تعيين سيف الدين بولاد قائداً للفرقة 76 في الجيش السوري الجديد
كشفت مصادر متطابقة عن تعيين سيف الدين بولاد المعروف بـ”سيف أبو بكر”، قائداً للفرقة 76 في الجيش السوري الجديد في محافظة حلب برتبة عميد، في خطوة تثير جدلاً واسعاً نظراً لماضيه المرتبط بتنظيم داعش وقيادته السابقة لفصيل “فرقة الحمزة” المدعوم من تركيا.
خلفية سيف بولاد ودوره في الثورة السورية
ينحدر سيف بولاد من بلدة بزاعة التابعة لمدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، وهو من المكون التركماني. قبل انشقاقه عن الجيش السوري في بداية الثورة عام 2011، كان ضابطاً برتبة ملازم أول. التحق بصفوف الجيش الحر بعد انشقاقه، وشارك في العديد من المعارك في شمال سوريا.
برز اسم بولاد خلال معاركه ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” بعد عملية “درع الفرات” أواخر عام 2016، التي أطلقتها تركيا بمشاركة فصائل المعارضة السورية. كما شارك في عمليات “غصن الزيتون” و”نبع السلام” و”درع الربيع” و”فجر الحرية”، وصولاً إلى معركة “ردع العدوان” التي أطاحت بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
ارتباطه السابق بتنظيم داعش
كان تنظيم داعش قد عيّن سيف بولاد والياً على مدينة الباب أثناء سيطرتهم عليها. وتظهر مقاطع فيديو منشورة على موقع يوتيوب سيف بولاد أثناء تزعمه لداعش في الباب، حيث يقوم بتهديد الشعب الكردي بالذبح في حال لم “يتوبوا”، ويعود الفيديو إلى عام 2014 في أحد جوامع مدينة قباسين.
وتشير بعض المصادر إلى مشاركته في عمليات تعذيب معتقلات واغتصابهن، حيث روت مختطفات كيف تعرضن للاغتصاب في سجن تابع لفرقة الحمزة بوجود أبو بكر. بقي في صفوف تنظيم الدولة حتى أواخر عام 2014 ثم غادر إلى تركيا، ليعود مجدداً في عام 2015 ويلتحق بصفوف فصائل المعارضة.
قيادته لفرقة الحمزة وعلاقاته التركية
تسلم بولاد قيادة فصيل “الحمزة” خلفاً لياسر أبو الشيخ الذي قُتل في معارك ضد تنظيم “الدولة” في ريف حلب الشمالي عام 2016. تأسست “فرقة الحمزة” في أبريل/نيسان 2016 باندماج عدة ألوية من الجيش الحر، وأعلنت انضمامها إلى “الجيش الوطني” التابع للحكومة المؤقتة في نهاية عام 2017.
يُعرف بولاد بقربه من الزعيم القومي التركي، دولت بهجلي، رئيس حزب “الحركة القومية”. كما ظهرت صور تجمعه مع زعيم “مافيا” تركية يدعى علاء الدين تشاكيجي، وهو مدان بارتكاب جرائم في تركيا وخرج بعفو استثنائي عام 2020.
أرسلت تركيا المئات من مسلحي فرقة الحمزة إلى ليبيا برئاسة سيف أبو بكر، حيث كان لهم دور رئيسي في تجنيد المرتزقة السوريين وإرسالهم للقتال إلى جانب حكومة الوفاق مقابل مبالغ مالية كبيرة. كما شاركت فرقة الحمزة في القتال إلى جانب القوات الأذربيجانية في النزاع حول إقليم آرتساخ.
تعيينه في الجيش السوري الجديد
في ديسمبر 2024، أعلن بولاد عن اجتماعه مع أحمد الشرع في دمشق للمباركة بانتصار الثورة السورية ومناقشة الخطوات العملية للمرحلة القادمة بعد سقوط نظام الأسد. وفي 29 يناير/كانون الثاني 2025، ألقى كلمة في “مؤتمر النصر” أكد فيها أن الانتصار “لم يكن وليد اللحظة بل نتيجة عزيمة لا تلين وتضحيات كبيرة قدمها الشعب العظيم”.
مؤخراً، تم تعيين بولاد قائداً للفرقة 76 في الجيش السوري الجديد في محافظة حلب. كما تم تعيين عدد من الضباط في مناصب قيادية ضمن الفرقة، منهم المقدم فرحان اليونس قائداً للواء الأول، والمقدم شادي الناصر قائداً للواء الثاني، والمقدم محمد نوره قائداً للواء الثالث، وأحمد برير قائداً للواء الرابع.
إعادة هيكلة الجيش السوري
تأتي هذه التعيينات في إطار جهود وزارة الدفاع السورية لإعادة هيكلة الجيش بعد إعلان حل جيش النظام السابق. تسعى الوزارة إلى إعادة بناء المؤسسة العسكرية على أسس جديدة من خلال تدريب وتأهيل الضباط والعناصر وفق معايير عسكرية حديثة، إضافة إلى دمج بعض التشكيلات ضمن قطاعات أكثر فاعلية.
وأفادت مصادر ميدانية بأنه من المتوقع تشكيل ثلاث فرق عسكرية جديدة تابعة للجيش السوري في محافظة حلب، تضم تحت رايتها جميع الفصائل العسكرية العاملة في المنطقة. وتشير معلومات إلى أن الفرقة 76 يتجاوز عددها الآلاف وتتألف من منشقين ومقاتلين من فصائل المعارضة من الفصيل نفسه.
تساؤلات حول التعيين
يثير تعيين سيف بولاد في منصب قيادي بالجيش السوري الجديد تساؤلات عديدة، خاصة في ظل الاتهامات الموجهة إليه وإلى فرقة الحمزة بارتكاب انتهاكات وجرائم حرب. فقد أشارت شهادات إلى ضلوع الفصيل بعمليات تصفية ميدانية للمكون الكردي في منطقة عفرين وعمليات تعذيب في السجون.
كما أصدرت المحكمة العسكرية في بلدة الراعي بريف حلب الشمالي في مايو/أيار 2024 حكماً بالإعدام على ثلاثة عناصر من فرقة الحمزة لتورطهم في اغتيال الناشط محمد عبد اللطيف وزوجته الحامل.
مع استمرار عملية إعادة هيكلة الجيش السوري، يبقى السؤال عن مدى نجاح عملية دمج قادة وعناصر الفصائل السابقة في مؤسسة عسكرية موحدة، وتأثير ذلك على مستقبل سوريا السياسي والأمني في المرحلة المقبلة.

