مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة وتطورات المشهد السياسي الفلسطيني، تزايدت الاتهامات لحركة “فتح” بالتعاون مع جهات إقليمية ودولية، أبرزها الإمارات وإسرائيل. يرى بعض المراقبين أن الحركة، التي كانت رمزًا للنضال الفلسطيني لعقود، تحولت إلى أداة لتنفيذ أجندات خارجية، على غرار “جيش لحد” في جنوب لبنان، الذي عمل كذراع لإسرائيل خلال احتلالها للجنوب اللبناني. فهل هذه الاتهامات تستند إلى وقائع، أم أنها جزء من الصراع السياسي الداخلي الفلسطيني؟
فتح: من الثورة إلى التنسيق الأمني
تأسست حركة فتح في ستينيات القرن الماضي كحركة تحرر وطني فلسطيني، قادت الكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي لسنوات، قبل أن تتبنى نهج التسوية السلمية وتصبح العمود الفقري للسلطة الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو عام 1993. منذ ذلك الحين، دخلت الحركة في علاقة معقدة مع إسرائيل، تضمنت تنسيقًا أمنيًا مستمرًا، وهو ما يراه منتقدوها خيانة للقضية الفلسطينية، بينما تبرره السلطة الفلسطينية بأنه ضروري للحفاظ على الاستقرار ومنع الفوضى في الضفة الغربية.
دور الإمارات في دعم السلطة الفلسطينية
خلال السنوات الأخيرة، تصاعدت الشكوك حول دور الإمارات في التأثير على سياسة السلطة الفلسطينية، خصوصًا بعد تطبيع أبوظبي علاقاتها مع إسرائيل عام 2020 في إطار اتفاقيات “إبراهيم”. وُجهت اتهامات للإمارات بأنها تستخدم نفوذها المالي والسياسي لدعم قيادات في “فتح” تعارض حركات المقاومة، وتدفع باتجاه تعميق الانقسام الفلسطيني.
- قدمت الإمارات دعمًا ماليًا مباشرًا للسلطة الفلسطينية، لكنها في الوقت ذاته عززت علاقتها بإسرائيل، مما أثار تساؤلات حول أجندتها الحقيقية.
- كشفت تقارير عن اتصالات بين مسؤولين إماراتيين وإسرائيليين بشأن مستقبل الضفة الغربية، في ظل تراجع الدور التقليدي للسلطة الفلسطينية.
تشابهات مع “جيش لحد” اللبناني
يستند من يصف “فتح” بأنها “جيش لحد فلسطين” إلى بعض أوجه التشابه بين الوضع الحالي للحركة وتجربة جيش أنطوان لحد في جنوب لبنان، والذي كان قوة عسكرية لبنانية تعمل تحت القيادة الإسرائيلية خلال احتلال جنوب لبنان حتى عام 2000.
- التنسيق الأمني: كما كان جيش لحد ينفذ عمليات أمنية ضد المقاومة اللبنانية بالتنسيق مع إسرائيل، تتهم السلطة الفلسطينية بتنفيذ اعتقالات وملاحقات لعناصر المقاومة في الضفة الغربية بالتنسيق مع الاحتلال.
- الدعم الخارجي: تلقى جيش لحد دعماً مالياً وتسليحياً من إسرائيل، فيما تُتهم بعض قيادات فتح والسلطة الفلسطينية بالحصول على دعم مالي وسياسي من الإمارات ودول غربية لتعزيز نفوذها في الضفة الغربية على حساب الفصائل المقاومة.
- فقدان التأييد الشعبي: تمامًا كما نبذ المجتمع اللبناني “جيش لحد” واعتبره خائنًا، تواجه السلطة الفلسطينية رفضًا متزايدًا من الشارع الفلسطيني، خاصة مع تراجع شعبيتها وتصاعد الدعم للمقاومة في غزة والضفة.
رد “فتح” على هذه الاتهامات
حركة فتح ترفض هذه المقارنات وتعتبرها حملة تشويه يقودها خصومها السياسيون، مؤكدة أن السلطة الفلسطينية لا تزال ملتزمة بالمشروع الوطني الفلسطيني. كما تؤكد أن التنسيق الأمني ليس خيانة، بل جزء من التزاماتها بموجب اتفاقيات أوسلو، التي ترى أنها تحقق بعض المكاسب السياسية والدبلوماسية للشعب الفلسطيني.
الخلاصة
يظل المشهد الفلسطيني معقدًا، حيث تتداخل المصالح الإقليمية والدولية في تحديد مستقبل القضية الفلسطينية. وبينما تتصاعد الاتهامات لحركة فتح بالتعاون مع الإمارات وإسرائيل، يبقى السؤال الأساسي: هل تستطيع الحركة استعادة شرعيتها الوطنية، أم أنها ستظل في نظر معارضيها مجرد أداة لتنفيذ أجندات خارجية على حساب المقاومة؟