضافة ذلك إلى مجموعة الأسلحة النووية سيكون كارثيا في منطقة الشرق الأوسط المتقلبة”، مؤكدا على ضرورة إيجاد مسار قابل للتطبيق للمستقبل.
توبيخ دولي وعدم تعاون
في نوفمبر 2024، أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا بتوبيخ إيران، وأمرتها بتحسين تعاونها مع الوكالة وطلبت “تقريرا شاملا” حول جهود طهران في أوائل عام 2025. وجاء في القرار أنه من “الضروري والملح” أن تقدم إيران “تفسيرات ذات مصداقية تقنية” لآثار اليورانيوم وأن تسمح لمحللي الوكالة بأخذ عينات حسب الحاجة.
وعقب اعتماد قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر 2024، قامت إيران بإعادة معدل إنتاج اليورانيوم المخصب حتى 60% إلى المعدل السابق قبل 16 نوفمبر 2024، وبعد ذلك، في أوائل ديسمبر 2024، زادت بشكل كبير معدل إنتاج اليورانيوم المخصب حتى 60% في منشأة فوردو لتخصيب الوقود.
أهمية حل مشكلة آثار اليورانيوم
قرر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في قراره الصادر في نوفمبر 2022 أنه من الضروري والملح أن توضح إيران جميع قضايا الضمانات المعلقة. وتتعلق هذه القضايا بأنشطة نووية غير مفسرة في مواقع متعددة غير معلنة تنطوي على مواد نووية غير معلنة، والتي قد تكون لا تزال موجودة في إيران اليوم، خارج ضمانات الوكالة.
وقد أكد الاتحاد الأوروبي أن “استمرار فشل إيران في التعاون لا يزال مصدر قلق عميق”، مشددا على أنه “يجب على إيران التصرف للوفاء بالتزاماتها القانونية من خلال توفير جميع المعلومات وإمكانية الوصول اللازمة دون تأخير. هذا أمر ضروري لتتمكن الوكالة من التحقق من عدم تحويل المواد النووية.”
تصاعد المخزون النووي الإيراني
في الوقت نفسه، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزون إيران من اليورانيوم القريب من درجة السلاح قد ارتفع منذ إعلانها عن تسريع كبير في التخصيب في ديسمبر. وأشارت الوكالة إلى أن “الزيادة الكبيرة في إنتاج وتراكم اليورانيوم عالي التخصيب من قبل إيران، الدولة غير النووية الوحيدة التي تنتج مثل هذه المواد النووية، مصدر قلق خطير”.
وكشف تقرير للوكالة أنه اعتبارا من 8 فبراير 2025، لدى إيران 274.8 كيلوغراما (605.8 رطل) من اليورانيوم المخصب حتى 60%، وهذا يمثل زيادة قدرها 92.5 كيلوغراما (203.9 رطل) منذ تقرير الوكالة الأخير في نوفمبر. وهذه المادة على بعد خطوة تقنية قصيرة من مستويات الدرجة العسكرية البالغة 90%.
التقدم البطيء نحو اتفاق شامل
وفي بداية عام 2025، عقد المدير العام للوكالة رافائيل غروسي مناقشات هاتفية مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، حيث كرر المدير العام استعداده للعمل مع إيران لاستئناف تنفيذ البيان المشترك الموقع في 4 مارس 2023. وأشار وزير الخارجية عراقجي إلى استعداد إيران للتعاون مع الوكالة وأثار إمكانية زيارة المدير العام لطهران مرة أخرى.
إلا أنه بشكل عام، لم يتم إحراز أي تقدم نحو تنفيذ البيان المشترك المؤرخ 4 مارس 2023 خلال فترة التقرير الأخيرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.