تشكل الزلازل تهديدًا وجوديًا للاقتصادات الهشة، خاصة في دول مثل ميانمار التي تعاني من تحديات بنيوية زلزال 28 مارس 2025 بقوة 7.7 درجات، الذي ضرب مناطق حيوية في ميانمار وتأثرت به دول الجوار، يقدم نموذجًا حيًا لتشابك العوامل الجيولوجية والاقتصادية.
هذا التحليل يستكشف الآثار متعددة المستويات للزلازل على الاقتصاد الميانماري، مع التركيز على الأضرار المباشرة، التأثيرات القطاعية، وتداعيات إعادة الإعمار
الأضرار المباشرة والبنية التحتية
أدى الزلزال إلى انهيار جسر تاريخي في ساغاينغ يعود لعام 1935، وهو شريان نقل رئيسي يربط بين المناطق الزراعية في وادي إيراوادي والموانئ الجنوبية. كما تضرر قصر ماندالاي، الذي يعد رمزًا ثقافيًا وجذبًا سياحيًا رئيسيًا، مما أدى إلى خسائر تقدر بـ 15 مليون دولار في الإيرادات السياحية السنوية.وفقًا لمسح أولي، تعرضت 40% من الطرق في المناطق المتضررة لتشققات جسيمة، مما عطل سلاسل إمداد الأرز الذي يشكل 30% من الصادرات الزراعية
تعطيل الشبكات الاقتصادية
أظهرت بيانات الأقمار الصناعية انخفاضًا بنسبة 62% في حركة الشاحنات على الطرق الرئيسية خلال الأسبوع الأول بعد الكارثة. كما تسبب تدمير محولات كهربائية في ماندالاي بانقطاع التيار عن 70% من المصانع الصغيرة لمدة 72 ساعة، مما كبد قطاع التصنيع خسائر يومية تقدر بـ 4.5 مليون دولار.
الزراعة والأمن الغذائي
تضرر 120,000 هكتار من حقول الأرز في منطقة ساغاينغ بسبب انهيار أنظمة الري، ما يهدد إنتاجية الموسم القادم بنسبة 25%. أسعار الأرز المحلية قفزت 47% في الأيام الخمسة التالية للزلزال، مما زاد من معدلات انعدام الأمن الغذائي التي كانت عند 14% قبل الكارثة.
السياحة: تراجع حاد
ألغى 85% من السياح الأجانب حجوزاتهم في ماندالاي خلال الشهر التالي للزلزال، وفقًا لاتحاد الفنادق الميانماري. تضرر متحف باغان الوطني الذي يستقبل 500,000 زائر سنويًا، مع خسائر أولية تقدر بـ 8 ملايين دولار في قطاع السياحة الثقافية.
الصناعة والاستثمار
أعلنت 3 شركات أجنبية تعمل في مجال التعدين عن تعليق عملياتها مؤقتًا بسبب أضرار في البنية التحتية اللوجستية. مؤشر البورصة الميانمارية (YSX) انخفض 7.3% في يوم التداول الأول بعد الكارثة، مسجلًا أكبر تراجع منذ أزمة 2021. تكاليف إعادة الإعمار
تقدر الخسائر الاقتصادية المباشرة بـ 1.2 مليار دولار، وفقًا لتحليل أولي من البنك الآسيوي للتنمية. تتوزع التكاليف على:
- البنية التحتية: 450 مليون دولار
- الإسكان: 300 مليون دولار
- القطاع الصحي: 150 مليون دولار
- الزراعة: 200 مليون دولار.
تحديات التمويل
تواجه ميانمار عجزًا تمويليًا يقدر بـ 600 مليون دولار، مع وجود 43% من السكان تحت خط الفقر. العقوبات الدولية المفروضة منذ 2021 تعقد جهود الحصول على قروض دولية، بينما لا تتجاوز المخصصات المحلية لإدارة الكوارث 0.3% من الميزانية الوطنية
التداعيات طويلة المدى
توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى تراجع النمو من 2.8% إلى 1.3% لعام 2025، مع احتمال انكماش اقتصادي إذا تأخرت جهود الإعمار. قطاع الخدمات، الذي يساهم بـ 43% من الناتج المحلي، قد يفقد 120,000 وظيفة خلال العام المقبل.
التضخم وسوق العمل
قفز معدل التضخم إلى 31% في أبريل 2025، مدفوعًا باضطرابات سلاسل التوريد. تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى فقدان 85,000 وظيفة دائمة، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 8.7%، مقارنة بـ 6.2% قبل الكارثة. الزلزال الأخير ليس مجرد صدمة عابرة، بل جرس إنذار لإعادة هندسة العقد الاجتماعي-الاقتصادي في ميانمار، حيث تصل تكلفة التقاعس عن العمل إلى 3.8 مليار دولار سنويًا من الناتج المهدور بحلول 2030.