الفصائل العراقية المدعومة من إيران تنقل مقراتها ومستودعات أسلحتها خوفاً من ضربات إسرائيلية أمريكية
قامت الفصائل المسلحة العراقية المدعومة من إيران بعمليات نقل وتغيير مواقع واسعة النطاق لمقراتها ومستودعات الأسلحة الخاصة بها خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك خوفاً من هجمات محتملة من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة، وفقاً لما أفادت به مصادر مقربة من هذه الجماعات. تمت هذه العمليات بسرية تامة وفي ساعات الليل وبالتنسيق مع الحكومة العراقية، في ظل مخاوف من ضربات محتملة في أعقاب التطورات الأخيرة، خاصة على الجبهة اليمنية.
تفاصيل عمليات النقل والإخلاء
تشمل عمليات النقل والإخلاء مستودعات الأسلحة ومواقع التمويل ومقرات إيواء العناصر. وقد جرت هذه العمليات على مدى الأيام الماضية بالتنسيق مع الجيش العراقي الذي وفر الحماية على طول الطرق الرئيسية والمناطق التي توجد فيها هذه المقرات.
وأفادت المصادر أن “كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وسرايا سيد الشهداء، وسرايا الإمام علي، وحركة النجباء، وسرايا الطفوف من أبرز الفصائل التي قامت بعمليات نقل وتغيير مواقعها إلى أماكن جديدة ومتفرقة، وشملت ورش العمل ومستودعات الأسلحة والآليات ومأوى العناصر”.
كما قامت حركة الحوثيين بإخلاء مقرها في بغداد وتفكر في إغلاق مكتبيها الآخرين في العراق بعد تحذير إيران من احتمال قيام الولايات المتحدة بضرب أهداف حوثية، وذلك وفقاً لتقرير إخباري سعودي صدر في 22 مارس.
دور إيران والحكومة العراقية
تزامنت هذه التحركات مع زيارة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني العميد إسماعيل قاآني إلى بغداد في 19 مارس، حيث حذر قادة الميليشيات العراقية من أن الضربات الجوية الأمريكية ضد منشآت الحوثيين يمكن أن “ترتد بسرعة على بغداد”. ودعا قاآني إلى “تجنب أي نشاط عسكري خلال هذه الفترة الحساسة”.
تواصل إيران والحكومة العراقية الاتحادية الضغط على الميليشيات العراقية المدعومة من إيران لـ “تجنب جميع الاستفزازات” مع إسرائيل أو القوات الأمريكية في العراق وسوريا رداً على الضربات الجوية الأمريكية التي تستهدف الحوثيين والعمليات الإسرائيلية في قطاع غزة.
وقد أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في تصريحات للتلفزيون العراقي الرسمي يوم الاثنين أن واشنطن منعت إسرائيل من شن هجوم على العراق. وأشار حسين إلى “نية إسرائيل” في الرد على الهجمات التي نفذتها الفصائل العراقية في الأسابيع الأخيرة، في إشارة إلى جماعة “المقاومة الإسلامية” التي نفذت العديد من هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة التي استهدفت مواقع إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان المحتل.
خلفية التوترات الحالية
تأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه المخاوف من تصعيد إقليمي أوسع نطاقاً. في فبراير 2024، أشارت تقارير إلى أن الميليشيات المدعومة من إيران كانت تضغط على الحكومة العراقية للسماح بتخزين أسلحتها في مستودعات حكومية عقب ضربات أمريكية.
ويأتي نقل المواقع والمعدات وسط تحذيرات من مسؤول كبير في ميليشيا حركة حزب الله النجباء العراقية المدعومة من إيران، حيث لمّح ضمنياً في 20 مارس إلى أن الميليشيات العراقية المدعومة من إيران ستستأنف هجماتها التي تستهدف القوات الأمريكية في العراق وسوريا إذا لم تنسحب القوات الأمريكية من العراق بحلول نهاية عام 2025.
تداعيات وتطورات مستقبلية محتملة
تشير هذه التحركات إلى مستوى عالٍ من التنسيق بين الفصائل المسلحة والحكومة العراقية، حيث أكدت المصادر أن “الإجراءات تمت بعلم الحكومة، وفق المنظومة المعمول بها لتنظيم حركة القوافل العسكرية بين المدن والمحافظات”.
قد تؤثر هذه التطورات على مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق، خاصة في ضوء الاتفاق بين الولايات المتحدة والعراق في سبتمبر 2024 على انسحاب مئات من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من العراق بحلول سبتمبر 2025، وانسحاب القوات المتبقية بحلول نهاية عام 2026.
ومع ذلك، أفادت تقارير بأن الحكومة العراقية الاتحادية فكرت في تأجيل انسحاب القوات الأمريكية في الأشهر الأخيرة بسبب التهديد الأمني الذي ترى أن سقوط نظام الأسد في سوريا يشكله على العراق.
تعكس هذه التطورات التعقيدات المتزايدة في المشهد الأمني في العراق، حيث تحاول الفصائل المدعومة من إيران والحكومة العراقية والقوات الأمريكية تحقيق التوازن بين مصالحها المتضاربة في ظل توترات إقليمية متصاعدة وتهديدات من مختلف الأطراف.